تعقيد الحلول لمنعها هو هدف الحوثيين وجزء من مشروعهم للبقاء في السلطة

> تحليل- عبدالواسع الفاتكي

> اليمن والمجتمع الدولي ومؤتمرات السلام والتغريد خارج السرب
> منذ عام 2019 كثر الحديث عن السلام في اليمن، وسبل تحقيقه، غابت مفردات الانقلاب واستعادة الشرعية، وحلت محلها مفردات السلام والحلول السياسية، التي باتت الشغل الشاغل للإقليم والمجتمع الدولي.

أضحى الضخ الإعلامي الكبير لضرورة إحلال السلام بإنهاء الحرب في اليمن وفق تسوية سياسية، تهيئة لليمنيين للقبول بأي حلول قادمة، ولو كانت مبتورة عن آمالهم في أن تأتي تلك الحلول بعد هزيمة قاسية للمليشيات الحوثية، تجبرها على القبول بحلول لا تكافئها على انقلابها، أو تمنحها استحقاقات على جرائمها في حق اليمنيين.

المؤشرات والمعطيات الحالية، تقودنا للقول: إن المجتمع الدولي والإقليم قررا إنهاء الحرب، وفق خريطة السيطرة الحالية لأطرافها في الداخل، الأمر الذي يدفعنا للتكهن بأن أي اتفاقات قادمة ستفرض لإنهاء الحرب، ستكن وفق صيغة يراعى فيها تقاسم السلطة والنفوذ بين المليشيات الحوثية ومكونات السلطة الشرعية وفقًا لنفوذها وحجم تواجدها العسكري على الأرض.

للوصول لقناعة بالحلول القادمة التي سيرسمها الإقليم والمجتمع الدولي، لابد من فترة كافية للتسويق لتلك الحلول، والتي بدأت بهدنة لشهرين جددت لشهرين إضافيين، ثم انعقاد منتدى اليمن الدولي في العاصمة السويدية استكهولم، وقد تعقد في الفترة القادمة مؤتمرات وندوات عن السلام وسبل تحقيقه في اليمن، والتي ليست ذات جدوى سياسية، بقدر ما تأتي في سياق التسويق للمليشيات الحوثية، وكأنها طرف سياسي، لا مليشيات مسلحة انقلبت على الدولة وتوافقات اليمنيين.

ثمة حقيقة لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال، هي أن المجتمع الدولي ممثلًا بالأمم المتحدة فشل فشلًا ذريعًا في مواجهة خروج المليشيات الحوثية السافر على الأعراف الإنسانية والقرارات الدولية، لاسيما القرار 2216، والذي ما زال حبرًا على ورق، تم تمريره في مجلس الأمن دون فيتو، للعلم المسبق باستحالة تطبيقه على أرض الواقع أو أنه سيفرغ من مضمونه.

حرص الشرعية اليمنية والداعمين لها على البحث عن حل للصراع في اليمن في أروقة الأمم المتحدة أو دهاليز مجلس الأمن، في سياق إيجاد توافق عربي دولي،لإنهاء انقلاب المليشيات الحوثية وسعيهم لزعزعة استقرار اليمن وجيرانه، دون إدراك قصور المجتمع الدولي المتعمد في إجبار المليشيات الحوثية على وقف جرائمها بحق اليمنيين، بالإضافة لترويج المجتمع الدولي لمؤتمرات ومنتديات سلام، يزعم أنها ستوقف الحرب، لن تكن نتائجها إلا إخراج المليشيات الحوثية من عزلتها السياسية وقبل ذلك من دائرة التمرد.

لدى اليمنيين قناعة راسخة أن موقف المجتمع الدولي مما يجري في بلدهم، يراد منه استسلام اليمنيين للمليشيات الحوثية، والذي يدار بطريقة تجعل تنكيلها وبطشها المفتوح، يتوازى تماما مع سلبية المجتمع الدولي،لتحقيق أهداف وأغراض تتجاوز مصلحة واستقرار اليمن، وتمر عبر صراع داخلي، تخطى مرحلة النشوء ليدخل مرحلة التجذر، لعب فيه المجتمع الدولي دورا محوريا، لاسيما بعد تدويل الشأن اليمني، الأمر الذي جعل صراع الكبار هو صراع بين اليمنيين، من مستلزماته مواصلة المليشيات الحوثية للقتل الأعمى المغذى بأحقاد طائفية،لتعزيز تقسيم اليمنيين لفئات متناحرة منفلتة من عقالها، تمارس القتل المفتوح، تجعل السلاح غايتها وإبادة البشر وما يملكون أسمى أمانيها.

أدخل الحوثيون اليمن إلى ساحة صراع، تعج بالاحتراب والفوضى،لجني أكبر قدر من المكاسب في أي تسوية محتملة للصراع،لذلك أصبح شغلهم الشاغل هو تعقيد الأزمات، وشحن المجتمع بعناصر الخراب والقتل،بحيث لم تعد اليمن ميدان صراع بين انقلاب ومقاومته، بل ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية، تركز جهودها على استنزاف اليمن دولة ومجتمعا،بإطالة الصراع وتمزيق الأواصر ومعطيات التاريخ والثقافة، وترسم حدودًا يدور الصراع داخلها، فيها خطوط حمراء يمنع تجاوزها، ولذلك سعى ويسعى المجتمع الدولي لديمومة الصراع، حتى يتم إنضاج ظروف اتخاذ قرار خارجي حول مصير اليمن، ومن هنا يمكن فهم الحرص على منع حسم المعركة على الأرض لصالح الشعب اليمني وقواه الوطنية.

سيبذل المجتمع الدولي جهودًا كبيرة لتضع الحرب في اليمن أوزارها، حين يصل الصراع لدرجة الإشباع، وتشعر الأطراف الضالعة فيه أنه شرع في الإضرار بمصالحها ويناقض حساباتها، وهذا يعني أن القوى المحلية ليست هي التي ستوقف الحرب، وأن اليمنيين وحدهم هم من يدفعون ثمن وضع تراكمت فيه المقومات الداخلية والإقليمية والدولية لنذهب إلى ما نخشى الوصول إليه، وليأخذنا الانقلابيون الحوثيون إلى أقلمة الصراع وتدويله،من أجل بقائهم رغما عن اليمنيين محتفظين بمكاسبهم السياسية والعسكرية التي جنوها عبر فوهات البنادق.

"ميدل آيست أونلاين"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى