اتفاقية دفاع مشترك بين الحوثيين والقاعدة في البيضاء

> البيضاء/ عدن «الأيام» خاص:

>
كبار المشايخ ورجال دين رعوا اتفاق صلح..
هزيمة القاعدة بأبين وشبوة تدفع التنظيم للتحالف مع الحوثي

> كشفت مصادر قبلية بمحافظة البيضاء وسط اليمن والخاضعة أغلب مناطقها لسيطرة الحوثيين، أن تحركات ومساعي حثيثة بذلها مشايخ قبليون وشخصيات اجتماعية بالمحافظة نهاية العام الماضي، أسفرت عن توقيع اتفاقية معاهدة بين الجماعة الانقلابية وتنظيم القاعدة نصت على عدم تعقب الحوثيين لعناصر التنظيم الإرهابي والسماح لهم بالتحرك داخل البلدة الواقعة جنوب شرق صنعاء بنحو 170 كيلومترا.

البيضاء
البيضاء

وأشارت المصادر إلى أن كبار مشايخ البيضاء ورجال دين رعوا الاتفاقية مقابل التزام العناصر الإرهابية للحوثيين بالدفاع عن المحافظة ممن أسموهم مرتزقة العدوان، في إشارة للمقاومة الجنوبية وقوات الائتلاف الحكومي المدعومة من السعودية والإمارات.

تنظيم القاعدة - البيضاء
تنظيم القاعدة - البيضاء

ونفذ الجانبان المتهمان بالإرهاب صفقة لتبادل عشرات الأسرى بينهما، تعد السادسة من نوعها، أواخر العام المنصرم.

وبحسب مراقبين، يأتي الاتفاق بين القاعدة والحوثيين كرد فعل على وصول القوات الجنوبية المنضوية في التحالف الحكومي المعترف به، إلى أهم وأكبر معاقل التنظيمات الإرهابية بمحافظة أبين المتاخمة للبيضاء وتحريرها عديد مواقع، من بينها معسكر عومران، إلى جانب توقيع اتفاقية التعاون الأمني بين اليمن والإمارات خلال الزيارة التي قام بها وزير الدفاع اليمني الجنرال محسن الداعري عقب زيارة الرئيس العليمي، ديسمبر المنصرم، والتي عدها الخبير العسكري العميد ثابت صالح أنها أول اتفاقية أمنية ثنائية بين البلدين منذ بداية حرب 2015م.

معاقل التنظيمات الإرهابية بمحافظة أبين - سهام الشرق
معاقل التنظيمات الإرهابية بمحافظة أبين - سهام الشرق

وقال العميد ثابت صالح، "إن التخادم والتعاون بين القاعدة والحوثيين من ناحية وبين الإخوان والقاعدة وبينهما جميعا، لا يخفي على ذي بصيرة وكان متوقعا أن يصل إلى توقيع اتفاقية دفاع مشترك عن محافظة البيضاء على وجه الخصوص، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق الأعمال العدائية بين الحوثيين والقاعدة ضد الجنوب وقواته ومجلسه الانتقالي".

تنظيم القاعدة - البيضاء
تنظيم القاعدة - البيضاء

وزاد: تخادم الحوثيين وتنظيم القاعدة لا يحتاج إلى أدلة أو براهين، فذلك واضح وضوح الشمس في رابعة النهار فهما يتعايشان ويتعاونان في محافظة البيضاء كما يتعايش الحوثيون مع الإخوان في تعز وكذلك في مأرب، مؤكداً أن تبادل الأسرى بين القاعدة والحوثيين هو أبسط أشكال التعاون والتخام بين الجماعتين الإرهابيتين.

وكان مواطنون وسكان محليين قد أكدوا عن تحركات مشبوهة لأعداد كبيرة من الجماعات المسلحة داخل المديريات الريفية وفي المناطق ذات الطبيعة الجبلية الواسعة وسط توافد آليات عسكرية وسيارات دفاعية الربع تنقل مسلحين ملثمين يحملون أسلحة رشاشة وقاذفات آر بي جي، وتتجه في الساعات الأخيرة من الليل نحو المناطق الجبلية والوديان والشعاب الوعرة.

تنظيم القاعدة - البيضاء
تنظيم القاعدة - البيضاء

وتأتي هذه التحركات التوافقية بين الحوثيين والقاعدة بمحافظة البيضاء في ظل استمرار العمليات العسكرية الواسعة التي تقودها القوات المسلحة الجنوبية بدعم التحالف العربي وفي المقدمة الإمارات العربية المتحدة لمحاربة التنظيمات الإرهابية في المناطق الجبلية بمحافظتي أبين وشبوة جنوباً المحاذيتين لمحافظة البيضاء شمالاً، الأمر الذي دفع الحوثيين وتنظيم القاعدة للتوقيع على معاهدة الحماية بحجة حماية المحافظة.

القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق
القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق

من جهته، يقول الكاتب الصحفي شاجع هصام بحيبح، إن التخادم بين جماعة الحوثيين وتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء واضح جداً من البداية وكلاهما يعملان ضد التحالف العربي والقوات العسكرية التي يدعمها وخصوصاً القوات التي تدعمها الإمارات، مضيفًا: جماعة الحوثيين منذ بداية ظهورهم كانوا يستخدموا القاعدة كشماعة أمام أوروبا وأمريكا تحت مبرر أنه يدافع عن الأقلية الشيعة في اليمن من التطرف السني الذي يهدد العالم وسوق نفسه لهم على أنه شريك في محاربة الإرهاب الذي يهدد العالم.

تنظيم القاعدة - البيضاء
تنظيم القاعدة - البيضاء

وأضاف: "الدليل على التخادم بين الحوثيين والقاعدة عندما استولى تنظيم القاعدة على أحد المعسكرات في مديرية بيحان بمحافظة شبوة الجنوبية قبل انقلاب الحوثي بفترة قصيرة سحبت القاعدة كل الأسلحة الثقيلة والخفيفة إلى أحد الشعاب باتجاه محافظة البيضاء الشمالية إلى أن وصلت ميليشيات الحوثي إلى هذه المنطقة وتم تسليمها السلاح الذي منعت القاعدة أبناء القبائل من أخذه وتم تسليمه للحوثيين الذين بدورهم استخدموا هذا السلاح لمحاربة القبائل التي قاومت الانقلاب الحوثي".

تنظيم القاعدة - البيضاء
تنظيم القاعدة - البيضاء

ووفقاً لمركز صنعاء، فقد استطاع الحوثيون إدارة علاقة مثيرة للاهتمام مع تنظيم (داعش) الذي يتواجد في المحافظة ولديه مواقع فيها، إذ يبدو الأمر بينهما أشبه باتفاق ضمني بعدم الاعتداء على بعضهما البعض، وعلى الرغم من تعامل كل طرف بحذر مع الآخر، ظل الوضع مستقراً إذ ليس هناك أي معلومات أو تقارير عن استهداف داعش لمقاتلين حوثيين أو العكس. بالمقابل فقد استهدف تنظيم داعش الجيش الوطني، فعلى سبيل المثال، احتجز التنظيم أربعة أفراد في منطقة يكلا لأنهم كانوا متوجهين للانضمام للجيش وبث تسجيلا لإعدامهم في 11 سبتمبر 2018م.

تتواجد معسكرات القاعدة وداعش في المناطق المهجورة من البيضاء وتحديدا في السلاسل الجبلية الرابطة بين محافظات أبين والبيضاء وشبوة، ويتواجد تنظيم القاعدة بشكل محدود في مديرية ولد ربيع، وبحسب ماجد المذحجي، مؤسس مشارك، والمدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، هناك فارق جوهري بين كل من القاعدة وداعش في المحافظة، حيث ينتمي بعض عناصر القاعدة لأبناء قبائل المحافظة، ما ساعد التنظيم على الاندماج في النسيج الاجتماعي، أما داعش ذو المعتقدات المتشددة فإن معظم أعضائه من غير اليمنيين، ما جعل أبناء المحافظة يتعاملون معهم على أنهم غرباء، وبالتالي شهدت علاقتهم توترا شديدا ومنتظما مع القبائل.

تنظيم القاعدة - البيضاء
تنظيم القاعدة - البيضاء

"البيضاء مهمة لكل من الحوثيين والقاعدة بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي المتوسط للجمهورية اليمنية والتصاقها بحدود مع محافظات صنعاء ومأرب الشماليتين وشبوة وأبين ولحج والضالع جنوبا، وهي أيضاً مهمة لهما وبشكل خاص للعدوان على الجنوب وعلى مأرب حيث طوق الحوثيون مأرب من جهة محافظة البيضاء وصنعاء، وأنها محافظة قبلية تم فيها بسهولة زرع ثقافة التطرف والإرهاب بعوامل قبلية واجتماعية وانتشرت القاعدة وسيطرت على قيفة ورداع قبل أن تتقاسم وتتخادم مع الحوثيين بدعم رؤوس قبلية كالعامري والرصاص والحميقاني وغيرها من الأسماء التي وردت في تقارير الخارجية والخزانة الأمريكية" يقول العميد ثابت صالح.

القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق
القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق

يشير العميد ثابت صالح إلى أن هناك العشرات من الجرائم الإرهابية التي نفذت ضد الجنوب والجنوبيين بتنسيق وتعاون بين الحوثيين والقاعدة وداعش أهمها تسليم المكلا وساحل حضرموت للقاعدة عام 2015م، وكذلك في أبين وفي البيضاء واغتيال أبو اليمامة منير اليافعي بالتزامن مع الاعتداء الإرهابي على شرطة الشيخ عثمان وغيرها من الجرائم إضافة إلى التخادم الإعلامي بينهما تحريضا على قتل الجنوبيين وتبرير وتغطية تلك الجرائم إعلاميا.

القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق
القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق

وأوضح أن الاتفاقية الموقعة بين الإمارات واليمن أشبه ما تكون باتفاقية الدفاع المشترك، وتضفي مشروعية قانونية على الدعم الكامل الذي ستقدمه الإمارات لليمن وخاصة في المناطق المحررة، بما في ذلك التدخل الدفاعي والأمني المباشر، وبالطبع مهمة مكافحة الإرهاب ومواجهة الحوثيين وأي عدوان داخلي أو خارجي تأتي في المقام الأول، وبقدر ما تمنح الاتفاقية الإمارات حق التدخل فإنها تلزمها بتقديم الدعم اللازم للقوات الجنوبية في كل الجوانب وبما يمكن هذه القوات من الدفاع عن المناطق المحررة (الجنوب).

القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق
القوات المسلحة الجنوبية - سهام الشرق

وكانت إذاعة مونت كارلو الدولية في أبريل 2016م قد كشفت عن إتمام صفقة تبادل للأسرى بين الحوثيين، وجماعة أنصار الشريعة الجناح المحلي لتنظيم القاعدة، في محافظة البيضاء وسط اليمن، شملت الإفراج عن نحو 100 أسير من الطرفين.

وسجلت أول عملية تبادل أسرى بين الحوثيين وجماعة تنظيم القاعدة في الأول من أكتوبر 2015 بمنطقة ذي ناعم بمحافظة البيضاء، ووفقا للشرق الأوسط فقد تضمنت تبادل أكثر من 20 أسيرا بين الطرفين، 9 من عناصر تنظيم القاعدة، مقابل أكثر من 11 من الحوثيين، حيث أحيطت الصفقة بسرية تامة حينذاك.

تبادل أسرى بين الحوثيين وجماعة تنظيم القاعدة - أرشيف
تبادل أسرى بين الحوثيين وجماعة تنظيم القاعدة - أرشيف

وفي أبريل 2016 عقد الحوثيون والقاعدة صفقة تبادل كبرى بمدينة المكلا بمحافظة حضرموت تضمنت تبادل أكثر من مائة أسير بين الطرفيين، بينهم عناصر إرهابية اعتقلت قبل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، الصفقة التي وصفت بالأكبر تمت بطريقة سرية وغير معلنة بمدينة سيئون، شملت أكثر من 70 من أسرى الحوثيين مقابل أكثر من 50 من عناصر تنظيم القاعدة.

وتعد صفقة حضرموت هي الثالثة لتبادل الأسرى بين تنظيم القاعدة والحوثيين، في حين أن كانت الصفقة الثانية بمحافظة البيضاء، بمنتصف أبريل من العام 2016 وشملت الإفراج عن 47 من عناصر تنظيم القاعدة، بينهم نجلا الشيخ طارق الفضلي المتهم بموالاته للتنظيم الإرهابي بمحافظة أبين.

في سبتمبر من العام 2019 قال وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية وعضو لجنة الأسرى الحكومية، ماجد فضائل، إن جماعة الحوثيين أتمت تبادل 115 أسيرا من الجانبين مع "أنصار الشريعة" في محافظة البيضاء، وبحسب ما نقله وسائل الإعلام المحلية عنه، فقد شملت الصفقة إطلاق الحوثيين 50 أسيراً من تنظيم القاعدة، مقابل 65 أسيراً أطلقهم "أنصار الشريعة".

فضائل أوضح حينها أن "الصفقة هي الخامسة بين القاعدة والحوثيين"، وشملت إطلاق عناصر إرهابية نفذت عدداً من العمليات الإرهابية في اليمن، وتقبع بالسجن المركزي في العاصمة صنعاء منذ 2013. واصفا قيام جماعة الحوثي بتلك الصفقة بأنه إعلان حرب على المجتمع الدولي الذي يولي اهتماماً أكبر بمحاربة الجماعات الإرهابية، وأن الإفراج عن عناصر إرهابية سوف يكون له تأثيره على الأمن والسلم المحلي والدولي.

وتحتل محافظة البيضاء موقعا جغرافيا بالغ الأهمية وتقع جنوب شرق صنعاء بنحو 170 كيلو مترا، وهي محاطة بجبال من الجهات الأربع، فمن الشرق يحدها جبل الفريد ومن الغرب جبل حربي ومن الشمال جبل القلعة ومن الجنوب جبل العظمية، وتشترك حدودها مع ثمان محافظات، هي شبوة والضالع وأبين ولحج من محافظات جنوب اليمن، ومأرب وصنعاء وذمار وإِب من محافظات اليمن الشمالي.

تضمين الروابط داخل التقرير:
تقرير مونت كارلو الدولية

تقرير صحيفة الشرق الأوسط

تقرير مركز صنعاء للدراسات

ماجد المذحجي مؤسس مشارك المدير التنفيذي لـ مركز صنعاء

"نقلا عن المركز الأمريكي لدراسات جنوب اليمن"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى