​دمال جداتنا في نيويورك

> قَالَ انطونيو جوتيريش إن ركود "سوق الأسمدة" في العالم بسبب حرب روسيا وأوكرانيا أدّى إلى مشكلة خطيرة في الأمن الغذائي.
هو يشير بعبارته إلى أن تحرير السماد من حصار الحرب وتوزيعه على الدول الغنية بحقول القمح يكون سبباً لنماء الزرع في الحقول ووفرة الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي.

سبعة أشهر من الحرب في شرق أوروبا، أفقرت العالم وعرّضته للمجاعة وأزمة الطاقة وأخافته من النووي، واستنفر العالم وما غمض له جفن.
سبع سنوات حرب في اليمن ودخلت الثامنة والشعب يعيش على باب الله، وتسأل مواطن عن حاله فيرد عليك: الحمدُ للهِ.. ربنا كريم. شعبٌ مُدهش.

من أخبر جداتنا أن مخلفات الماشية سماد عضوي طبيعي لإخصاب التربة وزيادة المحصول قبل أن يهتف انطونيو من نيويورك لفك حصار السماد بسبب الحرب؟
لقد رأينا في أزمنة مضت جدّاتنا وأجدادنا الأوائل يخرجون مع الصباح إلى حضائر الأغنام لكنسها وجمع مخلفات الماشية في أكياس وأوعية خاصة لتجفيفها والذهاب بها إلى الأرض الزراعية ومزجها بالتربة لإخصابها.

كانوا يدركون أن هذه المخلّفات أنظف وأنقى من المُبيد المُميت والسماد الكيماوي القاتل الذي يدمّر الإنسان والحيوان والبيئة، ثم ينبري زعيم هيئة الأمم  المنصة الرخامية الخضراء في نيويورك يقول، "يجب أن ننهي حربنا الانتحارية ضد الطبيعة"، بينما العالم من حوله يشهد سباقا في التسلُّح بصورة غير مسبوقة.

لو عُدِمَ السلاح فهل حروب العالم كانت العالم ستقوم؟، وهل ستلحق بالبشرية كل هذه الأزمات الطاحنة؟
يا زعماء العالم.. إنّ عالمنا بحاجة ماسّة للسلام وليس السلاح.

وعلى ذكر سوق الأسمدة في نيويورك لنذهب إلى لحج الخضيرة، فقد كان خبر تأسيس التعاونيات الزراعية سارّاً ورائعاً لاسيما أن هذا النشاط قد عُقِدَ تحت شعار جميل "من أجل إعادة الدور الريادي للقطاع التعاوني الزراعي الجنوبي وتعزيز إسهاماته في تحسين وزيادة الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة".

يُبدع أبناء الخضيرة حين يناضلون لوقف الزحف العمراني للأراضي الزراعية، لأنهم يريدون أن يحفظوا لبلدتهم تاريخ من الاخضرار.

خبر سار أن يتلقّى 120 مزارعاً في وادي تُبَن منهم 70 امرأة  دورة تدريبية في صناعة السماد العضوي "الكمبوست"، وهو بديل أخضر للسماد الكيماوي، حيث يؤكد المعنيون بالشأن الزراعي أن 195 مبيداً حشرياً محرّماً دولياً ما زالت في أيدي المزارعين.
وجميل أيضاً أن تكون محافظة أبين قد شهدت دورة مماثلة لـ90 مزارعاً في صناعة السماد العضوي.

ثورة زراعية
إنْ كان زعماء العالم يؤكدون قيمة السماد في زيادة خصوبة التربة لوفرة الإنتاج، لاسيما حبوب الطعام لتغذية البشرية، فإن أجدادنا في الجنوب في البادية والحَضَر قد أخبرونا بقيمته من زمان، وهو "دمال" جداتنا في الأرياف صديق التربة والبيئة.
يبقى من المُبهِج أن يدشّن أبناء الجنوب ثورة زراعية تنطلق من لحج وأبين على طريق الجنوب الأخضر الناهض.

إن المعالي لا تُنال بالأحلام ولا بالرؤيا في المنام، وإنّما بالحَزْم والعَزْم.
لا تحسبِ المجدَ تمراً أنتَ آكِلُهُ
لنْ تبلغَ المجدَ حتى تَلْعقَ الصَّبِرَا
إنّ الدولة المنشودة تتطلب أولاً انبعاثة في حقول الزراعة. تحية لجدّاتنا الماجدات اللاتي لم يتعلمن في المدرسة، لكن ألفناهنّ خبيرات في شؤون الفلاحة وفنون الزراعة، فتعلمنا منهن في القرية هذه النصيحة الصباحية:

"شِلْ يا ابني هذا الدمال واسكبه في الترعة، الله يصلحك". هذا يوم أن كانت السنابل مثقلة بالحبوب، والخير دائم والبركة وافرة، والقطن طويل التيلة علامة الجودة التي لا تُقارن، وسفير الجنوب الاقتصادي الذي يطوف في كل الأقطار.
تحية لِمَن قال، "بُوسْ التراب".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى