معاناة يومية لسكان غرب لحج بحثًا عن إشارة!

> بلال عبداللطيف

> يبحث رضوان وأشقاؤه في التلة الجبلية المطلة على منزلهما عن إشارة لشبكة الاتصال في مهمة صعبة وشاقة محفوفة بالمخاطر والظروف الطبيعية القاسية، كون منطقتهما واقعة في أرياف غرب محافظة لحج التي تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها خدمات الاتصالات.

معاناة مستمرة ومنهكة للأهالي، لكنهم يرونها الوسيلة الوحيدة لسماع صوت ذويهم ومحبيهم والاطمئنان عليهم وتبادل الأخبار ومعرفة الأحوال، نتيجة البعد والمسافات الفاصلة.

البحث عن إشارة مختفية


عن بدء رحلتهم الشاقة، يقول آدم الصبيحي : "نقطع ثلاثة كيلومترات يوميًّا نحو المرتفعات المحاذية لمديرياتنا التابعة إداريًّا لمحافظة تعز، حيث تصل فيها إشارات شبكات الهاتف النقال، لكنها ضعيفة، ومع ذلك نراها حلًّا أخيرًا للتواصل مع الأهل، والأصدقاء ومعرفة ما يدور في العالم الخارجي".

ويضيف الصبيحي: "القاطنون في هذه القرى يواجهون أخطارًا عديدة في ظل انعدام تام لشبكة الاتصالات، تتمثل هذه المخاطر في صعوبة التواصل مع الجهات الخارجية في حالة حدوث أي طارئ قد يحتاج لتدخل بعض الجهات الأمنية أو الإدارية، إذ يتعذر إجراء حتى مكالمة هاتفية بسيطة، إلا بعد تسلق المرتفعات المحاذية -إن أسعفهم الحظ- والتقطوا إشارة الشبكة".

من جانبها، تتحدث أم شوقي (60 سنة)، واصفة حياة التنقل من وإلى المرتفعات بحثًا عن إشارة الاتصال قائلة: "قضيت سنوات من المعاناة والبحث عن مكان تواجد التغطية، لكني بدأت أشيخ الآن، ولا أستطيع الطلوع والنزول نحو الجبال لسماع صوت أولادي والاطمئنان على صحتهم ومعرفة أحوالهم وأحوال أولادهم".

وتستمر أم شوقي في سرد معاناتها قائلة: "مرة سقطت أثناء سيري نحو مرتفع فأصبت بكسور في يدي ورضوض بالغة في جسمي، كأنني كنت في معركة، لكنها معركة الاتصال من أجل الأبناء والأقارب".


في هذا الصدد، تتطلع أم يوسف، من سكان غرب لحج، إلى أن تسرع الجهات المسؤولة بعمل أبراج في مناطقهم المحرومة، ليسهل الحديث والاتصال بالعالم الخارجي وبالأقارب والأصدقاء دون عناء أو مشقة، مؤكدة أنّ هذا حال كل سكان المنطقة، فإما أن تظل بدون تواصل أو ينالك ما ينال الذين يطلعون التلال القريبة.

عزلة تامة

ويضيف فضل الصبيحي : "تعاني مناطق لحج الغربية، خاصة مديرية المضاربة ورأس العارة المترامية الأطراف، ذات الطرق التجارية التي تربط بين الشمال والجنوب، سواءً عبر الطرق الساحلية أو عبر الطرق الجبلية من ضعف شبه كامل -إن لم يكن غيابًا- لشبكة الهاتف النقال أو خدمات الإنترنت، ما يجعلنا نعيش في عزلة تامة عن بقية المحافظات وعن العالم الخارجي".

ويتابع الصبيحي: "نضطر بسبب حرماننا من شبكة الاتصالات إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أعالي الجبال من أجل إنهاء مكالمة بسيطة كالتواصل مع إدارة التربية أو المشاركة في ورشات تدريبية تقيمها إدارة التربية أو إرسال واستقبال التقارير والأبحاث التي تتطلبها المدرسة أو الاطلاع على أي شيء في المجالات المختلفة".

الدراسة في الجبل

في هذا الصدد، يقول مصعب السروري- أحد المبتعثين للدراسة في جمهورية الصين،: "بعد خروجي الاضطراري من الصين نتيجة أزمة كورونا، لجأت الجامعة التي كنت أدرس فيها إلى التعليم عن بعد، ما أجبرني أن أقضي جُلّ وقتي في مرتفع جبلي لأتمكن من متابعة محاضراتي ودروسي، لكنها كانت تجربة رديئة وشاقة بسبب رداءة الإنترنت وضعف الشبكات؛ لذلك أجبرت على مغادرة منطقتي (مضاربة لحج) إلى عدن لمتابعة دروسي".


سائقو سيارات الأجرة، يشكون هم أيضًا، من غياب شبكات الاتصالات، إذ لا يستطيع الزبائن التواصل بهم في حال احتاجوا الوصول لمكان، فضلًا عن الحالات التي يحدث فيها أعطال بالمركبات في مناطق خالية من الخدمات أو السكان، حيث لا يمكنهم الحصول على مساعدة أحد أو التواصل بأحد نتيجة لانعدام شبكة الاتصال بمناطقنا؛ لذلك نضطر إلى التوقف حتى نجد من ينقذنا من مشكلتنا.

تستمر معاناة المواطنين وخيبة أملهم من عدم التفات شركات الاتصالات اليمنية المختلفة بمناطق غرب محافظة لحج، وتحديدًا في مديريتي المضاربة ورأس العارة، بالرغم من كثافة سكانها وعمقها وموقعها الاستراتيجي الرابط بين الشمال والجنوب، سواء عبر مديريات الوازعية، أو عبر مديرية الشمايتين أو المخا أو عبر الساحل.

ويناشد الأهالي هناك عبر "خيوط"، كلَّ الجهات المسؤولة النظر لهذه القضية بعين الاعتبار رحمةً بكبار السن والأطفال، وسرعة النزول وعمل أبراج ومقويات ليستريح الأهالي من عبء المسير والبحث أسوة بالمناطق الأخرى، التي باتت تطالب بخدمة الجيل الرابع (4G)، فيما لا تزال مناطقهم تسعى خلف شبكات اتصال هاتفية.

"خيوط".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى