سكان الجنوب والشمال يفضلون العيش في الماضي

> يتذكر الجنوبيون والشماليون عن طيب خاطر اليمن الديمقراطي والجمهورية العربية اليمنية، لكنهم لا يريدون العودة إليهما ولا بقاء الوضع الحالي، فالعالم تغير والرؤى كذلك، لكن الحنين يفرض نفسه في أحيان كثيرة، فهو شعور إنساني للغاية من الصعب رفضه أو مقاومته، يمكن أن يكون متناقضًا عند الغوص فيه، لكنه يساعدنا على التواصل مع أنفسنا واحتياجاتنا العاطفية.

توقع الناس الكثير من توحيد الجنوب والشمال في بداية التسعينيات، لكن أحلامهم لم تتحقق، فبعد حرب 1994 كان من المحزن أن تجد نفسك مواطن جنوبي من "الدرجة الثانية" وتبدأ بالحنين الغير مفهوم للبراميل، التي لاتزال حاضرة بقوة في أذهان الذين عاشوا على طرفي نقيض منها وإلى يومنا هذا يحاول الكثير منهم الحصول على الإجابة عن سؤال هل تم توحيد الشطرين بالفعل؟ لأننا على مدى 32 عاما من الوحدة لم نتمكن من خلق "شعور" بوحدة الأمة والارض، واليوم أهم سؤال بالنسبة للناس، من أين أنت جنوبي أم شمالي ؟

قبل الوحدة كانت تعبئة استمارة السفر إلى الشمال أو الجنوب مرهقة لكن الطريق كان آمن ، بالمقابل كان هناك احترام وابتسامة للمسافرين حتى آخر نقطة عند آخر برميل حدودي من الجهتين، لذلك بالنسبة لمعظمنا الماضي أفضل من الحاضر أقلها كنا نعيش في دولتين ذات سيادة خالية من مفهوم الوديعة وانتشار اللصوص والفساد والمخدرات وضعف التعليم ، والآن يكفي مقتطف من أغنية أو صورة قديمة لنجم سينمائي مثل "أميتا بتشان" لإطلاق العنان لهذه المغرية المتعبة المسماة بــ "الحنين " إلى الماضي، وبالمناسبة هذه واحدة من أذكى الحيل التي توصلت إليها أدمغتنا، لأنها تحمينا من الذكريات المؤلمة وتنشطنا باعتقاد متفائل بأن كل شيء سيكون على ما يرام مرة أخرى.

التنقل بين الألبومات التي تحتوي على صور الطفولة والمراهقة و زملاء الدراسة تنعش المشاعر الجميلة، من مننا لا يتذكر فرقة "five friends " في نادي الوحدة الرياضي و روعة الأغاني التي كانت تقدمها في الحفلات والاعراس ، من منا لا يتذكر مسرحية التركة والرحلات المدرسية إلى البحر والحسيني مع المدرسين الأفاضل، من لا يتذكر مجلات ميكي وسمير في مكتبة الشيباني والمذاق الرائع لفاصوليا سعيد ومكرونة مطعم ديلوكس ، أعتقد أنه ليس هناك أروع من الغوص في الذكريات الجميلة، لنشرح لواقعنا الحالي أن الماضي لم يكن جميلا فقط، وذكرياته تجعلنا نبتسم، بل لأن الماضي كان هادئا، وأجمل ما فيه كثرة الناس الطيبة والبسيطة والمبتسمة وبدونهم كانت حياتنا ستعاش عبثًا.

يقول الملحن والممثل الامريكي أوسكار ليفانت أن "السعادة ليست شيئا تختبره أو تشعر به، بل شيئا تتذكره" ، وأعتقد أنه بالفعل في بعض الأحيان نحتاج إلى منح أنفسنا العنان ونسيان كل شيء في العالم وتذكر كل شيء آخر، فحتى الأوقات السيئة في الماضي تصبح ذكريات جيدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى