​مؤتمر الاعلام الجنوبي والراي المخالف

>
من الضرورة تفنيد تفاهة افتراء رافقت انعقاد مؤتمر الإعلاميين الجنوبيين بعضها جدير بالتفنيد، أما بعضها فلا تستحق لأنها اختزلته في مال ويعلمون أن المال ما خلق القضية الجنوبية، بل الغزو والتكفير والتهميش، أو أنه ألغى أو شتت كيانات إعلامية يمنية، فمن قاموا بجهد التحضير يعرفون ماذا يريدون وكيف يعملون، ولن يحتاجوا لمن يضع لهم خارطة طريق مع احترامهم للتنوع والنقد البنّاء واحترام الراي الآخر مهما اختلف لكن بعضه خرج إلى سياق اتهامات.

بعضهم أثاروا ضجيجا في الفضاء الإليكتروني بأن حجم الحضور يعد فشلا وسقوطا في أول اختبار وأنه حشد مفسبكين ومغردين.. إلخ وهم يعلمون أن من حضروا يمثلون كل محافظات ومديريات الجنوب وأن المؤتمر للإعلاميين والصحفيين وليس للصحفيين أو الاعلام التقليدي فقط، بل صار من الضرورة حضور الإعلام بكل تنويعاته خاصة التقني، فلم تعد الصحافة والإعلام كما كانت في العقود الماضية بل طرأ عليها انقلاب جوهري كبير وتحول عميق جدا بفعل الثورة التقنية.

لم يعد الصحفي فارس مضمار السباق الإعلامي ولم يعد عموده عود الثقاب الذي يشتعل في المجتمع مع أو ضد، بل أحدثت التقنية الإليكترونية ثورة في الإعلام قائمة على "تعدد الحواس وصار المقال أو العمود الصحفي في أفضل حالاته أحد الحواس المؤثرة  ينافسه التعليق والتغريدة وحائط الفيس بوك والمقطع المصور والشيلة.. إلخ" وكلها مؤثرات حواس متعددة للتأثير في المجتمع وحمل الأجندات المختلفة وثورات الربيع الإخواني، ما أشعلها عمود صحفي، بل أشعلها استغلال وتوظيف التقنية الحديثة في الإعلام.

نجد أن من نقدوا المؤتمر استخدموا التقنية الحديثة وفي ذات الوقت يرفضون على مؤتمر الإعلام الجنوبي أن يعترف بها ويمثلها في بنيته، فأي نقد هذا؟
لقد أصبح لوسائل التواصل وروادها دور كبير، بل مؤثر تجاوز الإعلام التقليدي وبعض التقليدي صار من "روبابيكا الماضي"، فالمؤسسة الإعلامية العريقة البريطانية BBC ألغت معظم الإذاعات الموجهة التي اُشتهرت بها لأنها أدركت أنها لم تعد إعلاما مؤثرا.

استطاع القائمون على المؤتمر فهم هذا التحول الإعلامي وتأثيره وضرورة استيعابه، فيما لم تستطع بعض العقول البيروقراطية استيعابه أو التسامح معه، بل الأشد نكاية أنها استخدمت وتستخدم التقنية الحديثة للتقليل من شأن المؤتمر في نقدها وتقييمها وتريد للإعلام الجنوبي ألا يغادر الأساليب التقليدية لعلمهم أنها إما بلا تأثير أو تأثيرها ضعيف مقارنة بالإعلام الحديث وما يملكه من مرونة وتنوع في السيطرة على المتلقي.

لم يسقط الإعلام الجنوبي كما حاولوا أن يسوقوا، بل استعاد هويته وهذا مصدر ضجيجهم وما يسميه بعضهم غثاء هو الإعلام الذي صمد وفنّد مساوئ الاحتلال اليمني للجنوب والأداة التي أعادت للجنوبي هويته، وأن اليمننة مشروع توسعي في الجنوب العربي وهو الذي دافع عن الصحفي الجنوبي والناشط السياسي الجنوبي في ذروة الانتهاكات والقمع التي تعرض لها.

الكل يعلم ما تعرض له عميد الصحافة الجنوبية وصاحب صحيفة "الأيام" العدنية الجنوبية "هشام باشراحيل" وصحيفته التي غزتها جحافل أمن "عفاش" المركزي واقتادته مع أولاده إلى زنزاناتها ودمرت مطابع صحيفته ونهبت أرشيفها، بل وضعت أنواع الأسلحة فيها وصورتها أنها ملاذ إرهابي في ظل نقابة اسمها "نقابة الصحفيين اليمنيين" التي صمتت صمت أبي الهول عن تلك الجرائم وإن كان من كتب منهم فقد كتب بعد استئذان "المراقب الأمني" لرفع الحرج بأنه يتضامن مع زميل تعرّض للإهانة والسجن وترويع أسرته واقتحام سكنه، وفي المقابل تصدى للدفاع عنه نشطاء ومفسبكون وأقلام جنوبية ما كان لها مكان ولا مكانة في ذاك المسخ النقابي الإعلامي ومازال البعض يريد أن يبعث الحياة فيه.

إن أهمية ميلاد نقابة جنوبية لا يدركها من كانوا ضمن "الجوقة"، بل من ذاقوا مرارة اضطهاد المحتل وجبروته وكان الإعلام والمؤسسات الإعلامية اليمنية جزء من ذلك الجبروت، ولدت نقابة تكون أحد الحوامل للانعتاق من الأوهام والأساطير التي تحولت نكبة واحتلال في الجنوب العربي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى