كيف يمكن أن تتسلل المسيرات إلى منشآت إيرانية حساسة؟

> "الأيام" سيوتنيك

> ​كان الهدوء يسود محافظة أصفهان التي تكتسب أهمية عسكرية كبيرة، حتى سُمع دويُّ انفجار ضخم، مساء يوم السبت الماضي، قبل أن تتصاعد أعمدة الدخان واللهب من فوق منشأة مهمة.
ويوجد في أصفهان قاعدة جوية ضخمة والعديد من المواقع النووية، بما في ذلك منشأة نطنز النووية، التي تعد مركز برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، بالإضافة إلى "الهدف" الذي وقع فيه الانفجار.

ولم تعلق السلطات المحلية على الأنشطة التي تقوم بها في الموقع المستهدف، لكنها وصفته بأنه مجرد "ورشة للعمل"، بينما قالت وكالة أنباء "إرنا" إن الضربة استهدفت "مصنعا للذخيرة".

وأوضحت وزارة الدفاع الإيرانية أن ثلاث طائرات مسيَّرة شاركت في الهجوم لكن لم تحدث أية إصابات، وكشفت أن أنظمة دفاع جوي إيرانية دمرت إحدى المسيّرات، بينما نجحت "الفخاخ الدفاعية" في استهداف مسيّرتين مما ألحق أضرارا طفيفة في مبنى.
التلميحات الإيرانية تشير إلى ضلوع إسرائيل في الهجوم، وهو اتهام يتكرر مع كل هجوم من نوعه، وتتجنب إسرائيل التعليق عليه، لكنّ التساؤل الأبرز: من أين انطلق الهجوم؟ وكيف يمكن أن تتسلل هذه الطائرات خفية إلى المواقع الإيرانية الحساسة؟

هناك ترجيحات بأن من المرجح أن يكون الهجوم قد نُفّذ بواسطة طائرات مسيرة إسرائيلية أقلعت من الأراضي الأذربيجانية، بناء على المدى الخاص بالمسيرات التي استخدمت في الهجوم، وفقا لما نقلته صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، عن العقيد السابق في الجيش الأذربيجاني عقيل رستم زاده.
وأشار زاده إلى أن الطائرات المستخدمة في الهجوم من نوع "هاروب" الانتحارية، التي يبلغ مداها نحو 100 كيلومتر، وهي محصنة ضد كل الأجهزة الإلكترونية الحديثة مما يجعل من الصعب للغاية اعتراضها.

وتربط أذربيجان وإسرائيل علاقات ثنائية، وبسبب ذلك يتصاعد التوتر بين أذربيجان وإيران، وسبق أن اتهم وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إسرائيل، العام الماضي، بإقامة وجود عسكري لها وتحالف سري مع أذربيجان.
ورفضت باكو تلك المزاعم، لكن إيران نظمت تدريبات عسكرية واسعة النطاق على طول حدودها مع أذربيجان، وردّ رئيس أذربيجان إلهام علييف، بالتقاط صور له مع طائرات مسيرة انتحارية إسرائيلية تُصنّع في أذربيجان.

"المسيرات التي هاجمت مجمع الورشة التابع لوزارة الدفاع الإيرانية في أصفهان، إلى جانب مواد متفجرة، دخلت إلى إيران بمشاركة وتوجيه الجماعات الكردية المناهضة للثورة المتمركزة في إقليم كردستان العراق"، وفقا لوكالة مهر الإيرانية.

ولفتت الوكالة إلى أنّه "وبأمر من جهاز الأمن الأجنبي، وبعد استلام أجزاء من الطائرات الصغيرة والمواد المتفجرة، قامت هذه المجموعات بإحضارها من أحد الطرق الصعبة شمال غربي البلاد، وتسليمها لأشخاص مرتبطين بهم في مدينة حدودية".
موضحةً أنه "تم تجميع الأجزاء والمواد المتفجرة واستخدامها للتخريب في ورشة مجهزة من قبل قوات مدربة".

ويتفق مسؤول عسكري في المنطقة –لم تكشف عن اسمه وكالة رويترز- مع الوكالة الإيرانية، في أنّ الهجوم انطلق من داخل إيران، قائلا: "بالنظر إلى موقع الضربة في وسط إيران وحجم الطائرات المسيرة، فمن المحتمل أن يكون الهجوم قد تم من داخل حدود إيران".
وحتى لو كان الهجوم قد انطلق من خارج الدولة، فإن معدات التخفي والتشويش على الرادار، تسمح لمثل تلك الطائرات بالتحليق والتسلل إلى إيران، وفقا لخبراء عسكريين.

بدوره، أوضح المتخصص في الشؤون العسكرية مهدي بختياري، أن الأجسام الطائرة الصغيرة التي استهدفت المصنع العسكري في أصفهان أشبه بطائرات الدرونز للتصوير، ولم تكن بحجم الطائرات المسيرة العسكرية.

وقال الباحث الإيراني - في حديثه للجزيرة نت - إن هذه الطائرات الصغيرة قابلة للتطوير لتتناسب مع المهمة المنوطة بها حتی تكون قادرة على حمل نحو 3 كيلوغرامات من المواد المتفجرة، والتحكم بها من مسافات قريبة لترتطم بالهدف المراد تفجيره.
ويعتقد بختياري أن الهجوم بمثل هذه الأجسام الطائرة -لاالتي عادة تحلق نحو 30 كيلومترا- يرمي إلى إرسال رسالة، أكثر مما يسعى إلى تدمير أهداف عسكرية محاطة برادارات ودفاعات جوية.

في هذا السياق، طالب رحمت الله بيكدلي السياسي الإصلاحي عضو المجلس المركزي لحزب "جمهوريت إيران إسلامي"، مسؤولي الدفاعات الجوية والمدنية في بلاده بتوضيح ملابسات الحادث.

وأكد بيكدلي في تغريدة على تويتر أن "المسيرات الصغيرة التي استهدفت المنطقة العسكرية في أصفهان لم تدخل من وراء الحدود، وإنما يتم توريدها خلسة على غرار قطع السلاح التي تم تركيبها واستهدفت الشهيد فخري زاده".

ولكن، إذا كانت الطائرات المهاجمة، قد انطلقت من داخل البلاد، فكيف دخلت؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب العودة إلى منتصف العام 2021، عندما وقع هجوم بطائرة مسيرة على منشأة كرج على بعد 30 ميلاً شمال غربي طهران، حيث توجد شركة تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي الإيرانية (TESA).

بعد وقوع ذلك الهجوم، نقلت صحيفة "نيويورك بوست" عن مصادرها أن جهاز "الموساد" الإسرائيلي حين أراد قصف المنشأة، جاءته فكرة استهدافها بطائرة كوادكوبتر، لكن كيف تدخل هذه الطائرة إلى إيران؟
كانت الإجابة في أن الموساد أدخلها قطعة قطعة بمساعدة عملائه هناك، ثم في 23 يونيو/حزيران، تم تجميع القطع ونقلها إلى موقع على بعد 10 أميال من مصنع TESA، ثم أطلقها الموساد مستهدفةً المصنع ما تسبب في انفجار كبير، ثم عادت إلى موقع الإطلاق لكي يتم استخدامها فيما بعد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى