لا بدائل تعوض إيقاف الصادرات

> لعل التطور الأخطر على الإطلاق في الحرب المستمرة لحوالي 8 سنوات متواصلة هو إيقاف الصادرات النفطية على إثر هجمات الطائرات المسيرة على منشآت وموانئ تصدير النفط التي بدأت في 18 و 19 أكتوبر الماضي على مينائي الضبة والمشيمة والذي تسبب مباشرة بوقف إنتاج وتصدير النفط وتوقف شركتي جنة هنت الأمريكية وكالفالي بتروليوم الكندية عن العمل.

إن تلك الأفعال المدمرة ستكون لها تداعيات خطيرة للغاية على النشاط الاقتصادي للبلد حيث ستسبب في إيقاف الإنتاج والتصدير وهروب الشركات الأجنبية العاملة في الحقول والقطاعات النفطية ويضع السلطات الرسمية أمام تحدي حماية السفن الناقلة للنفط الخام وحماية حقول وموانئ تصدير النفط.

كما هو معروف فأن الشغل الشاغل لكل دول العالم هو العمل بكل السبل لزيادة الصادرات.

إن أهمية الصادرات تتمثل في اعتبارها المورد الرئيسي من النقد الأجنبي مما يساعد في زيادة النمو الاقتصادي والذي يساعد في خلق فرص عمل جديدة وتقليص حجم البطالة وزيادة دخل الأفراد وزيادة الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي تحقيق الانتعاش الاقتصادي، كما تلعب الصادرات دورا هاما في جذب الاستثمارات المحلية والدولية وزيادة حصيلة الدولة من الضرائب، كما تلعب موارد الصادرات من العملات الأجنبية دورا هاما في تمويل الواردات للبلد، وكما هو معروف اعتماد اليمن اعتمادا شبه كليا على الاستيراد في تلبية احتياجات المواطنين العامة، وأن وقف الصادرات سوف يتسبب بخسارة كل تلك المنافع دفعة واحدة.

إن الصادرات النفطية هي المورد الأخير للحكومة الذي يدعم موازنة الدولة ويعتمد عليه البلد في تأمين حاجاته الأساسية في الظروف العصيبة التي يمر بها البلد من تداعيات اقتصادية وإنسانية خطيرة.

لعل أهم التداعيات المباشرة لوقف إنتاج وتصدير النفط تتمثل في:

. اختلال هيكلي في الميزان التجاري للدولة - أكثر مما هو مختل أصلا- وزيادة التضخم في الأسعار وتدهور سعر صرف العملة المحلية، وبالتالي التأثير على حياة السكان.

. إن اختلال العلاقة بين الصادرات والواردات أمر في غاية الخطورة سيؤدي إلى اختلال هيكلي شامل في مجمل الاقتصاد الكلي للبلد مما يتسبب في اختلال عميق في ميزان الحساب الجاري وحساب الرأسمال في ميزان المدفوعات وضعف قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية محليا ودوليا.

. وقف التحسن الاقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة، وبالتالي وقف الإصلاحات الاقتصادية ومنها عمليات المزاد ووقف تحسين الأداء المالي المأمول للحكومة.

. وقف الرواتب ووقف النفقات على الخدمات الأساسية.

. تدهور الوضع الإنساني وزيادة الفقر والمجاعة وسوء التغذية بشكل متزايد وخطير.

. تهديد السلام والأمن محليا ودوليا والأضرار الجاد بمصالح الداخل والعالم.

صحيح قد تحصل الدولة على منحة مالية كبيرة على شكل ودائع من السعودية والإمارات وستلعب -مؤقتا- دورا هاما في التخفيف من آثار وقف الصادرات لكن الخسارة كبيرة حيث إن ترافق الصادرات مع الوديعة كان سيعين كثيرا في تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الحادة التي تعصف بالبلد، لكن يمكن القول إن كل ذلك لن يعوض على الإطلاق وقف الصادرات النفطية.

إن الاكتفاء بالاعتماد على الغير في حل مشاكل البلد الاقتصادية هو حل مؤقت غير نافع للمستقبل ويجب البحث عن حلول ذاتية مستدامة تؤسس لإعادة أعمار ومعافاة مستدامة للاقتصاد.

* رئيس تحرير مجلة "الرابطة الاقتصادية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى