نحن جيل الزمن الجميل، زمن المعيشة البسيطة، كانت حياة الرضا والقناعة (جمال البساطة)، نحن جيل كانت رواتبنا بسيطة ما بين 30- 40 دينار يمني جنوبي (دينار البركة، كانت تكفي أسرة كاملة، وكنا نوفر منها لحسابنا في البنك والبعض يدخل (هكبة) والحياة مستمرة وجميلة، نحن جيل أحببنا الدراسة والمدرسة ولا نكثر من الغياب، نحترم المدرس والمدير، ولم نقهر نفسيا من عصا المعلم الذي كنا نهابه داخل المدرسة وخارجها، نحن جيل لم ندخل مدارسنا بهواتفنا النقالة، ولم نشك من كثرة المقررات الدراسية ولا من حجم الحقائب الدراسية، ولا من كثرة الواجبات المنزلية، نحن جيل لم يكتب لنا والدانا واجباتنا المدرسية، وكنا ننجح بلا دروس خصوصية، وبلا وعود وحوافز من أهلنا، وكان الغش والبراشيم ممنوعة في الاختبارات والامتحانات النهائية (الوزارية) (اجتهاد واعتماد على النفس) نحن جيل كان خطنا جميلا ومرتبا ومفهوما وواضحا!!

نحن جيل إذا خرجنا للبلكون وبنات جيراننا موجودون في بلوكناتهم كنا نوطي رؤوسنا لتحت الشارع، أو ندخل ونرجع الستارة (تربية وأخلاق وأدب واستحياء)

نحن جيل كنا نلوح بكفوفنا الصغيرة لطائرة أو الهيلوكوبتر وننظر للسماء بفرح وبهجة، نحن جيل نحيي رجال الشرطة والمرور بهيبة واحترام، نحن جيل يمنع حمل السلاح أو إظهاره أمام الناس، نحن جيل نلاحق بعضنا في (الحافات ) والطرقات القديمة بأمان، ولم نخش من المجرمين واللصوص وقطاع الطرق، نحن جيل إذا جاء فصل الصيف نغلق أبوابنا (باب شبك) في الليل وننام باطمئنان وأمان!!

نحن جيل نتحدث كثيرا ونضحك كثيرا ونتحدث مع بعض ولا نتحدث عن بعض، نحن جيل مسبح حقات، كنا نجتمع فيه مع عائلاتنا بالفرح والسرور (متنفس للعائلات) نحن جيل كانت رحلاتنا إلى بستان الحسيني الجميل بلحج، وكنا نرجع بيوتنا ومعانا الديمان والبيدن والموز (ناس طيبين جدا) ، نحن جيل السينما، وأتذكر عندما ندخل السينما (السيد هاشم) هريكن نتعشى عنده بـ 3 شلينج الفاصوليا اللذيذة والروتي كله (لُب) القرص الواحد يشبع مع حبتين بيض مفور والشاي والسلطة (أيام في قمة السعادة) نحن جيل الدنيار والشلنج والعانة والبستين والفلس (فلوس كلها بركة).

نحن جيل كان السهم الكبير للسمك الديرك (5 شلينج (أنت فين ياديرك) نحن جيل كانت المستشفيات والمستوصفات والعيادات تدخلها وأنت مريض تخرج منها (صاح سليم) كل شيء كان متوفرا الشاش والعطب والحقن حق التسمم والأيدين . ..الخ كانت مجانا بلاش (ملائكة الرحمة بجد).

نحن جيل قناة عدن الوحيدة واليتيمة تبدأ بثها الساعة الرابعة عصرا حتى العاشرة ليلا، تلفاز أبو ريال فوق سطح بيتنا، وكنا نطفي النور وننام للصباح ونذهب مدارسنا وأعمالنا ونحن نشيطون وبصحة جيدة، نحن جيل كانت هوايتنا جمع الطوابع ومراسلة الأصدقاء ومتابعة مجلة سمير!!

نحن جيل كانت المقابر والمدافن مجانا، نحن جيل كنا نتابع مسلسل الهارب الرائع والدكتور بن كي سي وكو جاك، والربل الفني والرجل الفقير والأفلام الهندية والرجل الأخضر (الضخامة الغير معقولة) منيوري والمحقق كولومبو لتشارلز برونسون.. وأفلام الأطفال جريسو وافتح ياسمسم وسندباد والكابتن ماجد وعدنان ولينا، واسألوا لبيبة، وجزيرة الكنز وفلونة، والسنافر.

نحن جيل لبسنا جزمات باتا العالمية للغني والفقير، عن جيل الباصات تاتا العالمية أبو تذاكر يقطعها لك (الكراني)، عن جيل كان لكل عائلة صندوق بريد خاص به وكانت كل الرسايل تصل لصندوق البريد (أمانة ونظام) عن جيل كانت الشوارع سكان (الدراكسيون) سيارات يمني ثم تحولت في عام 1972 إلى اليسار أيام صالح مصلح قاسم وزير الداخلية، نحن جيل يمنع قطع التيار الكهربائي إلا بعد مايعطيك إنذارا مسبقا مهلة لمدة أسبوع لتدبير المبلغ اللي عليك ( في قمه الاحترام والأخلاق والرقي).

نحن جيل كان الحليب المثلت من مصنع الألبان/خورمكسر) له طعم لذيذ، نحن جيل كانت حلاوة (الُمطّو) مشهورة في عدن عبارة عن ألوان مختلفة ولذيدة وكنا نطلب من صاحب الحلوى يعمل الحلوى على شكل سيكل أو بطة أو مظلة .. الخ

والزنجو بمختلف أنواعه ..(سبحان الله أيام جميلة وحلوة) نحن جيل كان الراشن كامل ب70 شلينج، نحن جيل الوالدين والمعلم لهم هيبة واحترام (تريبة وأخلاق) ، نحن جيل نحترم سابع جار ونسمع كلام الكبير ونتقاسم اللقمة الهنية مع الصديق (قلوب طيبة).

نحن جيل نفرح بقدوم شهر رمضان الكريم ونتبادل الأفطار بين الجيران (شعور طيب وجميل)، نحن جيل لانخشى التقدم في السن، جيل يعتبر من أكثر الناس فهما للحياة، نحن جيل كانت لكل أسرة شقة أو منزل أرضي مجانا، تصرفها الدولة للساكنين في عدن، وترميم المنازل والعمارات على نفقه الدولة، ( دولة عظيمة) !!!

بالرغم من اندثار وانتزاع الرحمة والطيبة من أكثر الناس حاليا وانعدام الأخلاق وقلة التربية وعدم احترام الغير والجار وكثرة الألفاظ السيئة والسب والشتم والأذية الإ أننا نقول لهم ربنا يهديكم ويصلح بالكم، نحن جيل عشنا أيام من أجمل سنين عمرنا !! عدن الغالية والحبيبة، ستبقى على مر الدهر الأجمل محفوظة ومحميه من سابع سماء برب العرش العظيم إلى أن تقوم الساعة.

إهداء لمن عاشر تلك اللحظات الجميلة والرائعة، مع تمنياتي الصادقة للجيل الذي ربّانا على الرحمة والمغفرة واحترام الصغير للكبير وحب الكبير للصغير.

من عاشر هذه الأيام الجميلة التي لاتُنسى نتمنى من اللّه عز وجل ترجع وتعود الأيام ولو لحظة.

كثيرة من الذكريات لاتنسى !!!