نتنياهو عالق بين الضغوط والحفاظ على تماسك حكومته

> "الأيام" العرب

> ​اختتمت أعمال قمة العقبة، التي عُقدت الأحد بوساطة الولايات المتحدة، بمجرد التعهد بتقليل حدة العنف وإبطاء وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية في الوقت الذي أضرم فيه مستوطنون إسرائيليون النار في منازل فلسطينية ردا على هجوم دام شنه مسلح فلسطيني.

وتلاشت الآمال في التوصل إلى تهدئة خلال الاجتماع الذي استضافه الأردن في ميناء العقبة على البحر الأحمر وحضره مسؤولون أمنيون إسرائيليون وفلسطينيون رفيعو المستوى عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي فكرة لوقف بناء المستوطنات.

وأظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي مستوطنين شبانا يصلون وهم يشاهدون اشتعال النيران بالقرب من قرية حوارة الفلسطينية بعد ساعات من مقتل شقيقين إسرائيليين من مستوطنة قريبة بالرصاص في سيارتهما.

وقتل فلسطيني وأصيب أكثر من 100 في هجوم المستوطنين الذي أعقب ذلك. وقتل قائد سيارة إسرائيلي الاثنين في هجوم آخر بالرصاص في الضفة الغربية يشتبه بأنه فلسطيني.

وأثارت هذه الأحداث شكوكا في قدرة نتنياهو على تبني موقف متوازن بين واشنطن التي تضغط من أجل التوصل إلى حل وسط دائم وبين حكومته التي تضم مستوطنين متشددين يطالبون باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجمات الفلسطينية.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد زار مدينة القدس منذ أقل من شهر لتأكيد دعم الولايات المتحدة لقرار حل الدولتين الذي يضمن استقلال الفلسطينيين في القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية لكن الإسرائيليين يقولون إن ذلك سيتعارض مع المستوطنات الإسرائيلية.

وقال أموتز أسا – إل، الزميل الباحث في معهد شالوم هارتمان، إن نتنياهو إذا لم يتمكن من السيطرة على أعمال العنف الآن فسيتسبب ذلك في حدوث خلاف أكبر مع البيت الأبيض.

وتابع “إذا تكرر أي شيء على غرار الواقعة التي حدثت الاثنين، فسيعطي ذلك واشنطن دافعا إلى الشك في أن نتنياهو عاجز عن التعامل مع الأمر، ومن ثم سيتحدثون معه بوضوح شديد”، مضيفا أن البيت الأبيض ضغط على الزعماء الإسرائيليين من قبل.

وأردف قائلا “من مصلحته (نتنياهو) الآن إثبات أنه يسيطر على هذا النوع من عنف المستوطنين”.

والاثنين أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس هجمات الجانبين ورحب بتصريحات نتنياهو الداعية إلى وقف ما وصفه برايس بأنه “عنف أهلي” من جانب المستوطنين.

وقال برايس “نتوقع من الحكومة الإسرائيلية ضمان المساءلة الكاملة والمحاكمة القانونية للمسؤولين عن هذه الهجمات، بالإضافة إلى التعويض عن المنازل والممتلكات المفقودة”.

ولكن بعد وقت قصير من بيان مشترك لوزارة الخارجية الأميركية أفاد بأن إسرائيل التزمت بوقف إصدار تراخيص لبناء وحدات استيطانية جديدة لمدة أربعة أشهر، قال نتنياهو إن بناء المستوطنات سيستمر كما هو مخطط له.

وكتب على تويتر “لا ولن يكون هناك أي تجميد”، في إشارة واضحة إلى شركائه من المتشددين اليهود.

  • تأييد الاستيطان

يتطلع الفلسطينيون إلى أن تؤدي واشنطن دورا في كبح جماح حكومة نتنياهو بعد أن شعروا بالقلق منذ الانتخابات الإسرائيلية في الأول من نوفمبر، والتي فاز بها نتنياهو ليبدأ تشكيل حكومته الائتلافية مع حزبي القوة اليهودية والصهيونية الدينية.

وقال المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس “على الإدارة الأميركية الراعية لهذه الحكومة أن توقف كل هذا العنف وهذه الجرائم”.

وعقد إيتمار بن غفير، وزير الأمن الوطني الذي يترأس حزب القوة اليهودية، اجتماعا خاصا في موقع استيطاني من المقرر إخلاؤه لأنه بني دون تصريح حكومي.

وقال بن غفير “يجب سحق الإرهابيين… حان الوقت للعودة إلى عمليات القتل الموجهة والقضاء على قادة المنظمات الإرهابية المحرضة”، ودعا الإسرائيليين إلى “احترام القانون وعدم تحقيق العدالة بأيديهم”.

وتوقع المحلل السياسي الفلسطيني جورج جقمان حدوث المزيد من العنف، قائلا “المعركة الرئيسية ستكون مع المستوطنين”.

وقال دانييل شابيرو المبعوث الأميركي السابق إلى إسرائيل إن “اتفاق العقبة سيحتاج إلى متابعة لكي يكون فعالا”، مضيفا أن أحداث الأحد أظهرت “وجود خطر أن تتجاوز وتيرة التدهور الجهود الدبلوماسية المبذولة للحد منه”.

ولكن يبدو أن قدرة نتنياهو على المراوغة آخذة في التلاشي بعد أن أطلق بن غفير تهديدات سياسية، بينما عزز وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يترأس أيضا حزب الصهيونية الدينية، سلطاته المدنية في الضفة الغربية خلال الأسبوع الماضي.

والآن بدأ المحللون السياسيون في إسرائيل يتساءلون عما إذا كان بإمكان نتنياهو الحفاظ على وحدة حكومته التي لم يمض على تشكيلها سوى ثمانية أسابيع فقط.

وكتب موران أزولاي من موقع يديعوت أحرونوت الإخباري الإسرائيلي “يمكن النظر إلى قمة العقبة على أنها قصة قصيرة. أعلن الأميركيون أن إسرائيل وعدت بتجميد بناء المستوطنات، وهو ما نفاه نتنياهو بعد ذلك. وأثناء ذلك هاجم وزيران منتميان إلى حزبي القوة اليهودية والصهيونية الدينية القمة وقالوا إنها غير ملزمة”.

وأضاف “عشية الانتخابات كان نتنياهو يفكر في الإرث الذي سيحصل عليه عندما يعاد انتخابه رئيسا للوزراء. في الوقت الحالي يبدو الأمر وكأنه فوضى وبدأ في التفكك”.

  • تماسك الحكومة

يعتبر الدكتور يوناثان فريمان، محاضر العلوم السياسية في الجامعة العبرية، أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك تناقض بين التصريحات الرسمية الإسرائيلية وبيان العقبة.

وقال فريمان “نعم نتنياهو قال إنه لن يكون هناك تجميد، ولكن هذا يعتمد على تعريفك لكلمة تجميد، وبشكل عام أعتقد أن السياسة الإسرائيلية لا تتغير عندما يتعلق الأمر بالبناء”.

وأعرب عن اعتقاده بأن “نتنياهو بقوله إنه لا يوجد تجميد يحاول إبقاء الحكومة (الائتلافية) متماسكة، ولكن إذا نظرت إلى العمل الفعلي في الميدان تلاحظ أن البناء سيكون بحده الأدنى كما كان في عهد الحكومة السابقة من دون تغيير”.

وتكمن أهمية اجتماع العقبة، بحسب فريمان، في أنه “فتح قنوات اتصال بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة والفلسطينيين”.

وتابع “أعتقد أنه كانت هناك مخاوف من أنه بوجود أحزاب يمينية مختلفة في الحكومة ستكون إسرائيل أقل قدرة على الاتصال المباشر مع الفلسطينيين كما فعلت الحكومة السابقة، وأعتقد أن هذا هو الهدف الأول من الاجتماع”.

والهدف الثاني، وفق فريمان، هو “تعزيز حقيقة أن الولايات المتحدة (موجودة) في الصورة، وهو ما تم التعبير عنه في البيان الذي وزعته الخارجية الأميركية والذي قال في ختامه إن جميع الأطراف تشكر الولايات المتحدة على دورها”.

واستدرك “مع ذلك يتعين أن نرى كيف ستجري الأمور، وأعتقد أن إسرائيل أبلغت المجتمعين في العقبة بأن ما يؤثر هو الأعمال وليس الأقوال الإسرائيلية، بمعنى أن هناك الكثيرين الذين يتحدثون في الحكومة، ولكن المهم هو ما تفعله الحكومة فعلا”.

وأعرب فريمان عن اعتقاده بأن “نتنياهو يعمل جاهدا للتأكد من أن أعضاء في حكومته لا يعلنون أمورا تشكل سياسة، بمعنى لا يعلنون أمورا لم يتم إقرارها من الحكومة”. وأردف “هذا أمر مهم لأن نتنياهو يهتم بعدم خروج الأمور عن السيطرة فيما يتعلق بالفلسطينيين، ولكنه أيضا يهتم بمسألة بقاء حكومته”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى