أطفالنا هم أمل المستقبل (2)

> يتكون نسيج شخصيتنا من مئات الخيوط الأخلاقية المتشابكة معا بفضل الدروس النظرية التي تعلمناها منذ طفولتنا، وتداخلت في ذاكرتنا وشكلت هويتنا، بينما تظل المواقف والتجارب العملية هي منبع الألوان والأصباغ المتنوعة، والتي أعطت لكل خيط منها لونا وبريقا خاصا وجمالا باهرا.

نعم المواقف التي عشناها مع الوالدين والمعلمين، وتجاربنا مع كل المحيطين بنا، تركت كلا منهم في نسيج شخصيتنا لونا مميزا، كلما نمر بحالة مشابهة نرجع لنفس لون الخيط المتداخل في تكوين خامة حياتنا، فمثلا عندما بكيت بحرقة في حضن أمي وأنا أشكو لها عن زميلتي التي تضربني أمام رفيقاتي ابتسمت وقالت: سامحيها بنيتي، وغدا تقاسمي معها اللقمة، واعطيها من وجبة فطورك في الاستراحة، فصارت تلك الزميلة صديقتي المقربة، فتعلمت أن "المحبة هي الجواب" لكل مشكلة، ولا أنكر أنني اليوم أغضب بشدة حينما تعود ابنتي من المدرسة وتبكي من تصرفات صديقتها في المدرسة.

أبي الذي رآني أذاكر دروسي في وقت متأخر، فجلس بجانبي كي لا أشعر بالوحدة وهو مرهق وفي غاية التعب، لقد علمني "الصبر والمشاركة وجمال المرافقة حتى في أصعب الظروف"، وإذا تكرر الموقف مع بناتي أفكر في فصل نفسي عن الموقف كي لا اضطر للسهر معهن.

معلمتي التي أشرفت على تعليمي كانت تضع تحت كل كلمة خاطئة في الإملاء خطًا وتقول لي اكتبيها 10 مرات علمتني الاستمرار في التعلم وتصحيح الخطأ، بينما أنفجر غيظا إذا رأيت الخطأ في فروض ابنتي الصغيرة، ولكنني أعود لنفس لون الخيط الذي تداخل في نسيج شخصيتي، وأسترجع نفس منهاج التربية، وأحاول تطبيقه في مواقف مشابهة.

نعم ألوان التجارب والمواقف العملية في حياتنا هي التي تحدد فخامة نوع نسيج شخصيتنا وجودة تعاملنا مع الآخرين، وما سنفعله بمن هم أصغر منا سوف يكررونه مع من هم أصغر منهم عندما يكبرون، بل لا ندري ربما يكررونه معنا أيضا.

إننا نحمل ألوانا متنوعة من تلك الدروس التي مررنا بها واكتسبناها في طفولتنا، فلنلون تلك الخيوط المتداخلة في نسيج شخصية أطفالنا بأجمل ألوان الفضائل الروحانية، وهكذا سنضمن لهم حياة طيبة مشعة بأبهى القيم والمبادئ، ودمتم سالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى