تصاعد نشاط القاعدة في الجنوب.. الأسباب والأهداف

> «الأيام» حفريات:

> يثير نشاط تنظيم القاعدة المكثف الذي يستهدف جنوب اليمن مؤخرًا مخاوف من مخططات لإحياء التنظيم اعتمادًا على الظرف السياسي المضطرب في البلاد، فضلًا عن حالة الهشاشة الأمنية، خاصة في مناطق الجنوب التي تقود فيها قوات تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي حربًا ضد التنظيم منذ عام، يبدو أنّها لم تنجح حتى اليوم في دحر عمليات التنظيم.

وخلال أغسطس الماضي نفذ التنظيم مجموعة من العمليات استهدفت القوات الأمنية في الجنوب، حيث قتل (5) جنود خلال هجوم جديد نفذه مسلحو تنظيم (القاعدة) بمحافظة أبين جنوب اليمن مطلع الشهر، وقد نفذت قوات الأمن على مدار الشهر عملية واسعة ضد التنظيم، أسفرت عن ضبط أحد أبرز قيادات تنظيم القاعدة في محافظة لحج الجنوبية، والسيطرة على عدة مناطق كانت ضمن سيطرة التنظيم.

وأوردت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية للباحث محمد فوزي أسباب ومآلات التصعيد العملياتي لتنظيم القاعدة في اليمن، والسيناريوهات المتوقعة في ضوء استمرار الأزمة السياسية والأمنية في البلاد.
  • نهج عملياتي متصاعد
يقول الباحث: إنّه بالرغم من العمليات الأمنية المتصاعدة ضد تنظيم القاعدة في جنوب اليمن خلال الأشهر الأخيرة، إلّا أنّ الملاحظ هو أنّ النهج العملياتي الخاص بالتنظيم يأخذ اتجاهًا تصاعديًا منذ عام 2022 وصولًا إلى يومنا هذا، خصوصًا في مناطق الجنوب، حتى أنّ بعض التقارير الميدانية رصدت خلال النصف الأول من العام الحالي نحو (38) عملية إرهابية نفذها التنظيم في اليمن، وأدت إلى سقوط قرابة الـ (100) شخص.

وبحسب الدراسة، يجد المتابع للنهج العملياتي للقاعدة في اليمن أنّ هذا النهج قائم بشكل أساسي على استخدام العبوات الناسفة التي يتم زرعها في طريق الحملات الأمنية وفي نطاق مراكز نفوذه وتمركزات عناصره، فضلًا عن متغير عملياتي جديد ومهم تمثل في استخدام الطائرات المسيّرة في عمليات التنظيم، وقد نفذ التنظيم أكثر من عملية بالطائرات المسيّرة ضد القوات الحكومية في محافظة شبوة جنوبي اليمن.

وتُشير بعض التقديرات إلى أنّه في ضوء عدم امتلاك التنظيم في اليمن لتقنيات تصنيع الطيران العسكري المُسيّر، فإنّه لجأ إلى الحصول على هذه الطائرات عبر وسطاء محليين أو عبر اغتنامها خلال بعض المعارك.
  • الاتجاه جنوبًا
أشارت بعض التقارير إلى أنّ زعيم تنظيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي عقد اجتماعًا في مطلع العام الحالي مع من تبقى من قيادات التنظيم، وأعلن فيه عن سياسته العسكرية المؤسسة على مبدأ "الاتجاه جنوبًا"، القائمة على عداء القوات الجنوبية اليمنية والتحالف العربي.

ويدعم النهج العملياتي للتنظيم صحة هذه السردية، خصوصاً أنّ عمليات التنظيم في الأشهر الأخيرة ركزت على محافظتي عدن وحضرموت، ومواقع القوات العسكرية الجنوبية، إلى جانب استهداف القوات العسكرية والأمنية الرسمية في محافظات شبوة ولحج وأبين، وفق الدراسة.
  • ترهيب الموظفين الأمميين
اتبع تنظيم القاعدة في اليمن سياسة تقوم على ترهيب الموظفين والبعثات الأممية العاملة في اليمن، وهو ما تجسد بشكل واضح بعد إعلان الأمم المتحدة في فبراير من العام الماضي عن اختطاف (5) من موظفيها في محافظة أبين أثناء عودتهم من مدينة عدن الساحلية بعد "مهمة ميدانية".

وفي مطلع يوليو، نشر تنظيم القاعدة في اليمن تسجيلًا مصورًا جديدًا يظهر موظفًا بنغلاديشيًا في الأمم المتحدة مخطوفًا منذ (16) شهرًا في اليمن، وفق ما أعلن موقع (سايت) المتخصص في رصد الجماعات المتطرفة، وقال الموقع: إنّ "تنظيم القاعدة نشر فيديو يمثل دليلًا على أنّ المواطن البنجلاديشي أكام سوفيول أنام، مسؤول قسم السلامة والأمن لدى الأمم المتحدة في عدن، على قيد الحياة".
  • إعادة تنظيم الصفوف
تُظهر العمليات الأخيرة المتصاعدة لتنظيم القاعدة في اليمن، بحسب الباحث، أنّ التنظيم استطاع بشكل نسبي إعادة بناء هياكله التنظيمية، وأنّ هذه العمليات تُشير إلى إعداد تنظيمي وقدرة على التنقل والحركة وتنفيذ الهجمات، بما يعكس أنّ التنظيم استطاع إعادة تشكيل أعضائه واختيار قيادات جديدة، على الرغم ممّا لحق بقياداته خلال الأعوام الماضية من تصفيات، فضلاً عن القدرة على استقطاب عناصر ودماء جديدة مكنته من رفع كفاءته وتوسيع عملياته.

كما يعكس النهج العملياتي المتصاعد لتنظيم (القاعدة) في اليمن استفادة التنظيم من بعض الظروف والسياقات المحفزة لنشاط الفاعلين المسلحين من دون الدولة، سواءً الظروف السياسية المرتبطة بالأزمة بين هياكل الشرعية اليمنية والصراع بينها وبين المجموعات الحوثية، أو الظروف الاقتصادية الهشة التي استغلها التنظيم من أجل استقطاب كوادر وعناصر جديدة.

في مقابل سياقات ودوافع العودة، يرصد الباحث جملة عوامل من شأنها عرقلة مخططات تنظيم (القاعدة) في اليمن، وأبرزها الخلافات بين قيادات التنظيم، وتُشير بعض التقديرات إلى وجود صراع قيادة في الفترة الراهنة بين (خالد باطرفي)، و(أبو علي الديسي) مسؤول الدعوة والمشرف على معسكرات التجنيد، و(أبو أسامة الدياني) أحد القيادات الميدانية البارزة، والذي يُقال إنّه المسؤول عن إمداد التنظيم بالطائرات المُسيّرة، وبين بعض القيادات الأخرى داخل التنظيم، وعلى رأسهم (سعد العولقي) الزعيم الإرهابي المهيمن في جنوب اليمن والمنتمي إلى محافظة شبوة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى