​جذور وأسباب الحرب واتجاهات مساعي السلام في اليمن...عبدالباري طاهر في حوار مع "الأيام"

> حاورته/ دعاء نبيل

> بدأت الحرب الشاملة في اليمن بسلسلة متلاحقة من الأحداث وتصاعدت أعمال عنف ترجع جذورها إلى استياء الشعب اليمني في عدم تحقيق الاستقرار السياسي وتوقف العملية السياسية التي أخذت وتيرة الاستقطاب بين المجموعات المختلفة في البلاد منحنى تصاعديًا متسارعًا، فاليمن تواجه ما يكفي من العوائق التي تقف حائلًا أمام عملية السلام، إن المشهد الحالي والمتعدد الأقطاب في اليمن ليس تكرارًا جديدًا لماضٍ بعيد أو سمة من سمات الماضي فلم يجتمع تحت هوية وطنية واحدة منذ توحيد اليمن عام 1990م، حينها ظهرت تطورات مهمة توضح التغييرات التي أعقبت مؤتمر الحوار الوطني الشامل أهمها أن المشهد السياسي أصبح راديكاليًا ومستقطبًا إلى أقصى حد في اليمن وعدم امتلاك نظرة شمولية تجاه الصراع اليمني المعقد على الرغم من استحالة إيجاد مسار واضح لحل الصراع.
حوار حول المشهد السياسي وزوايا الأطراف المتنازعة أجرته "الأيام" مع المفكر عبدالباري طاهر نقيب الصحفيين اليمنيين السابق وجاء فيه:


حوالي 40 حربًا شهدتها اليمن منذ 94م والحوار الوطني كان تكتيكًا لتغطية الاستعداد للحسم بالقوة

- بعد مؤتمر الحوار الوطني الشامل توجهت أنظار الناس حول تطبيق المخرجات، لكن تطلع الداخل اليمني تفاجأ بتوقف العمل السياسي واندلاع الحرب؟ لماذا توقفت العملية السياسية في اليمن واندلعت الحرب؟

- منذ حرب 94 ضد الجنوب لم تتوقف الحروب، فقد شهدت اليمن ما يقرب من أربعين حربًا أشهرها الستة الحروب ضد صعدة، وهناك حروب في الحيمتين، وفي نهم، وفي عتمة، وفي القفر-  إب، وأثناء الحوار كانت المواجهات في غير مكان بين المؤتمر والإصلاح (علي عبد الله صالح وعلي محسن)، والخطيئة أن الحوار كان يجري، والحرب متفجرة في غير مكان، والعيب أن المتحاورين لم يكونوا يعيرون الأمر الاهتمام، وكان ينبغي وقف الحوار، حتى تقف الحرب، فاستمرار الحوار مع استمرار الحرب يعني سلفًا فشل الحوار؛ لأن الطرفين الأساسيين: المؤتمر الشعبي، والإصلاح لا يراهنان على الحوار، و إنما رهانهما على الحسم العسكري، فالحرب لم تندلع بعد نهاية الحوار، وإنما اتسع نطاقها بالتحالف بين علي عبدالله صالح وأنصار الله. معنى هذا أن الحوار والعملية السياسية كانا عملية تكتيكية، وتغطية على استعداد كل منهما لحسم الخلاف بالقوة، وليس عبر الحوار، والأطراف الأخرى لم تكن مدركة لما يجري على الأرض.

الحسم العسكري صعب إن لم يكن مستحيلا

- هل كانت هناك ترتيبات واستعدادات عسكرية داخلية وخارجية لإدارة الحرب في اليمن؟
- بالفعل كانت الترتيبات والاستعدادات بل والمواجهات في غير منطقة موجودة، ودول المبادرة الخليجية غير بعيدة عما جرى، ويبدو أن هناك توافقًا في مستوى دولي على الخلاص من التجمع اليمني للإصلاح ونظام علي عبد الله صالح، وهو ما يفسر الانهيار السريع.

الحرب والسلام لم يعد بيد اليمنيين

- هل كان قرار إعلان الستة الأقاليم من ضمن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن؟

- نعم، نعم، نعم، وكان الأمريكان والشرعية ودول مجلس التعاون الخليجي أكثر حماسًا لذلك، ولكنه ليس السبب الوحيد، فتدمير الكيان اليمني، والجيش، وتفكيك المجتمع أهداف رئيسة.

- بعد صدور القرار 2140 من مجلس الأمن الدولي حول اليمن، هل تلمست عناية حثيثة من مجلس الأمن الدولي في تطبيق بنود القرار وخاصة في الجزء المعني
بالعقوبات أمام المعرقلين لسير مرحلة الانتقال الديمقراطي في اليمن؟

- القرارات الدولية يخضع تنفيذها للقوى العظمى النافذة في مجلس الأمن، ومدى أهمية هذه القضايا بالنسبة لهم؛ فهناك قرارات تصدر ولا تنفذ؛ لأن إرادة القوى النافذة لا تريد ذلك، أو لم تتوافق على الحل، اليمن ليست القضية الأهم لهذه القوى، وهناك قضايا كبرى تحظى باهتمام هذه الدول، وفرض عقوبات يستلزم توافق هذه الدول.

- تشكلت لجنة أممية معنية بمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني 2013، إلى أين انتهى دورها؟

- لم تشكل لجنة دولية لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار، وإنما شكلت بقرار من الرئيس عبدربه منصور هيئة وطنية للإشراف والرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار ولم يكن هناك توافق عليها، واعتبرت من القرارات غير المتوافق عليها شأن تشكيل ممثلي الحوار في الجنوب.

- بنظرك، لو بدأنا نحلل جذور وأسباب توقف العمل السياسي، وبدأنا نحلل ساعة الصفر لاندلاع الحرب في اليمن، ماهي الأسباب الأقدم، وماهي الأسباب التي توالت مع مجريات الاحداث من القوى السياسية التي وضعت نفسها في مواجهة امام الشرعية اليمنية؟

- الأسباب الأقدم والأساس صراع داخل الأسرة الحاكمة في سنحان على الوراثة ما بين أحمد علي عبد الله صالح كإرادة علي عبد الله ومحاربيه وجيشه، وما بين علي محسن، ومعه التجمع اليمني للإصلاح، وأبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، و امتد إلى دول الخليج، فقد وقفت قطر إلى جانب التجمع اليمني للإصلاح كتيار إسلامي، وكان موقف السعودية والإمارات العربية المتحدة غامضًا ومموهًا، ولكنه في الواقع ضد علي عبد الله صالح مع تغذية الصراع، أما الأسباب التي توالت فقد نجح علي عبد الله صالح في التحالف مع أنصار الله، وتسليمهم وحدات الجيش وأهم المواقع العسكرية ليزحفوا على قوة الإصلاح الرئيسة في عمران، وبسقوط عمران أصبح الطريق ممهدًا للدخول إلى صنعاء، ويبدو أن أطرافًا عديدة كانت ضد التجمع اليمني للإصلاح، وحصل ما يشبه التوافق على هزيمته حتى من الشرعية نفسها.

حكومة المناصفة تعبير عن خلاف السعودية والإمارات على اقتسام البلاد

- يتجه الصراع في اليمن إلى رسم خارطة للصراع وبمقاطعات عسكرية تارةً تكون واضحة، وتارةً تنكمش أركانها، هل كان من الممكن أن ترى التقسيم الأكثر وضوحاً لمواقع قوى الصراع على الأرض؟

- الحرب في اليمن أهلية بالدرجة الأولى في المراحل الأولية، وإقليمية ودولية في المرحلة الثانية، ولكن استمرار الحرب حوَّلَ اليمن إلى ميدان قتال لصالح الصراع الإقليمي والدولي، وتحولت الحرب إلى حرب بالوكالة، فلا يمكن حل القضية بدون التوافق بين إيران و الأمريكان والسعودية؛ وهو ما يفسر إطالة أمد الحرب؛ فالحسم العسكري صعب إن لم يكن مستحيلًا، واستعصاء الحل السياسي مرده الارتهان للحل الإقليمي، وبروز تيارات ومليشيات واختفائها عائد إلى تكتيكات القوى الداعمة للحرب، وبالأخص التحالف السعودي - الإماراتي، وخلافاتهما على الاقتسام قبل الانتصار، وتبدل تحالفاتهما وتكتيكاتهما من حين لآخر.

توافق دولي للخلاص من الإصلاح والحل السياسي مرهون بالإقليمي

- حول اتجاهات مساعي السلام في اليمن، والأدوار المفقودة في مجال تحقيقها، لعبت الوساطات الأممية دورًا بارزًا لتحقيق التقارب بين أطراف الصراع، هل ترى أن هناك أدوارًا مفقودة سواء من مكتب المبعوث الأممي لليمن، أو أطراف الصراع، أو ربما يؤجل تناولها؟

- مساعي السلام معطلة، والمبعوثون الأمميون يتغيرون دون نتيجة؛ لأن القوى الإقليمية والدولية لم تتوصل إلى حل لمشاكلها؛ فعندما تحل قضايا الملف النووي الإيراني والصراع الخليجي ستهطل البركات على اليمن، فأمر الحرب والسلام لم يعد بيد اليمنيين وحدهم، وإنما هو مرتبط بصراعات إقليمية ودولية، فلا يمكن أن مشكلة الحرب في اليمن تحل بدون حل الصراع الإقليمي.

- جاءت حكومة المناصفة لكي تنفذ مهامها وتطبع مظاهر السلام في المناطق المحررة، برأيك ماذا يتطلب منها؟

- حكومة المناصفة تعبير عن خلاف السعودية والإمارات، وهما يلعبان على الصراعات الجهوية والمناطقية والموروثة من 13 يناير 1986 حتى يتفقا على الاقتسام، فالإمارات ترى أنها من حرر الجنوب، ولا بد من أن يكون لها اليد الطولى في الموانئ والجزر ومناطق الثروة، في حين ترى السعودية أن اليمن كلها منطقة نفوذها، واليمنيون كلهم يرفضون ذلك، وجزء كبير من المجتمع الدولي لا يقبل بذلك.


قادة الحرب والداعمون استبعدوا المرأة والشباب من الحوار والحل

- كيف تقيم أدوار النساء اليمنيات والشباب، وأهمية مشاركتهم في مفاوضات السلام اليمنية؟

- النساء والشباب مستبعدون من الحل، ويريد قادة الحرب "المليشيات"، والداعمون استبعاد المرأة والشباب، ولكن يستحيل أن يكون قادة الحرب هم سبب الكارثة، وأساس الحل اشتراك المرأة والشباب، ولا يمكن تصور حل سياسي قادم بدون مشاركتهم، والمجتمع الدولي كله سيكون مع إشراك المرأة والشباب في الحوار والحل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى