لا يستقيم الظل والعود أعوج

> لم تكن مفاجِئة حالة النقد والرفض من أعلى المستويات على قرار الحكومة رقم (3) للعام 2023 (بشأن الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز موارد الدولة) وتجلى ذلك في بيان هيئة رئاسة مجلس النواب، وبيان المجموعة الوزارية للمجلس الانتقالي، وبيان الغرفة التجارية والصناعية في عدن وما أصدرته المحكمة الإدارية في عدن أيضا بتعليق العمل بقرار الحكومة، وكما بدا أن برنامج الإصلاح المزعوم للحكومة ومجلسها الاقتصادي الأعلى ظل الطريق في البحث عن (تعزيز موارد الدولة)، وبدلا من إعلانه بكل اتجاهاته وتحديد مساراته صوب الموارد العامة للدولة والوقوف عليها من كل مصادرها وإجراء عمليات تقييم للمحصل منها قياسا إلى المتاح ذهب القرار إلى أيسر الطرق لتعزيز موارد الدولة وللأسف عن طريق كل ما يرتبط بمعيشة الناس وخدماتهم من رفع الأسعار والقيم للغاز المنزلي وخدمات المياه والكهرباء ورفع سعر الدولار الجمركي، وكأن بقية القضايا ذات الصلة بترشيد الإنفاق، ورفع مستوى حصيلة الموارد العامة وغيرها من القضايا قد تم إصلاحها.

يتساءل الناس عن ماهية وابعاد واتجاهات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تدعي الحكومة ويطالبوا بنشره في كل وسائل الإعلام حتى يكونوا على بينة من أمر حكومتهم ومتابعة وتقييم عملها بعد أن عطلت تقريبا كل وسائل الرقابة والتقييم من عدم إقرار موازنة عامه منذ أعوام مضت، وعدم تفعيل أداء ودور الجهاز المركزي، واللافت أيضا أن برنامج الإصلاح كما يؤكد رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة أن إصلاح أوضاع المالية العامة والحكومة هي مطالب الإخوة في التحالف والجهات الدولية أيضا من البنك للصندوق وغيرهم من جهات التمويل الدولية وهي شروط محددة لتقديم أي مساعدات أو دعم تحت أي مسمى كان.

اليوم، وأمام وضعنا الاقتصادي المتداعي في كل مكوناته من الإنتاجية إلى الخدماتية، وتوقف صادرات النفط الخام وهو المورد الأهم في تغطية أهم الالتزامات منذ كم شهر مضى من العام الماضي إلى تردي وارتفاع كلفة بقية الخدمات من المياه للكهرباء، إلى الاسعار والخفض الملحوظ في الموارد العامة المحصلة من كل مصادرها، والأسباب تبدأ وتنتهي بغياب عوامل كفاءة الإدارة والتقييم والمتابعة والتقيد بالقوانين السارية في جوانب الإدارة المالية والسلطة المحلية من قبل كل السلطات من المركزية إلى المحلية.. الأمر الذي يشكل دافعا لإعلان برنامج الإصلاح الاقتصادي لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل السقوط الذي ينذر بالكوارث على الأمن والسلم الاجتماعي للناس الذين ظلوا يكابدون سوء الأحوال بصبر وتأني عل وعسى صحوة الحكومة والقيام بواجباتها ولم شملها وتقديم قضايا الناس ومعيشتهم وخدماتهم على غيرها من القضايا وإيجاد الحلول والمعالجات في حدود الممكن من الإمكانيات المتاحة على اكثر من مستوى بما يسهم في تخفيف معاناة الناس، وذلك نعتقد أنه لن يتأتى مالم يستوعبه برنامج اصلاح اقتصادي يحدد فيه إنجاز وعمل العديد من المهمات التالية:

- على الحكومة إنجاز مهمة الموازنة العامة باعتبارها أحد أهم الوسائل الرقابية وهي ايضا أهم روافع تعزيز موارد الدولة إذا ما تم العمل بالموازنة وقانونها وقواعدها بما يضمن سلامة الإنفاق وفق الاغراض المخططة ومنع دونها إضافة إلى ضرورة استيعابها وإقرارها لمخططات (الربط) للموارد العامة المركزية والمحلية بواقعية تتجاوز الهش من الربط خلال الأعوام المنصرمة وتقييم النتائج الخرافية لمعدلات التنفيذ التي تجاوزت 100 % للعديد من الجهات والمكاتب الإيرادية بل وتعدت بعض الجهات مستويات تنفيذ تفوق المخطط بمئات المرات، ووضعنا الراهن يتطلب موازنة غير عاديه تأخذ في الاعتبار الأزمة العامة التي تمر بها البلد وتتجاوز شكليات الروتين والإجراءات المتبعة في الظروف العادية.

- وقف الصرف المزدوج بمئات الملايين من الدولارات والعملة الوطنية للآلاف من الموظفين خارج الوطن ومثلهم الوزراء والوكلاء وأعضاء مجلس النواب والشورى واعتماد الصرف بالعملة الوطنية فقط.

- تفعيل العمل بالقوانين السارية وضبط المخالفات الدستورية والقانونية لبعض محافظي المحافظات بالتصرف خارج صلاحياتهم التي حددها قانون السلطة المحلية رقم (4)للعام 2000 وتصرفوا بالموارد الضريبية والجمركية بعشرات المليارات إن لم تكن بالمئات وتحويلها إلى حسابات محليه تحت أكثر من مسمى.

- وقف الجبايات والميازين خارج القانون والتي تحصل على ناصية الطرق من المهرة إلى العاصمة عدن مما يكبد القطاع الخاص خسائر كبيرة وبالمحصلة الأخيرة يتحملها المواطنين في الأسواق عند شراء احتياجاتهم من هذه السلعة أو تلك.

- تقليص المشاركات الخارجية الشكلية لأعضاء الحكومة وأعضاء مجلسي النواب والشورى وما تكبد خزينة الدولة المنهكة مئات الألاف من الدولارات وإسناد أمر المشاركات للسفراء في البلدان ذات الصلة بقضية الأزمة والحرب في بلادنا.

- إعادة النظر في جيش العمل الدبلوماسي وانهاء فترات عمل من أكملوا مهماتهم وفق اي معالجات تضمن توفير ملايين الدولارات لطواقم متضخمة وبوظائف ابتدعت على السلك الدبلوماسي.

- انهاء بدعة العمل بحصة 20 % لمحافظات الثروة واستيعاب احتياجات هذه المحافظات في إطار الموازنة العامة بما يضمن سلامة التوريد وايضا سلامة الإنفاق بما هو معتمد ومخطط له.

- تقييم العلاقة بشكل جدي ومسؤول بين الحكومة والسلطات المحلية بالمحافظات بما ينتج الشراكة الواجبة في الدعم والإسناد وتقييم مستوى الأداء في جوانب إدارة التنفيذ للمشروعات التنمية، والموارد العامة وإجراء التقييم الدوري بشكل مشترك بما يعزز الجوانب الايجابية ويمكن من تجاوز الإخفاقات والسلبيات أولا بأول.

- دعم مصلحتي الضرائب والجمارك خاصة وبقية المكاتب الإيرادية عامة وإزالة كل العقبات والمشكلات التي تحول دون انجاز مهامهما في الموانئ والمنافذ وهاتين المصلحتين هما ما يعول عليهما تحصيل مواردها بكفاءة علها تغطي الباب الاول من الموازنة العامة للأجور والمرتبات.

- تشخيص الأسباب ووضع المعالجات لقطاع الكهرباء بشكل جاد ومسؤول وعملي بما يستنزفه هذا القطاع من مئات ملايين الدولارات الذي غابت عنه الرقابة بكل أشكالها.

- تقييم المحصل من الموارد لحصة الدولة من أرباح الوحدات الاقتصادية العامة والمختلطة وفقا وقوانين الإنشاء لها على سبيل الذكر شركة طيران اليمنية التي تشغل الخدمة منفردة في السوق دون منافس، وشركة الغاز في مأرب، وبترو مسيله، وشركة صافر وغيرهم من الوحدات الاقتصادية.

- انتظام عمل الحكومة وأحياء اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية من داخل العاصمة عدن.

هذه القضايا وغيرها مما تعلم الحكومة نعتقد أنها الأساسيات والموجهات في اي برنامج إصلاحي يستهدف إصلاح الأوضاع العامة، وربما الإعلان عن الوديعة السعودية وبغض النظر عن الكثير من التناولات بشأنها سلبا وإيجابا نعتقد أنها حاجة ملحه للمعالجات ولو كانت مؤقتة في أثرها على وضعنا الاقتصادي السيئ في الظرف الراهن ويمكن البناء عليها كمنصة انطلاق لتفعيل دور الحكومة في إعلان برنامج إصلاحها تجاه أمر إدارة مواردها العامة بكفاءة بما يؤدي لرفع الحصيلة من جهة وتقليص أوجه الإنفاق وترشيده من جهة أخرى ذلك هو العمل المطلوب لرفع مستوى ادارة المالية العامة وبالنتيجة سينعكس ذلك إيجابا على السياسة النقدية واستقرار سعر الصرف وتعافي الريال على مراحل إذا ما تعززت بنية الصادرات عامة وعاود تصدير النفط والغاز خاصة ذلك ما يتطلع إليه الناس بغية تخفيف معاناتهم في أوضاعهم المعيشية والخدمية الصعبة.

هذه تحديات أمام جدية الحكومة لتنتقل من الأقوال إلى الأفعال ذلك وحده ما ينتظره الناس ودونه لا ولن يستقيم الظل والعود أعوج.

*مدير عام موارد محلية سابقا.
محاضر في المعهد الوطني للعلوم الإدارية عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى