الهدنة ليست حلا

> يظل شبح الحرب بمآسيها جاثيا في نفوس من عانوا من تبعياتها وويلاتها المؤسفة المتكشفة على كل صعد الحياة، فمعاناة اليمن عموما على مدى ثمان سنوات حرب لا توصف من حيث حجم ضحاياها، فهل تشكل الهدنات المتجددة سبيلًا للحلول النهائية؟ ذلك ما يأمله الجميع وإن كانت بعض التصريحات تشير إلى هشاشة الوضع وقابلية الأمور للاشتعال مجددا. مثل تلك الهواجس لا شك منطقية إلى حد بعيد من منظور غياب الرؤية للحلول السياسية التي جراءها يشعر الجميع بمساحة أمل بانفراجة حقيقية في وضع أزمة -هي وفق الكثيرين- من أشد الملفات تعقيدا في هذا الجزء من العالم، ناهيك عن أن الحرب واستمرارها شكلت بالنسبة للمستفيدين سبلا لتحقيق غاياتهم، أقصد على الصعيد الداخلي بدليل الكثير من الطرق التي تسعى عبرها تلك الأطراف إلى إحداث الخلط ومنع الاتجاهات الساعية إلى تحقيق السلام.

هكذا هو حال إطالة أمد الحروب تزيد تفاقمات الحياة، بل ظهور حروب أخرى مصاحبة على كل مناحي الحياة خصوصا تلك التي تستهدف المجال الاقتصادي المرتبط بمعيشة السكان في ظل ترديات عارمة على هذا الجانب تزيد حدة الأمور تفاقمًا وتؤسس لبؤر فساد تمنع الكثير من الإصلاحات، ناهيك عن غياب الأنشطة السكانية التي تعد من الموارد الهامة لأي كتلة بشرية، فما تعانيه اليمن عموما هو نمط من حدة التداعيات التي عكست نفسها على معيشة السكان فاقمت من مستويات البطالة وغياب الخدمات وجميعها عوامل تتطلب الاستفادة من أي هدنة باتجاه تفعيل العمل بوتائر عالية في تسريع الشق السياسي، فالوضع وفق معطيات كثيرة لا يتحمل الخوض في مغامرات عسكرية جديدة تجعل من المتعذر التكهن بنتائجها على المدى القريب والبعيد، فهل بمقدور القوى السياسية تجاوز الماضي والتفكير بجدية في مصالح ملايين السكان يكابدون مشقات بالغة جراء مسلسل مآسٍ تركت كل هذه الآثار المدمرة في واقع بلد فقير؟ وهل تسهم الأطراف الدولية في وضع لبنات حقيقية لوقف الحرب؟ فاستمرار تجدد الهدنة لا يعطي مؤشرات باتجاه تجاوز المعضلة إن لم تلازمه مساعٍ سياسية تضع الإطار لحلول عادلة تتجاوز في مضمونها حالة الخلط التي كانت قبل اشتعال الحرب، فالهدنة -وفق كل المعطيات- وقتية ولا يمكن استمرارها إلى ما لا نهاية.

نأمل أن نرى مساعي حثيثة وواقعية باتجاه الحلول النهائية فعندئذ يمكن التفاؤل بواقع مختلف ينهي صفحة آلامنا وأحزاننا بكل صورها الدامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى