اليمنيون في بورتسودان... ترقب وموت ومرض

> عدن/ بورتسودان "الأيام":

> وصول 197 من المواطنين العالقين في السودان إلى عدن بينهم 18 رضيعا
نجاح أول رحلة إجلاء جوية مباشرة لليمنيين في السودان نفذتها الحكومة

ما إن فر 2000 شخص يمني من رمضاء الحرب في بلادهم نحو السودان حيث الدراسة والعمل وتحقيق الأحلام حتى اكتووا بنيران حرب أخرى بدأت شرارتها في أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وهي الحرب التي شردت أكثر من 200 ألف شخص إلى دول مجاورة، بحسب ما كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويفوق عدد اليمنيين العالقين هناك نحو ألفي شخص ظلوا متكدسين في بورتوسودان ومناطق أخرى وسط استمرار المعارك.

وظل طرفا الصراع يتقاتلان مع التزامهما بنود المحادثات التي جرت في مدينة جدة بوساطة سعودية - أميركية وهي البنود التي تعهدا فيها "بحماية المدنيين والسماح بعبور المساعدات الإنسانية".

الموت يسبق وعد الإجلاء

ويروي اليمنيون الذين تواصل سفارتهم السعي إلى إخراجهم، الحالة التي يرثى لها إذ بلغت بحسب قولهم حد "ندرة الأغذية ومياه الشرب والمأوى أو والتكدس في شقق صغيرة وانعدام دورات المياه".

وتوفيت يوم الجمعة، امرأة يمنية تدعى سعدة الشميري ظلت عالقة منذ احتدام الصراع بعد اشتداد وطأة المرض عليها مع تأخر إجلائها مع المئات من الأسر.

وجرى تشييع الشميري وسط حزن العالقين الآخرين في إحدى مقابر منطقة بورتسودان المحاذية للبحر الأحمر بحسب عضو لجنة الطوارئ التابعة للسفارة اليمنية، عمر المخلافي.

وأوضح المخلافي خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أنه "جرى إسعاف المتوفاة إلى أحد المشافي إلا أن مضاعفات مرضها بلغت مرحلة حرجة خلال فترة النزوح إلى بورتسودان وتوفيت وسط حزن عميق".

وتسبب الوضع المأسوي والانتظار المميت في تسجيل أربع حالات إجهاض تم إنقاذ جنينين ووفاة اثنين آخرين بحسب لجنة الطوارئ اليمنية.

مناشدة غير مسبوقة

وقبل أيام، كشف مقطع فيديو عن معاناة صامتة تعيشها طالبات يمنيات في عدد من الجامعات السودانية تفجرت المأساة في كلماتهن المحروقة وهن يناشدن الحكومة اليمنية سرعة إجلائهن قبل أن تتفاقم الأوضاع الإنسانية أكثر ويصبحن ضحايا حرب لا ترحم أحداً هناك، بحسب مقطع فيديو حقق انتشارا واسعا.

وقالت إحدى الطالبات اليمنيات، إنها تنتظر الإجلاء "منذ أسبوعين"، فيما قالت أخرى، إنها شاهدت حالات ولادة بين نساء يمنيات وحالات وفيات أيضاً وتصفها بالمشاهد الـ "محزنة".

وعبرت الطالبات عن آمالهن السابقة بالتعليم وبناء مستقبل أفضل لأسرهن، لكن الآن بحسب إحداهن "نريد الفرار من الموت... هناك إهمال وتقاعس حكومي"، على حد وصفهن.

الانتقال بين نقيضين

ويروي أكاديمي يمني تفاصيل هربه من المعارك بالخرطوم بواسطة حافلة مع أسرته. ويقول "تعطلت الحافلة وسط الطريق الأمر الذي دفعني لدفع مبلغ كبير لوسيلة أخرى من أجل الهرب". وكانت الحرب قد دفعت السائقين إلى مضاعفة أسعار النقل مقابل تأمين حياة الهارين.


ويضيف الأكاديمي اليمني إبراهيم المهلل، لم تعد البلاد كما كانت من قبل، فهناك انعدام في كل شيء "الأكل والماء والنقود".

وبات مستقبل أموال كثيرين المودعة في المصارف مظلما وسط إغلاق بعضها والبعض الآخر تعرض للنهب.

يقول المهلل "وجدنا شبابا يغيثون الناس والهاربين بالمياه والفواكه والطعام وفي جانب الطريق الآخر ثمة مجاميع تنهب مقار الدولة والمصانع ومحلات قطع الغيار كنا نتوسط نقيضين لصورة من صور الحرب".

وبعد نحو 12 ساعة من السفر البري المليء بالخوف وبعد المرور من نقاط القوات المنتشرة والعربات المدرعة وأصوات المدافع والطيران الحربي، يروي المهلل "وصلنا إلى بورتسودان واستقبلتنا لجنة الطارئ التابعة للسفارة اليمنية".

ونتيجة للازدحام الشديد في المأوى يروي اليمني الذي أنهكته الحروب "كنا بجوار شقة لطالب سعودي اتصل إلينا به بعد إجلائه لبلاده واستأذنته بدخول الشقة فرحب بنا حينها اضطررنا لكسر الباب بمعية ملاك الشقة الأقباط وهم الذين سارعوا مشكورين بتحضير طعام العشاء لنا".

انتقائية

يأتي ذلك في ظل بروز اتهامات تواجه السفارة اليمنية في الخرطوم بـ"الانتقائية" في عمليات الترحيل، وبحسب يمنيين فإن "النساء والطالبات كان من المؤمل أن يحظين بالأولوية في عملية الأجلاء".

وتداول ناشطون اتهامات لمسؤولي السفارة وملحق شؤون المغتربين بالتواصل مع عدد من العالقين سراً لإبلاغهم بموعد الرحلات الجوية، طالباً منهم الاستعداد لنقلهم جواً إلى مدينتي عدن أو جدة، بشرط ألا يخبروا أحداً.

وهو إجراء مخالف بحسب مراقبين للإجراءات المتبعة بنقل العالقين التي تم إعدادها مسبقاً وهي بحسب الأولوية الذين حضروا أولاً إلى بورتسودان، أو وفق الأقدمية أو بحسب أصحاب الحالات الخاصة والحرجة كالنساء والأطفال.

وحول هذه الاتهامات حاولت "اندبندنت عربية" التوصل لرد من السفارة اليمنية في الخرطوم إلا أنه لم يرد حتى إعداد هذا التقرير أي رد.

ونشرت السفارة اليمنية في الخرطوم الجمعة، بيانا قالت فيه، إنه يجري الاستعداد لتسيير رحلات لطيران الخطوط الجوية اليمنية خلال هذا الأسبوع مباشرة من بورتسودان إلى عدن، وفق توجيهات رئيس الوزراء اليمني. ولفتت السفارة إلى أن الحكومة اليمنية تتجه للتعاقد مع شركة طيران أخرى حتى يتم إجلاء جميع الرعايا العالقين في بورتسودان ونقلهم إلى أرض الوطن، بحسب "اندبندنت عربية".

وبحسب التفاصيل، تستعد طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية، للإقلاع من مطار بورتسودان وعلى متنها نحو 180من العالقين متوجهة إلى مطار صنعاء الدولي كثاني رحلة في عمليات الإجلاء المباشر لليمنيين العالقين في السودان.


وفي وقت سابق، أمس الأحد، وصلت طائرة لليمنية مطار عدن الدولي وعلى متنها 197 من المواطنين العالقين في السودان، بينهم 18 رضيعا، في أول رحلة إجلاء جوية مباشرة تنفذها الحكومة اليمنية.

وقال رئيس اتحاد طلاب اليمن في السودان عضو لجنة الطوارئ الحكومية المهندس عفيف البراشي، إنه يجري الآن صعود جزء من العالقين اليمنيين على متن طائرة للخطوط الجوية اليمنية في مطار بورتسودان، وهي ثاني رحلة في عملية الإجلاء الجوي المباشر.

وأضاف البراشي لـ"المصدر أونلاين"، أن الرحلة ستنقل جزءا من العالقين في السودان إلى مطار صنعاء الدولي، بناءً على ترتيبات لجنة حصر والتنسيق ووفقا لأولويات الحالات الإنسانية والطالبات والأسر.

وستتبع الرحلتان، رحلتين آخرين اليوم الاثنين لنقل جزء من العالقين اليمنيين البالغ عددهم نحو 2000 في مدينة بورتسودن.

وأمس الأول، أعلنت السفارة اليمنية في الخرطوم، أنه سيتم تسيير رحلات طيران الخطوط الجوية اليمنية لعمليات إجلاء خلال هذا الاسبوع مباشرة من بورتسودان إلى صنعاء وعدن.

وأشارت السفارة في بيان مقتضب على حسابه بالتواصل الاجتماعي، أنه إضافة إلى الرحلات المباشرة لليمنية "سيتم التوجه نحو التعاقد مع شركة طيران أخرى حتى يتم إجلاء كافة الرعايا العالقين في بورتسودان والعودة إلى الوطن".

وأوضح رئيس الاتحاد في تصريح للمصدر أونلاين، أن الترتيبات لتسيير أربع رحلات جوية لنقل جزء من العالقين في مدينة بورتسودان، شبة مكتملة، وستجري الرحلات خلال يومي الأحد والاثنين.

منذ 24 أبريل الفائت، نجحت لجنة طوارئ مشكلة من السفارة والاتحاد والجالية اليمنية، في إجلاء أكثر من 3 آلاف يمني من المدن السودانية التي تشهد مواجهات مسلحة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر (تبعد عن الخرطوم نحو 1800كم).

وحتى مساء الأحد، بلغ عدد اليمنيين الذين تم إجلاؤهم إلى السعودية ومن ثم إلى اليمن، خلال الأيام الماضية، 935 شخصا فقط، إضافة إلى نقل 179 شخصا في رحلة لليمنية في وقت سابق اليوم.

ولا زال نحو 1800 من العالقين اليمنيين (بينهم نساء وأطفال)، في مدينة بورتسودان يعيشون أوضاعا قاسية، بانتظار عمليات إجلائهم إلى البلاد، تنفيذا لوعود متكررة، طال انتظار تنفيذها.

وتشهد السودان منذ منتصف الشهر الماضي، مواجهات عنيفة بين قوات الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، أدى استمرارها إلى عمليات إجلاء واسعة، معظمها تجري من مدينة بورتسودان الساحلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى