الحوار الجنوبي - الجنوبي

> كان الحوار الجنوبي الداخلي أبرز الغائبين في زفة الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م ربما بتأثيرات انعكاسية سلبية خلفتها أحداث 13 يناير 1986م، حيث كانت شهية الثأرات مازالت طاغية بين الإخوة الأعداء.

وما كان يجب أن ندخل الوحدة بجبهة جنوبية تصدعت للتو، ونصفنا الآخر ماسك على الزناد في صنعاء وفي ترقب حذر لمآلات مسار التوحد الجديد بتلك الهرولة التي شهدها العالم يومذاك.

كانت جبهة التحرير التي أقصيت عن المشهد في الجنوب وارتحلت مكسورة إلى الشمال قبيل وبعد الاستقلال الوطني في نوفمبر 1967م تنظر إلى ما هو أبعد من المشهد العاطفي للوحدة واعتلت على جراح الماضي فانطلقت ترسل رسائل التحذير إلى أعداء الأمس إخوة اليوم في عدن مبينة مخاطر التعامل مع نظام صنعاء حتى وإن كان نور الوحدة يشع من جبين قادته، فهي قد خبرته تماما على مدى عقدين ونيف من السنين.

فأرسلت رسولين هما المناضلان الشيخ عبد القوي محمد شاهر والشيخ عبدالله درويش العزيبي إلى لقاء من يمثل حكام عدن في لقاءين منفصلين في أنقرة وتونس لفرملة القادمين من عقبة عدن إلى باب اليمن، ولكن لا حياة لمن تنادي.



ومثل ذلك فعلت رابطة أبناء الجنوب المقصية هي الأخرى، لكن دون استماع من حكام عدن لها أيضا وكأنهم يقولون:

لقد أنلتك أذنا غير واعية

ورب مستمع والقلب في صمم

كان خنجر الغدر بالوحدة تحت مئزر الثأر لحربي 1972م و1979م فعقلية ورثة الإمام العدنانية الهاشمية، بالإمامة القحطانية الجمهورية الخارجة من رحم سبتمبر 1962م تخضع لموروث العقيدة الزيدية المتمثل بـ (فتح) التهائم جنوب ذمار وعودة الفرع للأصل كما عبر عنه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مبكرا بعد استقلال الجنوب وهو ما رفضه بقوة السياسي الجنوبي المعروف محمد علي هيثم.

الآن يدرك المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس قاسم الزبيدي أهمية رأب الصدع الجنوبي المزمن ودعوة الجميع للحوار فليس من طريق آخر سوى الحوار للخروج من براثن واقع كنا ضحاياه جميعا منذ تشكل الجمهورية الأولى بعد الاستقلال في نوفمبر 1967م بل ومن قبل ذلك.

حس اللواء القائد الزبيدي يذهب لاستلهام دروس الماضي وينطلق من حقائق اليوم نحو المستقبل لوحدة جنوبية جنوبية بما يجمع الناس ولا يفرقهم، متخذا من فن الممكنات السياسية المتاحة من خلال موقعه كنائب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والذي بات، من خلال تحركاته اليومية، إنه لصالح عدن والجنوب من خلال تأهيل وإعادة التوازن إلى الجنوب الذي خسر كثيرا وآن له أن يقف على قدميه بشجاعة ومقدرة هذا القائد.

ودون التفات إلى من جبلوا على البكاء على اللبن المسكوب والوقوف على الأطلال نواحا كما كان يفعل الشعراء الجاهليون.

إن معيار البدايات الصحيحة للحوار الجنوبي الواسع سوف تفضي إلى مخارج صائبة بالأساس لتحديد مستقبل هذه الأرض ومن عليها ببناء دولة الجنوب واستعادتها هذه المرة من فم طاهش الحوبان محصنة بمزايا العصر وقوانينه السائدة: الديمقراطية والحرية والعدالة والمواطنة المتساوية، بعيدا عن الديكتاتورية والإقصاء والمناطقية والفئوية والشللية، وأن يبنى الجنوب ليبقى مستوعبا كل أبنائه دون تمييز.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى