​متطلبات مرحلة إعادة الإعمار

>
مرحلة إعادة الإعمار مرحلة مهمة لإحلال السلام الدائم والتنمية المستدامة، وتمر بها الشعوب بعد الحروب التدميرية واليمن ستمر بهذه المرحلة طال الزمن أم قصر ونعتقد أن إعادة الإعمار ستحدد مسار البلد في المستقبل.

كما ونعتقد أن إعادة الإعمار ليست سهلة كما أنها ليست عملية اقتصادية محضة لصرف الأموال وإعادة بناء مادمرته الحرب، ولكنها في الظرف اليمني يجب أن تكون شاملة لكل ماتم تدميره في المراحل السابقة، بسبب الحروب والاضطرابات والفشل السياسي والاقتصادي والثقافي الذي ساد البلاد عقودا طويلة.
  • إعادة إعمار العقول
إن العقل الفردي والجمعي للبلد قد كان سببا رئيسا لفشل البلد، وعليه يشترط إعادة بنائه من جديد، إن عقلية التخلف في التربية السياسية والثقافية والتعليمية وغياب فكر منفتح على منجزات العلم والخبرة الإنسانية الحديثة في الإدارة قد ساهمت في الوصول إلى مانحن فيه.

إن الاستثمار في الإنسان والتنمية البشرية على أسس حديثة يجب أن يكون ضمن مرحلة إعادة الإعمار لتجاوز حصيلة الفشل والحرب والدمار الشامل لكل البلد، ولا يمكن بأي حال إعادة إعمار البلاد بالعقليات والسياسات والأدوات التي أدارته خلال العقود السابقة، وفشلت في إرساء دولة حديثة، وأضاعت فرص تنمية ونمو اقتصادي كان يأمل أن تحقق خلالها منجزات تلحق البلد بركب تطور المحيط الإقليمي.
  • إعادة إعمار الدولة
لايمكن الحديث اليوم عن وجود دولة بعد أن أجهز الفشل والحروب والإهمال على كل المقومات والهياكل لشبه الدولة ماقبل الحرب.
إن تجاوز الماضي والحاضر يتطلب إعادة بناء دولة حديثة عادلة ضامنة لكل الحقوق السياسية والاقتصادية الجماعية والفردية، والتي أدى غيابها إلى آثار وخيمة للغاية كما ولابد من إعادة الحقوق لأصحابها.

إن إعادة إعمار الدولة يجب أن يشمل إعادة النظر في تركيب الدولة و نظام الحكم ومؤسساته وقوانينه، وأسلوب اختيار قادته، وبناء فكر وأسلوب للحكم مغاير لما ساد سابقا.
  • إعادة إعمار النسيج الاجتماعي
تسببت سياسات وأسلوب الحكم وأسلوب الإدارة وطريقة جني الموارد واستخدامها وتوزيعها وغياب العدالة، والفرص المتساوية والعادلة للناس وانتشار المفاسد وسياسة فرق تحكم وسوء إدارة العمل السياسي والحزبي والإعلامي، وأسلوب إدارة الحكم واعتباره فهلوة الرقص على رؤوس الثعابين، وعوامل أخرى أدت إلى تهتك حاد في النسيج الاجتماعي وتمزقه إربا، وانتشار الكراهية والعداوات والخصومات على أوسع نطاق، يمكن أن ينتشر بين السكان سواء بشكل جماعي أو فردي ، ولذا فإن إعادة ترميم العلاقات الاجتماعية والإنسانية، يعد شرطا أساسيا للسلام والاستقرار والتنمية المستدامة، ويمكن أن يساعد حل المشاكل السياسية والمظالم الحقوقية على ترميم نسيج المجتمع وتآلفه.
  • إعادة إعمار الاقتصاد
بعد سنوات من الفشل التنموي والاقتصادي والإهمال وما دمرته الحروب فقد تراجع اقتصاد البلاد سنوات إلى الوراء، كما إن إعادة الإعمار تتطلب موارد هائلة للغاية، وتتطلب وقتا طويلا، كما وتتطلب أسلوبا مختلفا في جمع الموارد وإدارة استخدامها بشكل حديث وشفاف، بعيدا تماما عن التبديد والفساد وسوء الإدارة.
  • ترتيب الأولويات
إن إعادة إعمار شاملة يجب أن تتركز في مجالات البنية الأساسية العامة، مثل الطرق والموانئ والمطارات وغيرها والخدمية في مجالات الكهرباء والمياه  والتعليم والصحة والاتصالات وبناء أجهزة وهياكل مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسات الإيرادية، ومؤسسات تحصيل وإدارة استخدام الموارد وغيرها، وإعادة بناء القدرات في مجالات الصناعة والزراعة والأسماك والنفط والغاز والمعادن وغيرها.
ويجب أن تراعي خطط ومشاريع إعادة الإعمار تحسين وضع الإنسان، وتجاوز الفقر والمجاعة من خلال إشراك السكان، وخلق فرص عمل جديدة وكبيرة، وتنفيذ مشاريع  مدرة للدخل وتشجيع الشباب والنساء والأسر على إقامة المشروعات الخاصة، ودعمها من كافة المصادر المتاحة.
  • من يعيد الإعمار
إن إدارة عملية الإعمار يجب أن لا تمنح للأجهزة والشخوص الذين أوصلوا البلد إلى ما نحن فيه، ونقترح أن يتم ذلك على الأسس والشروط والمحددات التالية:
1- إنشاء هيئة عامة دائمة و مستقلة لإعادة الإعمار يصدر بها مرسوم رئاسي ومن مهامها التالي:
_ تنسيق جهود الإعمار على مستوى البلد دون تمييز أو محاباة.
_ القيام بمهام تخطيط وتنظيم وتنسيق جهود إعادة الإعمار ضمن عملية شاملة.
_ تنظيم تمويل إعادة الإعمار من كافة المصادر الداخلية و الخارجية.
_ التنسيق مع الجهات والمؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية المانحة في تمويل وإدارة تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار.
_ فتح مكاتب للهيئة على مستوى المحافظات للتنسيق مع السلطات المحلية و المستفيدين من إعادة الإعمار وخاصة المتضررين من الحرب.
_ إشراك القطاع الخاص في عملية إعادة الإعمار.
_ اعتماد أنظمة خاصة لأجهزة إعادة الإعمار وخاصة في مجالات التوظيف والتعيين والأجور والمناقصات والتوريدات والتعاقدات.
2- إنشاء بنك خاص لإعادة الإعمار تورد إليه كل الموارد المالية من كافة المصادر، و يتمتع باستقلالية تامة عن مؤسسات الدولة المالية.
3- إنشاء وحدة خاصة ومستقلة تهتم بالتقييم و المراجعة والتدقيق، لكافة عمليات هيئة إعادة الإعمار في كافة مجالات مشروعات إعادة الإعمار.
4- الإشراك الفعال للصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة، وصندوق الرعاية الاجتماعية في القطاع الخاص وعمليات إعادة الإعمار و الإغاثة الإنسانية ومحاربة الفقر وغيرها من مشروعات إعادة الإعمار.
وعليه يجب أن لا ينظر لعملية إعادة الإعمار كعملية ترميم مادمرته الحرب فقط، ولكن باعتبارها عملية سياسية واقتصادية واجتماعية، تسخر لحل كل المشكلات التي أدت إلى الحرب، وتأسيس لحلول دائمة تضمن السلام المحلي والإقليمي والدولي.
رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية *

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى