> الناصرة "الأيام" القدس العربي
عشية استعداد حكومة الاحتلال البدء بتطبيق "خطة التشريعات" الجديدة، يوم الإثنين القريب، رغم الاحتجاجات الداخلية المتزايدة، والضغوط والتحذيرات الخارجية، تتصاعد لهجة السجال بين الإسرائيليين حول الإصلاحات القضائية التي تعتبرها المعارضة "انقلاباً على الديموقراطية".
وينضم مؤرخ إسرائيلي بارز للتحذيرات الإسرائيلية من أن تطبيق “الإصلاحات القضائية”، بقيادة نتنياهو الشعبوية المدعومة من قوى فاشية وغيبية وفاسدة، يعني أن إسرائيل صارت على حافة الفاشية، وتواجه خطراً وجودياً حقيقياً، معرباً عن أسفه لوجود وزراء نازيين في حكومتها الحالية.
ويقول المؤرخ بروفيسور دانئيل بلطمان إنه غير متفائل حيال المستقبل، ويرى أن هناك مسيرة تصادمية داخل إسرائيل التي ستنتهي بوقف الديمقراطية، كما حصل في دول أخرى.
في حديث مطول لصحيفة "هآرتس" يتابع: “لست نبياً، لكنني منذ سنوات أرى قائداً في إسرائيل يبني صورة في وعي الإسرائيليين مفادها أنه فوق القانون والقواعد الأخلاقية.
يذكر أن دانئيل بلطمان مؤرخ إسرائيلي يعمل محاضراً في الجامعة العبرية في القدس، وخبير بتاريخ اليهود، وبالمحرقة، النازية، الفاشية، ويهود شرق أوروبا. وكان قد كتب مقالاً نشرته صحيفة “هآرتس” في تموز 2017 قال فيه إن اليمين الصهيوني سيحطّم الجهاز القضائي كي يساعد بنيامين نتنياهو على البقاء في الحكم.
ويستذكر أنه حتى في الأنظمة الاستبدادية الظلامية خلال القرن العشرين تميزت بتقديس القائد، كما كان جوزيف ستالين في الاتحاد السوفياتي، وأدولف هتلر في ألمانيا، ويتابع: “ثمة أمر في الشعبوية، في طبعتها الإسرائيلية، يرتبط عميقاً مع فئات واسعة لدى الجمهور ترى بنتنياهو قائداً أعلى من الشعب يتمتع بمزايا خاصة، علماً أنني لا أقرن بينه وبين هتلر أو ستالين”.
ورداً على سؤال، يقول إن صعود الأنظمة الشعبوية يستغل مزاجاً سائداً لدى فئات شعبية واسعة تشعر أنها مظلومة، خاصة في فترة أزمات اقتصادية، أو أن أشياء ثمينة انتزعت منها، كالاعتزاز القومي، أو أنه يشعر بوجود خطر وجودي.
وجواباً على سؤال آخر، يوضح بلطمان أن بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب قدما من عائلة ميسورة الحال، وكلاهما نسج صورة الشخص الملاحق من قبل النخب التقليدية. ويتابع: “طبعاً هذا كذب، فكلاهما من النخب، وقصة الملاحقة جاءت لخدمة مآربهما، وبناء علاقات مع الناخبين والحزب بالنسبة لهما مجرد وسيلة، وليست مؤسسة سياسية تلعب دوراً حيوياً في النظام الديمقراطي”.
سياسيون فاسدون أخلاقياً ومدانون جنائياً
وحول السجال الداخلي المتفاقم في إسرائيل، يعتبر بلطمان أن ما يجري هو اصطدام خطير بين منظومتي قيم ومفاهيم، محذراً من أن الديمقراطية عادة نظام هش تتعرض دوماً لضغوط سياسيين يرون بإضعاف الكوابح والمؤسسات، خاصة الجهاز القضائي، مصلحة لهم.
ويضيف: “واليوم، إسرائيل موجودة في هذه النقطة تحديداً. سياسيون فاسدون ومدانون جنائياً يفهمون أنه بدون تصفية استقلالية الجهاز القضائي لن يبقوا في مناصبهم، فهم سيعزلون من قبل محكمة، كما حصل مع الوزير آرييه درعي، أو يجدون أنفسهم خلف القضبان. وهذا هو الخوف الأكبر لدى نتنياهو. لذلك يضع هذا الائتلاف الحاكم هدفاً نصب عينيه لاغتيال الطريقة الديمقراطية، وتصفية الجهاز القضائي، وبذلك يؤّمن حكمه ويحتفظ بقوته. شاهدت نتنياهو في المؤتمر الصحفي، الذي نفى فيه التحذيرات بأن الاقتصاد الإسرائيلي في خطر، وأن الأموال ستغادر البلاد. وهذا غير صحيح، لأنه عندما لا يوجد جهاز قضائي يدافع عن الاقتصاد، ويكون هذا تحت رحمة جهات سياسية مستبدة، فلن يوافق مستثمر على المغامرة بأمواله. لماذا لا يستثمر أصحاب رؤوس أموال في هنغاريا اليوم كما كانوا يستثمرون فيها قبل صعود أوربان للحكم؟ أعتقد أن نظام الحاكم لا يفهم، أو لا يريد أن يفهم العلاقة هذه بين السياسة وبين الاقتصاد. نتنياهو يدرك ذلك، لكنه محاط بثلة من الحلفاء يدفعونه نحو شعبوية أيديولوجية، ولا ننسى أنه يواجه تهماً في المحكمة أيضاً. لا يمكن تجاهل ذلك”.
هرب العقول
ويحذر بلطمان أن إخراج خطة هذه الحكومة للتنفيذ في ظل واقع إسرائيلي مرّكب سيقود لكارثة، ويعلل ذلك بالقول: “نحن لسنا بولندا. في المنطقة التي تقع فيها إسرائيل، مع تركيبتها الاجتماعية الداخلية، مع وجود الاحتلال، مع أقلية فلسطينية تشكّل 20% من السكان، ومع واقع مركّب جداً من النواحي الأمنية، الاجتماعية، والاقتصادية، فإن الشعبوية وصفة ملائمة لخراب. ليس خراباً أخلاقياً قيمياً فحسب، بل خراب وجودي. العقول الخلاقة ستهرب من البلاد، والحياة ستتحول لرمادية وقاسية وخطيرة. إنه خطر وجودي. التنظيم الأخطر على وجود إسرائيل ليس حزب “الليكود”، وليس الزعران الذين يتجولون في الضفة الغربية المحتلة، بل هو تنظيم “كهيلت”. الإسرائيليون لا يعرفون كفاية عن هذه المنظمة، وما تنشره وأنا أتابعها عن كثب. تنتج هذه المنظمة بياناً اجتماعياً سياسياً واسعاً، وبحال تبنته إسرائيل فستكون دولة مختلفة تماماً. عندما تقول للناس “فاشية” فهم يظنون أن الحديث يدور عن جنود يتجولون في الشوارع. لا ليس هذا المقصود. سيبقى النظام رأسمالياً، ويتمكن الجمهور من السفر خارج البلاد، وستبقى مطاعم جيدة، ولكن لن يكون هناك نظام حقيقي يحميه، وسيكون تحت رحمة النظام، كما هو الحال في تركيا اليوم، وكلما شعر هذا النظام بضغط داخلي أو خارجي يهدده سيتضاعف الاضطهاد والقمع، وسيجد صحافيون ومحاضرون في الجامعات أنفسهم خلف القضبان، أو مبعدين عن عملهم. وربما يبادر هذا الائتلاف لجعل الانتخابات مرة كل عشر سنوات، من خلال تشريع حرّ لقوانين غير ديمقراطية، وهناك أمثلة على ذلك في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. صحيح أن تلك الأنظمة سقطت، لكنها تسببت بأضرار فادحة لدولها، واستغرقت تشيلي 40 سنة حتى تخلصت من بينوشيه، والأرجنتين لم تنتعش بعد من حكم الجنرالات، وخلال ذلك شهدت تلك الدول هجرة عقول، والأضرار تتراكم بالمدى البعيد.
وهل الاستنتاج الصحيح من كل هذه المحادثة معك أن الإسرائيليين كمجتمع فشلوا في الامتحان؟ الاستنتاج أن هناك أمراً فاسداً مريضاً ليس فقط في الحكم الشعبوي، بل في الجمهور الإسرائيلي الراغب بمثل هذا النظام الحاكم؟
عن هذا السؤال قال المؤرخ الإسرائيلي بلطمان: “مرّ المجتمع الإسرائيلي بمسيرة تحوّل راديكالي. هناك كتلة كبيرة لا تقدّس القيم الديمقراطية والليبرالية. يمكن تفسير تعميق الراديكالية بعدة طرق: تنامي التديّن، أسباب أمنية، شيطنة العدو العربي. حتى لدى الحكومة السابقة رفض معظم الإسرائيليين رؤية “القائمة العربية الموحدة” داخلها. لذلك فإن الحديث عن مقعد إضافي هنا، ومقعد إضافي هناك، وكنا سننتصر.. هو مجرد هراء. الشعبوية تنتصر عندما يكون المجتمع ناضجاً لقبولها، والمجتمع الإسرائيلي كان ناضجاً لقبول حكومة نتنياهو السادسة. ليس فقط بسبب فوز “الليكود”، بل لأن الجناح المتطرف سحب الجميع خلفه. ما كان في الماضي يميناً متطرفاً هو اليوم مركز، والأفكار التي كانت هامشية صارت شرعية.
كمؤرخ منشغل في دراسة المحرقة والنازية من الصعب عليّ قول ذلك، ولكن هناك وزراء “نازيون جدد” داخل هذه الحكومة الحالية. هذا غير موجود في أي مكان آخر، لا في هنغاريا ولا في بولندا. وزراء عنصريون خالصون من الناحية الأيديولوجية. ما نراه اليوم هو نوع من الشبح أو المارد الخارج من القمقم، ولست واثقاً أنه يمكن وقفه. لا أخجل من القول إنني خائف. أعتقد أن مظاهرة 100 ألف أو 200 ألف إسرائيلي لن تكون مجدية. إذا لم يقم مليونا شخص وحاربوا لحماية الديمقراطية والحقوق الليبرالية فإن الاستنتاج هو أن المجتمع الإسرائيلي تقبّل ما يجري، وقد بتنا موجودين هنا، في هذا الوضع”.
وينضم مؤرخ إسرائيلي بارز للتحذيرات الإسرائيلية من أن تطبيق “الإصلاحات القضائية”، بقيادة نتنياهو الشعبوية المدعومة من قوى فاشية وغيبية وفاسدة، يعني أن إسرائيل صارت على حافة الفاشية، وتواجه خطراً وجودياً حقيقياً، معرباً عن أسفه لوجود وزراء نازيين في حكومتها الحالية.
ويقول المؤرخ بروفيسور دانئيل بلطمان إنه غير متفائل حيال المستقبل، ويرى أن هناك مسيرة تصادمية داخل إسرائيل التي ستنتهي بوقف الديمقراطية، كما حصل في دول أخرى.
في حديث مطول لصحيفة "هآرتس" يتابع: “لست نبياً، لكنني منذ سنوات أرى قائداً في إسرائيل يبني صورة في وعي الإسرائيليين مفادها أنه فوق القانون والقواعد الأخلاقية.
يذكر أن دانئيل بلطمان مؤرخ إسرائيلي يعمل محاضراً في الجامعة العبرية في القدس، وخبير بتاريخ اليهود، وبالمحرقة، النازية، الفاشية، ويهود شرق أوروبا. وكان قد كتب مقالاً نشرته صحيفة “هآرتس” في تموز 2017 قال فيه إن اليمين الصهيوني سيحطّم الجهاز القضائي كي يساعد بنيامين نتنياهو على البقاء في الحكم.
- نظم الاستبداد
ويستذكر أنه حتى في الأنظمة الاستبدادية الظلامية خلال القرن العشرين تميزت بتقديس القائد، كما كان جوزيف ستالين في الاتحاد السوفياتي، وأدولف هتلر في ألمانيا، ويتابع: “ثمة أمر في الشعبوية، في طبعتها الإسرائيلية، يرتبط عميقاً مع فئات واسعة لدى الجمهور ترى بنتنياهو قائداً أعلى من الشعب يتمتع بمزايا خاصة، علماً أنني لا أقرن بينه وبين هتلر أو ستالين”.
- عبادة الشخصية
ورداً على سؤال، يقول إن صعود الأنظمة الشعبوية يستغل مزاجاً سائداً لدى فئات شعبية واسعة تشعر أنها مظلومة، خاصة في فترة أزمات اقتصادية، أو أن أشياء ثمينة انتزعت منها، كالاعتزاز القومي، أو أنه يشعر بوجود خطر وجودي.
وجواباً على سؤال آخر، يوضح بلطمان أن بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب قدما من عائلة ميسورة الحال، وكلاهما نسج صورة الشخص الملاحق من قبل النخب التقليدية. ويتابع: “طبعاً هذا كذب، فكلاهما من النخب، وقصة الملاحقة جاءت لخدمة مآربهما، وبناء علاقات مع الناخبين والحزب بالنسبة لهما مجرد وسيلة، وليست مؤسسة سياسية تلعب دوراً حيوياً في النظام الديمقراطي”.
سياسيون فاسدون أخلاقياً ومدانون جنائياً
وحول السجال الداخلي المتفاقم في إسرائيل، يعتبر بلطمان أن ما يجري هو اصطدام خطير بين منظومتي قيم ومفاهيم، محذراً من أن الديمقراطية عادة نظام هش تتعرض دوماً لضغوط سياسيين يرون بإضعاف الكوابح والمؤسسات، خاصة الجهاز القضائي، مصلحة لهم.
ويضيف: “واليوم، إسرائيل موجودة في هذه النقطة تحديداً. سياسيون فاسدون ومدانون جنائياً يفهمون أنه بدون تصفية استقلالية الجهاز القضائي لن يبقوا في مناصبهم، فهم سيعزلون من قبل محكمة، كما حصل مع الوزير آرييه درعي، أو يجدون أنفسهم خلف القضبان. وهذا هو الخوف الأكبر لدى نتنياهو. لذلك يضع هذا الائتلاف الحاكم هدفاً نصب عينيه لاغتيال الطريقة الديمقراطية، وتصفية الجهاز القضائي، وبذلك يؤّمن حكمه ويحتفظ بقوته. شاهدت نتنياهو في المؤتمر الصحفي، الذي نفى فيه التحذيرات بأن الاقتصاد الإسرائيلي في خطر، وأن الأموال ستغادر البلاد. وهذا غير صحيح، لأنه عندما لا يوجد جهاز قضائي يدافع عن الاقتصاد، ويكون هذا تحت رحمة جهات سياسية مستبدة، فلن يوافق مستثمر على المغامرة بأمواله. لماذا لا يستثمر أصحاب رؤوس أموال في هنغاريا اليوم كما كانوا يستثمرون فيها قبل صعود أوربان للحكم؟ أعتقد أن نظام الحاكم لا يفهم، أو لا يريد أن يفهم العلاقة هذه بين السياسة وبين الاقتصاد. نتنياهو يدرك ذلك، لكنه محاط بثلة من الحلفاء يدفعونه نحو شعبوية أيديولوجية، ولا ننسى أنه يواجه تهماً في المحكمة أيضاً. لا يمكن تجاهل ذلك”.
- تغيرات عميقة
هرب العقول
ويحذر بلطمان أن إخراج خطة هذه الحكومة للتنفيذ في ظل واقع إسرائيلي مرّكب سيقود لكارثة، ويعلل ذلك بالقول: “نحن لسنا بولندا. في المنطقة التي تقع فيها إسرائيل، مع تركيبتها الاجتماعية الداخلية، مع وجود الاحتلال، مع أقلية فلسطينية تشكّل 20% من السكان، ومع واقع مركّب جداً من النواحي الأمنية، الاجتماعية، والاقتصادية، فإن الشعبوية وصفة ملائمة لخراب. ليس خراباً أخلاقياً قيمياً فحسب، بل خراب وجودي. العقول الخلاقة ستهرب من البلاد، والحياة ستتحول لرمادية وقاسية وخطيرة. إنه خطر وجودي. التنظيم الأخطر على وجود إسرائيل ليس حزب “الليكود”، وليس الزعران الذين يتجولون في الضفة الغربية المحتلة، بل هو تنظيم “كهيلت”. الإسرائيليون لا يعرفون كفاية عن هذه المنظمة، وما تنشره وأنا أتابعها عن كثب. تنتج هذه المنظمة بياناً اجتماعياً سياسياً واسعاً، وبحال تبنته إسرائيل فستكون دولة مختلفة تماماً. عندما تقول للناس “فاشية” فهم يظنون أن الحديث يدور عن جنود يتجولون في الشوارع. لا ليس هذا المقصود. سيبقى النظام رأسمالياً، ويتمكن الجمهور من السفر خارج البلاد، وستبقى مطاعم جيدة، ولكن لن يكون هناك نظام حقيقي يحميه، وسيكون تحت رحمة النظام، كما هو الحال في تركيا اليوم، وكلما شعر هذا النظام بضغط داخلي أو خارجي يهدده سيتضاعف الاضطهاد والقمع، وسيجد صحافيون ومحاضرون في الجامعات أنفسهم خلف القضبان، أو مبعدين عن عملهم. وربما يبادر هذا الائتلاف لجعل الانتخابات مرة كل عشر سنوات، من خلال تشريع حرّ لقوانين غير ديمقراطية، وهناك أمثلة على ذلك في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. صحيح أن تلك الأنظمة سقطت، لكنها تسببت بأضرار فادحة لدولها، واستغرقت تشيلي 40 سنة حتى تخلصت من بينوشيه، والأرجنتين لم تنتعش بعد من حكم الجنرالات، وخلال ذلك شهدت تلك الدول هجرة عقول، والأضرار تتراكم بالمدى البعيد.
- انهيار من الداخل
- النازية عام 1933
وهل الاستنتاج الصحيح من كل هذه المحادثة معك أن الإسرائيليين كمجتمع فشلوا في الامتحان؟ الاستنتاج أن هناك أمراً فاسداً مريضاً ليس فقط في الحكم الشعبوي، بل في الجمهور الإسرائيلي الراغب بمثل هذا النظام الحاكم؟
عن هذا السؤال قال المؤرخ الإسرائيلي بلطمان: “مرّ المجتمع الإسرائيلي بمسيرة تحوّل راديكالي. هناك كتلة كبيرة لا تقدّس القيم الديمقراطية والليبرالية. يمكن تفسير تعميق الراديكالية بعدة طرق: تنامي التديّن، أسباب أمنية، شيطنة العدو العربي. حتى لدى الحكومة السابقة رفض معظم الإسرائيليين رؤية “القائمة العربية الموحدة” داخلها. لذلك فإن الحديث عن مقعد إضافي هنا، ومقعد إضافي هناك، وكنا سننتصر.. هو مجرد هراء. الشعبوية تنتصر عندما يكون المجتمع ناضجاً لقبولها، والمجتمع الإسرائيلي كان ناضجاً لقبول حكومة نتنياهو السادسة. ليس فقط بسبب فوز “الليكود”، بل لأن الجناح المتطرف سحب الجميع خلفه. ما كان في الماضي يميناً متطرفاً هو اليوم مركز، والأفكار التي كانت هامشية صارت شرعية.
كمؤرخ منشغل في دراسة المحرقة والنازية من الصعب عليّ قول ذلك، ولكن هناك وزراء “نازيون جدد” داخل هذه الحكومة الحالية. هذا غير موجود في أي مكان آخر، لا في هنغاريا ولا في بولندا. وزراء عنصريون خالصون من الناحية الأيديولوجية. ما نراه اليوم هو نوع من الشبح أو المارد الخارج من القمقم، ولست واثقاً أنه يمكن وقفه. لا أخجل من القول إنني خائف. أعتقد أن مظاهرة 100 ألف أو 200 ألف إسرائيلي لن تكون مجدية. إذا لم يقم مليونا شخص وحاربوا لحماية الديمقراطية والحقوق الليبرالية فإن الاستنتاج هو أن المجتمع الإسرائيلي تقبّل ما يجري، وقد بتنا موجودين هنا، في هذا الوضع”.