​هل يغيّر الاتفاق السعودي الإيراني مسار القضية اليمنية؟

> «الأيام» بشرى الحميدي:

>
اختلفت آراء اليمنيين، كما غيرهم، حول الاتفاق السعودي-الإيراني الذي تم برعاية الصين، والذي يقضي بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، من دون أن يظهر الكثير من التفاصيل حوله، اليمنيون بدأوا يتحدثون ويفكرون كيف سينعكس هذا التغيّر، على واقعهم المأساوي في حرب دخلت عامها الثامن، بعد أن رأوا وقرأوا أن اللاعبَين الرئيسيَين في بلادهم، السعودية وإيران، على وشك أن يحلّوا مشكلاتهما.

أثّر الخلاف السعودي - الإيراني على مدى السنوات الماضية، على دول وأنظمة مختلفة، وكذا على كيانات سياسية وعسكرية وجماعات دينية، الأمر الذي أوجد ردود فعل مختلفةً تجاه ذلك الاتفاق الذي كان مفاجئا بالنسبة لكثيرين، إلا أن واقع البلدين يبدو أنه فرض نفسه، لأسباب عدة، أهمها الاقتصاد، إذ تعيش إيران واقعا مترديا زادته المظاهرات التي تُعبّر عن نقمة شعبية من النظام الحاكم تردّيا، فيما يبدو أن توجه السعودية الجديد، هو تصفير المشكلات والتركيز على تمكين اقتصادها وتنويعه من خارج "سوق النفط".
  • دور الخصمين
يقول الباحث في الدراسات الاستراتيجية العسكرية والأمنية، علي الذهب، لموقع "رصيف22" إن "دور السعودية في اليمن، مبني على مصالح استراتيجية-جيوسياسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية، ولا أتصور أنها ستتخلى عن هذه المصالح، ولذلك هي تحاول أن تدفع بملف الحرب في اليمن إلى نهايات تتوافق مع مصالحها، وهذا بالطبع يتعارض مع الأجندات الداخلية للقوى المختلفة معها ويدفعها إلى استخدام العنف لوقف مثل هذه الأجندات".

وبرأيه، "الدور نفسه تمارسه إيران في اليمن، والتي أيضا تبحث عن مصالحها، وهذا يدفع الطرف الآخر المتمثل في السعودية والتحالف إلى رفض مثل هذه الأهداف، وهذا يعني أن الدورين قائمان على المصالح الخاصة لتلك الدول".

هل هذا يعني أن الحل مُستبعد؟ يجيب الذهب: "حل هذه التباينات يكمن في وقف الحرب، ورفع هاتين الدولتين أيديهما عن دعم الأطراف المتحاربة، والعمل على حل المشكلة داخليا، ودفع جميع الأطراف إلى الانخراط في العملية السياسية وإعادة إعمار اليمن، غير ذلك، سيؤدي إلى دورات عنف أخرى، وسنوات جديدة إضافية من الحرب".

من جهته، يعتقد الباحث السياسي السعودي عشق بن محمد بن سعيدان، أن التقارب سينعكس على الملف اليمني بطبيعة الحال، فمن وجهة نظره، النفوذ المباشر للنظام الإيراني على "ميليشيا الحوثيين"، سيدفعها للانخراط في سلام دائم وشامل مع القوى اليمنية الأخرى.

لكنه في الوقت نفسه، يقول إن "الحل السلمي يحتاج إلى معجزة، علما أن الاتفاق السعودي - الإيراني كان خطوةً ذكيةً تُحسب للدبلوماسية السعودية للضغط على هذه الميليشيا من قبل مرجعيتها السياسية والروحية، أو على الأقل قطع الإمدادات عنها وتصدير السلاح إليها، مما سيعُجّل في انهيارها، ما يجعلنا متفائلين بأن هذا الاتفاق سيحدد مسارات الحرب والسلام في اليمن ويجعل خريطة الطريق لإنهاء الأزمة واضحةً وجليةً، فإما سلام دائم ومستدام ضمن آلية ومخرجات الحوار ومؤتمر الرياض، أو حسم عسكري".
  • السلام وتعاون
يعتقد الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية الإيرانية سعيد شاوردي، أن "إيران والسعودية قررتا فتح صفحة جديدة لبناء علاقات أساسها احترام حسن الجوار والتعاون البنّاء واعتماد آلية الحوار لحل أي خلافات يمكن أن تحدث بينهما مستقبلا"، مشيرا في حديثه لرصيف22، إلى أن "اليمن تتأثر بعلاقات إيران والسعودية، وهناك من يعتقد أن هذا التأثير مباشر وهناك من يقول إنه غير مباشر".

ويضيف: "لو نظرنا إلى القطيعة التي حصلت بين إيران والسعودية بعد عام 2016 وحتى قبل إعلان الاتفاق الأخير بين البلدين، نرى بوضوح أنها أثّرت سلبا على اليمن ودول أخرى في المنطقة، وانطلاقا من هذه القاعدة يمكن أن نتوقع أن عودة العلاقات بين طهران والرياض ستنعكس إيجابا على اليمن خلال الفترة القادمة وستساعد على إنهاء الحرب وحلحلة الخلافات بين صنعاء والرياض".

برأيه، "حاولت السعودية توجيه الاتهام إلى إيران والقول إنها تزوّد حركة أنصار الله بالصواريخ، وسرعان ما أدركت الرياض أن الإصرار على هذا الموقف لن يحقق لها الأمن، والحل هو الدخول في محادثات جادة وصريحة مع طهران، وهذا يُعدّ تطورا إيجابيا وخطوةً في الاتجاه الصحيح".
ومن وجهة نظر شاوردي، الحل في اليمن يجب أن يكون حلا يمنيا - يمنيا، من خلال حوار داخلي جاد، وألا يُقصى أو يُستثنى فيه أحدا، ويجب أن يتم التعلم من التجارب السابقة في اليمن المتمثلة في الحروب والصراعات القبلية.

وينطلق الباحث الإيراني من فكرة أن "أي اتفاق يمكن أن يوقَّع بين السعودية وأنصار الله سيكون بمثابة تكملة للاتفاق الذي أُنجز بين إيران والسعودية بوساطة صينية"، ليقول إنه "إذا ما ساد السلام بين إيران والسعودية وانتهت الحرب بين الرياض وصنعاء، ستبدأ مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين هذه الأطراف، وهذا ما سيعزز ركائز السلم والأمن بين طهران والرياض وصنعاء، إذ إن الصين تبحث عن مناطق آمنةً للاستثمار".

ويضيف: "إذا ما عمّ الهدوء والسلام في المنطقة، فإننا سنشهد مزيدا من الاستثمارات الصينية في كافة المجالات، وستكون الفرصة سانحةً لبكين لإعادة البناء في المناطق اليمنية التي تضررت بفعل الحرب خلال أكثر من 8 أعوام".
  • هل تستمر المناورة؟
يقول الباحث والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، لـ "رصيف22" إن "هذا الاتفاق سيبقي اليمن ساحة مناورة سياسية وعسكرية بين البلدين، لأن إيران لن تفرّط في حليفها الحوثي الذي وضع يده على شمال اليمن، بكل ما يُمثله هذا الجزء الجغرافي من أهمية استراتيجية وما يحوي من مخزون بشري".

ويضيف: "في تاريخ إيران، هناك ما يدل على أن هذا البلد غير حريص على استقرار المنطقة، فطموحاته لفرض النفوذ السياسي وإحياء الهويات الطائفية، واضحة للعيان، لكن من الممكن أن تساهم إيران في تأمين توافقات مرحلية تضمن استمرار خفض التصعيد ووقف طويل لإطلاق النار، وأن يكون ذلك من دون مقابل وليس على حساب النفوذ الراهن الذي حازته جماعة الحوثي التي سيطرت على جزء مهم من اليمن".

ويعبّر التميمي عن تخوف من أن "تأتي أي تسوية للحرب لصالح إيران وحلفائها".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى