​مهلا أيها المزورون ..!

> محمد العولقي

> * يمكنك أن تحرق كل ملفات الماضي ، وتتبول عليها ، بل وتتغوط إن شئت ، لكنك لن تحرق التاريخ، ولن تصادر أحداثه ولن تمنعه من التحليق في فضاء الحق والفضيلة ، ويمكنك أن تزور الهوية وأن تبني في خيالك جبالاً من المغالطات والأوهام ، لكنك لن تجد وسيلة واحدة للتحايل على التاريخ وغسل أدمغة الناس بالأكاذيب.

* يمكنك أيضا أن تسرق وتسطو على كل الأرشيف وتعدم أوراقه زوراً وبهتاناً ، لكنك حتماً ستفشل في تزوير أرقام التاريخ أو حتى تحويرها وأدلجتها سياسياً.

* تابعت بقلب مثقوب من الألم بعض (الجهلة) في الفضائيات اليمنية وهم ينسفون ماضي رياضة الجنوب ، ويتجنون على تاريخها من خلال استنساخ المغالطات بهدف إدخاله دائرة النسيان لأهداف يعلمها كل من في رأسه خلية مخ.

* عندما تنعدم الأخلاق وتصبح الفضائيات (مجرد شاهد زور) على تحريف التاريخ ، ثم  تنعق وتنعب بمغالطات تفرضها علينا كحقائق وطنية دامغة فليس أمامي إلا امتطاء صهوة الإفحام مستخدماً صميل التاريخ للرد على هواة التزوير وطمس التاريخ بالتغرير.

* عمر رياضة الجنوب 117 سنة ، بالتمام والكمال ، تشهد لها (الجمعية الرياضية العدنية) ، التي تأسست في عام 1934 لترتيب وضع الأندية الكثيرة ، ويشهد لها نادي التلال الرياضي الذي تأسس عام 1905، وبعد كل هذا الإرث الرياضي الكبير الذي يفرض رياضة الجنوب (رائدة في الشرق الأوسط) ، يأتي بعض المعتوهين والمصابين بداء الأمية والجاهلية ليختزلوا رياضتنا في عمر دولة الوحدة.

* تخيلوا .. شعب عظيم يمتلك تاريخا رياضيا حافلا وزاخرا دخل في شراكة مع شعب له أيضا تاريخ، لا يمكن إنكاره وإن كان منسوبه أقل من الناحية الزمنية ، لكن بقدرة (غادر) يذوب إرث رياضي عظيم في فنجان (وحدوي) عمره فقط 32 عاما ، فأصبحنا بهذه الحسبة خلف منغوليا وبوتان وجزر القمر.

* قبل أعوام تجنوا على تاريخ منتخب اليمن الجنوبي ، وبجرة قلم نسبوا فضل التأهل الأول لنهائيات كأس آسيا لمنتخب 2019، ولأن الكذب حبله قصير خرج الاتحاد الآسيوي نفسه ليؤكد بالأرقام والنتائج أن (منتخب اليمن الجنوبي) كان أول من بلغ النهائيات في طهران عام 1976 ، إنه تاريخ مجيد كانت فيه معظم رياضة الخليج ، مجرد نطفة وعلقة في رحم الغيب .. وقبلها أيضا طمسوا حقيقة منتخب ناشئي اليمن الجنوبي ، الذي كان أول من تأهل إلى نهائيات كأس آسيا للناشئين عام 1985 في الدوحة ، ومنحوا صك الامتياز لمنتخب عام 2002.

* حتى تاريخ النجم الكبير (أبو بكر الماس) لم يسلم من عبث العابثين ، ففي سابقة احتيال ، هي الأولى من نوعها ، مسحوا أسبقية الماس ، الذي يحمل لقب أول لاعب يمني سجل هدفا في تصفيات كأس العالم في مرمى البحرين ، ومنحوا اللقب ظلماً وعدواناً للاعب وحدة صنعاء عبد الناصر عباس .. الهداف الشعلاوي محمد حسن (أبو علاء) طمسوا أهدافه التي سجلها قبل عام (الوحدة) ، فلم يعد بهذه الحسبة المهترئة صاحب الرقم القياسي كهداف للدوري اليمني.

* في كل مرة كنت أتصدى وحيداً لحرب تزوير وطمس الحقائق ، وفي كل جولة أكسب الرهان متسلحاً بأرقام التاريخ التي لا تكذب ولا تتجمل ، وتتنامى الحملة المستعرة لطمس تاريخ وهوية رياضة الجنوب بطريقة منظمة تدار من مطابخ سياسية تسعى لتغطية عين شمس رياضة الجنوب بغربال الوحدة اليمنية.

* هذه المرة خرج علينا محللون لا يأخذون من البقر حليبها فقط وإنما خوارها وتفكيرها وتمادوا في غيهم مجردين منتخب اليمن الجنوبي للشباب من حقه الأدبي والتاريخي، هكذا بدون كسوف أو حتى حمرة خجل.

* الجماعة اخترعوا لنا تاريخاً من خرم إبرة ، ما بعد عام 1990م ، وعندما تواجه منتخب اليمن مع المنتخب السعودي في بطولة كأس العرب ، انهمر سيل المغالطات والكذب بمختلف ألوانه ، فقد طلعوا علينا بمعلومة ركيكة المبنى مختلة المعنى تقول : أول مباراة على مستوى فئة الشباب بين المنتخبين اليمني والسعودي جرت في صنعاء عام 2003م في تصفيات كأس آسيا وكسبها منتخب اليمن بهدفين دون رد.

* ولأنني أكره سرقة التاريخ وأمقت قلب الحقائق وأحقد حقد الجمال على مزوري التاريخ، فهذا ردي مدعم من موقع الاتحاد العربي لكرة القدم : في عام 1985 التقى منتخبا اليمن الجنوبي والسعودي في بطولة كأس فلسطين التي أقيمت في الجزائر ، وانتهت المباراة بالتعادل السلبي، وقتها تنفس مدرب المنتخب السعودي البرازيلي (إيفو) الصعداء ، منوها إلى صعوبة هذا المنتخب المنظم الذي قاده المدرب الوطني أحمد صالح قيراط.

* ولكي تفخروا بهذا المنتخب ، وتنصفوا مدربه الكابتن (القيراط) في قبره ، اتضح بعد ذلك أن منتخب اليمن الجنوبي كان  المنتخب الوحيد الذي وقف الند للند في وجه المنتخب السعودي ، الذي اجتاز بعدها كل المنتخبات بمنتهى السهولة ، بما فيها الجزائر إلى أن توج بطلا على بساط الجدارة والاستحقاق.
 
* كان منتخب اليمن الجنوبي الوحيد الذي انتزع نقطة ثمينة من مخالب الأخضر السعودي والوحيد الذي لم تهتز شباكه وحافظ عليها عذراء دون باقي المنتخبات العربية .. كل أمة تفخر بتاريخها بين الشعوب وتحتفي به وتخلده وتفرضه منهجاً للأجيال اللاحقة إلا بلدنا اليمن الذي ابتلي بعقليات كرتونية مربعة لا تفهم قيمة القديم ولا تتبناه كنديم .. خذوا هذه الواقعة من شعب ألماني يحترم التاريخ ولا يتجرأ على طمسه تحت أي ذريعة : في الشهر قبل الماضي ، تلقى اللاعب يورغن شبارفاسر خطاباً من الاتحاد الألماني لكرة القدم يهنئه بمرور 48 عاما على هدفه في مرمى منتخب ألمانيا الغربية في نهائيات كأس العالم بميونخ عام 1974.
 
* كان اللاعب وقتها يمثل منتخب ألمانيا الشرقية ، وبهذا الهدف فازت المانيا الشرقية على جارتها الغربية ، في قلب ميونخ و حرمتها من تصدر المجموعة .. بعدها تحولت البرقية إلى حدث تناولته كل الفضائيات الألمانية دون أن يظهر من بينهم أحمق يقول : هذا الاحتفال خطر على الوحدة بين الألمانيتين.

* أسأل هنا : هل يمكن للاعب مثل (جمال حمدي) أن يحتفي بعد شهر تقريبا بهدفه (التحفة) ، في مرمى الكابتن عبد الجبار عباس حارس مرمى منتخب اليمن الجنوبي آنذاك؟، ووقتها كان الكابتن جمال حمدي قائداً لمنتخب اليمن الشمالي في البطولة الرباعية التي أقيمت في عام 1985 بصنعاء احتفاء بالذكرى الثالثة والعشرين لثورة 26 سبتمبر ، لكن إحقاقاً للحق شارك منتخب اليمن الجنوبي في الدورة الرباعية بمنتخب الشباب بتوجيه مباشر من الرئيس علي ناصر محمد ، عوضاً عن المنتخب الأول لأسباب ليس هذا وقتها.

* بالطبع لو خرج (جمال حمدي) واحتفى بهذا الهدف ، ستقوم عليه القيامة ، وكانوا سيصفونه بالخيانة ، ويتهمونه أنه انفصالي وضد الوحدة، وربما ينفونه إلى جزيرة نائية في أحسن الأحوال.
 
* طيب ماذا لو أن الفاكهة صالح الحاج خرج عن صمته وأعلن أن أجمل هدف سجله في تاريخه كان في مرمى منتخب اليمن الشمالي بالكويت عام 1988 في تصفيات كأس آسيا للناشئين ، هل سيتقبل مزورو التاريخ هذه الحقيقة بروح رياضية؟ أم سيهاجمون صالح الحاج ويتهمونه بالعمالة بحجة أن هذا الهدف خطر على الوحدة اليمنية وحنين إلى ماضي الرفاق؟

* كل الأمم تحترم التاريخ القديم على أساس أن من ليس له ماض ، ليس له حاضر إلا في اليمن ، حيث يصبح الحديث عن رياضة جنوبية عمرها زهاء 117 عاما خيانة وطنية عقوبتها الإعدام برصاص القذف والسب والشتم والخيانة العظمى..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى