​اليمن.. جامعة تعز تحت حصار الإرهاب الإخواني

> حسن خليل:

>
تقع مدينة تعز في اليمن على خط المواجهة الساخن في الحرب الأهلية، التي تعصف بالبلاد منذ ما يقرب من عقد من الزمان، منذ أن أطاحت ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران بالحكومة من العاصمة.

ويكافح المدنيون في تعز من أجل العثور على الطعام واحتياجات الحياة اليومية، في ظل انقطاعات متكررة وطويلة للتيار الكهربائي، كما أنّ الماء كذلك غير نظيف، مع انتشار الإصابة بالكوليرا، وانقطاع معظم الرواتب، وتنتشر السواتر في جميع أنحاء المدينة، والتي غالبا ما تكون هي الشيء الوحيد الذي يحمي المواطنين من القناصة القادمين من جانب الحوثيين.

الإخوان لم يكفهم كلّ هذا القدر من المعاناة، حيث تقود عناصر من الجماعة حاليا حملة مسعورة ضدّ جامعة تعز، وهي ثالث أكبر جامعة تعليمية في البلاد، والمطالبة بإغلاقها، عقب قرار الجامعة إقرار برنامج لدراسة الماجستير، في تنمية وتطوير المرأة؛ بهدف تمكين النساء من خلال اكتساب الحقوق المشروعة والقانونية، وفقاً لمبدأ المساواة والعدالة بين الجنسين؛ وهو اتجاه سبق أن اعتمدته جامعتا صنعاء وعدن.

شيوخ الإخوان زعموا انحراف الجامعة بذلك عن المسار الديني، وطالبوا بإغلاق الجامعة التي تأسّست قبل (3) عقود، وتسريح نحو (30) ألف طالب وطالبة في كليّاتها المختلفة، بزعم الحفاظ على الأخلاق والعادات الدينية.

حملة الشيطنة تواصلت، وبحسب صحيفة "العين" الإخبارية، ظهرت عشرات المنشورات التحريضية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، قامت بشيطنة الجامعة، وقال سكان محليون، بحسب المصدر ذاته أيضاً، إنّ الإخوان الذين يسيطرون على المساجد في مدينة تعز، خصصوا خطبا هجومية على الجامعة، واتهموا إدارتها بنشر الشذوذ، وسط المجتمع اليمني، فضلا عن الانقلاب على الدين الإسلامي!

زعماء الإخوان تحركوا على الفور، وعلى رأسهم الدعاة المتطرفون: عبد الله أحمد العديني، ونجله عبد السلام، وعلي القاضي، والزبيري الخزرجي، ونبيل القاضي، ونجيب المخلافي، وإبراهيم الأبي، وآخر يُدعى بلال غنام؛ للتحريض ضد جامعة تعز واتهامها بالترويج بتكريس الفجور والاختلاط.

وبحسب شهود عيان لشبكة "العين" الإخبارية، شارك عدد من المساجد في الحملة الإخوانية، أبرزها: مسجد النور، ومسجد الغفران، وجامع المعلمين، ومسجد الضبوعة، والاعتصام، عبر إقامة ندوات ومحاضرات مسائية يومية للتحريض ضدّ الجامعة وقياداتها الأكاديمية.

من جهته، أصدر ما يُسمّى بمجلس علماء تعز، وهو ذراع إخوانية متشددة، بيانا هاجم بعنف جامعة تعز، ووصفها بالتعاون مع المنظمات المشبوهة، واتهمهما بنشر الانحلال، وإلغاء الفوارق بين المرأة والرجل وتفكيك الأسر. وبحسب تقرير العين أيضاً تصاعدت الحملة المتطرفة ضدّ جامعة تعز وأكاديمييها، ووصلت إلى حدّ المطالبة بإعلان قائمة سوداء تضم أسماء أعضاء مجلس الجامعة الذين قاموا بالتصويت لصالح إقرار تعديل برنامج النوع الاجتماعي، الذي أقر على أساسه برنامج الماجستير، بكل ما يعنيه ذلك من حض على العنف والتكفير والإرهاب المادي.

من جانبها، نفت جامعة تعز في بيان رسمي أن يكون "برنامج النوع الاجتماعي خروجا عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، أو التقليد الأعمى للثقافات الغربية، أو يعني السيطرة على الرجل والتمرد على القيم والعادات والتقاليد الأصيلة". وأكد البيان أنّ "هذا البرنامج يمثل الركيزة الأساسية ونقطة الانطلاق لتفعيل دور المرأة في المجتمع، ويُعدّ إضافة نوعية تقدمها جامعة تعز، من خلال مركز المرأة تجسيدا وترجمة عملية لدور الجامعة في خدمة المجتمع".

وكشف البيان عن الصعوبات التي واجهت إقرار البرنامج "من قبل بعض الذين يستقون معرفتهم عن مسمّى البرنامج من مفاهيم إيديولوجية أو عقائدية، أو من الإعلام الموجه، وكلا المصدرين يرسمان البرنامج كفكرة غربية خطرة تهدف إلى معاداة القيم الدينية وأخلاقيات المجتمع"، في إشارة إلى أذناب الإخوان ومن هم على شاكلتهم.

بدوره، أبدى نائب رئيس جامعة تعز للدراسات العليا الدكتور صادق الشميري أسفه الشديد للحملة الإخوانية المسعورة التي تستهدف منطلقات القيم التعليمية، لافتا إلى قيام هؤلاء بتضليل الناس "بتفسيرات خاطئة لمفهوم النوع الاجتماعي، لدرجة أن يصل الأمر إلى التحريض على من وافقوا على فتح البرنامج". وأوضح المسؤول الأكاديمي التعريف العلمي لمفهوم النوع الاجتماعي، والفرق بينه وبين مصطلح الجنس، مؤكدا أنّ "الموضوعات التي يمكن أن تتناولها الدراسات، تحت مسمّى النوع الاجتماعي في أيّ مجتمع، تخضع لثقافة المجتمع ودينه وعاداته وتقاليده، ولا يمكن أن تتجاوزها". ذلك أنّ "النوع الاجتماعي لا يختص بالمرأة فقط، ولا بالجنس ولا بالسيطرة على الرجل، وليست حركة تهدف لتدمير العائلة، ولا لنقض القيم والعادات والتقاليد المجتمعية، ولا يعني أيضا تخلي المرأة عن رعاية أطفالها، ولا ترك أنوثتها، بل نعني بالنوع الاجتماعي أدوار وحقوق وواجبات وممارسات المرأة والرجل في المجتمع".

بدورها، استنكرت اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن تلك الحملة الإخوانية التي تهدف بحسب بيان اللجنة إلى "خلط المفاهيم؛ بهدف تشويه وإجهاض أيّ دعوة أو فعل يسعى إلى تطوير وتنمية المرأة، لتقوم بدورها في المجتمع". وتابع البيان: "مفهوم النوع الاجتماعي لا علاقة له بتلك الهرطقات التي ألصقت به من قبل حملة المناوئين لتنمية وتطوير المرأة، إنّها حملة تقوم على التلبس برداء الدين، من أجل تزييف الوعي وقمع كل دعوة للتقدم والنهوض".
 "حفريات"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى