​هذا الحبيب يا محب

>
رحمته عليه الصلاة و السلام قد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة وهدى ووسع خلقه الناس جميعا، وسعهم رفقا وسهولة، ونضحت يداه بالعطايا كرما وجوداً، أبرُهم قلباً، وأصدقهم لهجة.

وإن من أخص خصائصه أن لازمته تلك الفضائل الزكية في أشد الأوقات، وأحلك الظروف.

شُجَّ رأسُه، كُسرت رباعيته في غزة أحد فقيل له: (ألا تدعو على المشركين) فقال:" اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون".

نعم، لقد كان رحمة للناس أجمعين، يقول تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وشاشة سمحة، وود يسعهم، وحِلم لا يضيق بجهلهم، وضعفهم ونقصهم.

في حاجة إلى القلب الكبير، الذي يعطي ولا ينتظر العطاء، ويحمل همومهم، ولا يعنيهم بحمل همه.
يهتم بهم ويرعاهم، ويسامحهم ويودهم ويرضيهم، ويعطف عليهم، وهكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]
 (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى).
 ويقول صلى الله عليه وسلم:"إن الله لم يبعثني معنتا، ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا".

 وكان صلى الله عليه وسلم يوصي الدعاة الذين يرسلهم باللين والرفق في الدعوة، وبالتيسير بدل التعسير، فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري - رضي الله عنهما - حين بعثهما إلى اليمن: "يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا".
 لقد كانت تلك سنته العملية، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين "[البخاري].

ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتا كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد.

كما تجلّت رحمته في ذلك الموقف العظيم ، يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى له، حينما أعلنها صريحةً واضحةً : ( اليوم يوم المرحمة )، وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعا في إلحاق الأذى بالمسلمين ، فقابل الإساءة بالإحسان ، والأذيّة بحسن المعاملة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى