من أشعلوا الحرب لن يكونوا رجال السلام

> كثر الحديث حول وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن بعد أكثر من 8 سنوات من حرب عبثية طاحنة أرجعت البلاد إلى الوراء في كل المؤشرات حوالي 25 عاما دون تحقيق أي أهداف معلنة للمتحاربين وهنا يحق لنا أن نتساءل لماذا لم يرفع شعار السلام والحوار قبل الدخول في الحرب وهل من صنعوا الحرب بقادرين على صناعة السلام.

إن الخسائر الاقتصادية قد كانت هي الأكثر إيلاما على البلد حيث تسببت الحرب الجارية بوقف التنمية ووقف الإنتاج والاستثمار وحدوث خسائر مالية باهضة يقدرها البعض بأكثر من 100 مليار دولار أمريكي وهي مبالغ خارج قدرة اقتصاد البلاد وتدبيرها يحتاج عشرات السنين.

تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية وتعطيل الخدمات العامة وخدمات التعليم والصحة بشكل كبير جدا حيث أرجعتها سنوات إلى الماضي.

قسمت الحرب السوق وعطلت سلاسل الإمداد للسلع المحلية والمستوردة وقسمت البنك المركزي والعملة وعطلت السياسات المالية والنقدية، وأوجدت طبعتين للعملة وسعرين للصرف وعطلت التحويلات المالية في البلد وتسبب كل ذلك بخسائر كبيرة ومعاناة جسيمة للسكان.

أحدثت الحرب العبثية أضرارا إنسانية خطيرة بوقف انتظام دفع الأجور والمرتبات وأدت لزيادة الفقر والمجاعة وتسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم وقد تستمر تلك الأزمة الإنسانية سنوات طوال.

إن العودة إلى السلام أمر في غاية الأهمية، ولكن من سيحقق السلام هل من تسبب في إشعال الحرب يمكن أن يأمل منه تحقيق سلام مستدام ويرمم كل تلك الأضرار.

إن تحقيق السلام يجب أن يبدأ من الحالة الاقتصادية وإعادة الإعمار ومعافاة الاقتصاد على أسس جديدة تتجاوز كل أخطاء وإخفاقات الماضي.

ستواجه مرحلة إعادة الإعمار مشكلة التمويل المالي والذي يتجاوز 100 مليار دولار كما ستواجه العملية مشاكل فنية وإدارية شاقة فهل يمكن إدارة تلك العملية دون ارتكاب فساد ومحاباة وتقوم على أسس شفافة وتنافسية.

إننا نعتقد جازمين أن إحلال السلام وإعادة الإعمار هي مرحلة صعبة وأعقد من عملية الحرب ونقترح أن من سيحقق السلام وإعادة الإعمار يجب أن تكون هيئات ومؤسسات وطنية حيادية تعمل على أسس ومعايير دولية وتكون مستقلة عن شخوص وأجهزة الدولة التي تسببت أو انخرطت في الحرب ويجب أن تتم عملية إعادة الإعمار بشراكة دولية ومجتمعية وبشراكة فاعلة من القطاع الخاص المحلي والدولي وبرقابة مجتمعية فاعلة.

* رئيس تحرير مجلة الرابطة الاقتصادية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى