تقول العرب ضع نفسك حيث تشاء، وشاء القدر أن وضعنا أنفسنا كجنوبيين إلى جانب من تعاطينا معهم بكل مودة وإخاء، ولم نكن نظن قط أن النتائج سوف تكون مختلفة، إن لم تكن صادمة إلا أننا رغم ذلك نمتلك قدرا من الاعتزاز بالنفس، كما لم نندم على مواقفنا، لقد ذهبنا في الاتجاه الصحيح من منظور عروبتنا وغيرتنا على ديننا من منظور جيرتنا، وذلك هو الوفاء بل هي شيم جبلنا عليها، وتوارثناها، لم نكن قط قد مارسنا الخذلان، وضعنا أنفسنا حيث شاءت كرامتنا وأصالتنا ولا يمكننا أصلا أن نكون شيء آخر.

وإن امتدت لنا حبال الوهم والخديعة، تظل موروثاتنا الجينية متجددة بطابع الصدق والوفاء. بمعنى أن ما نواجهه اليوم هو أصلا من تبعيات صدقنا ووفائنا، وإن كانت تبعيات قاسية للغاية، فربما جبلنا على مواجهة المصاعب مهما بلغت حدتها.

الجنوب اليوم يقف أمام أعتى التحديات والمخاطر التي تخلقت إثر قراءة الكثير من الأطراف الداخلية، التي تعادي حقنا باستعادة دولتنا، بكل السبل والوسائل من بارقة أمل إقليمية، اخذت تلك الأطراف تتلمس طريقها للنيل من قضية شعبنا وإرادته الممهورة بتضحيات جسام، بل ساور هؤلاء يقننا أنهم أمام حالة فتح جديدة تعيد الجنوب إليهم، بعد ان أيقنوا باستحالة ذلك.

كل ذلك ما يواجه شعبنا من مخاطر شتى، ومواقف معلنة وأخرى مضمرة، خلف خطابات منمقة وجمل منتقاة، إلا أن كل الطرق تؤدي إلى روما وفق كل المعطيات. حدة الإساءات لنضالات شعبنا وتضحياته جلية وواضحة.

وما زالت حبال الوهم تمتد باتجاهنا، فهل استوعبنا الدرس، أظن الحال كذلك. فكلما اشتد حجم التآمر كلما زدنا يقننا بانتصار قضيتنا على ما في ذلك من أثمان. إلا ألا سبيل آخر أمامنا،ـ لقد استنفدوا حسن ظننا وكل ما فينا من وفاء. نعم لقد طال أمد مسافاتنا بحكم ما اعتملت في سبلنا من معوقات وعراقيل تخطت في بشاعتها الوصف.

بعد أن نالت من معيشة السكان واسقرارهم، لتزيد من تحديات الوضع المعيشي المتلازم مع ملفات الخدمات ونحوها، يلبسون الحق بالباطل للنيل من عزائمنا.

وبسعي محموم للنيل من نسيجنا الاجتماعي، وتجاوز توافقاتنا السياسية، باستنساخات بديلة، ومع كل ما سلف يظل للحق طريق واحد، هو طريق العدل التي نزلت به رسالة السماء، عدا ذلك هي ممارسات عبثية، لا يمكنها أن تطغى على العدل الذي ترجح كفته، كلما اختلت معايير البشر.