اتساع رقعة زراعة التبغ في اليمن يهدد بتفاقم الوضع الغذائي

> محمد راجح

> تتزايد مخاوف اليمنيين ومنظمات دولية من التغير الحاصل في الخريطة الزراعية للبلاد، إذ يتزايد إقبال المزراعين في مناطق عدة على زراعة التبغ ومحاصيل أخرى مدرة للمال على حساب المحاصيل الغذائية، ما يزيد التهديدات في البلد الذي يواجه في الأساس تمدداً في رقعة الجوع بفعل الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

وتظهر خريطة الإنتاج الزراعي في اليمن، تركز زراعة التبغ بدرجة رئيسية في محافظة الحديدة شمال غربي البلاد بنسبة تتجاوز 90 %، في حين تتوزع النسبة المتبقية على ست محافظات في جنوب وشرق اليمن، ولا سيما في حضرموت وأبين ولحج والمهرة وشبوة.

وتقدر بيانات الإحصاء الزراعي المحلية إنتاج اليمن من التبغ بحوالي 30 ألف طن من مساحة زراعية تصل إلى نحو 7 آلاف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).

يقول الباحث الزراعي مطلق العزي، إنّ هناك سوقاً رائجة للمنتجات الزراعية من مختلف المحاصيل النقدية كالتبغ والبن والسمسم وغيرها من المنتجات التي يجد فيها المزارع عائدًا مناسبًا يغطي تكاليفه.

ويشكو مزارعون في عدد من المناطق الزراعية اليمنية كمحافظات الحديدة ولحج وأبين من ارتفاع تكاليف زراعة وإنتاج المحاصيل التي تشتهر بها هذه المناطق.

ويلفت التاجر عبد العليم المطري، وهو بائع تنباك (صنف من التبغ) في صنعاء، إلى رواج تجارة التبغ المحلي، مشيراً إلى أنّ له فترة طويلة تزيد على 25 عامًا يعمل في هذا النوع من الأعمال التجارية ويلحظ اهتمام المستهلكين به بالرغم من التغيرات الحاصلة وإغراق الأسواق المحلية بعشرات الأصناف من التبغ والسجائر المستوردة.

في المقابل، يشير مختصون إلى إمكانية الاهتمام بمحاصيل أخرى ذات مردود جيد للمزراعين على غرار القطن الذي تراجع الاهتمام به. وتحذر منظمة الصحة العالمية من زراعة مثل هذه المحاصيل، ودعت في تقرير صادر في مايو الماضي، إلى التوقف عن دعم محاصيل التبغ ومساعدة المزارعين على زراعة الغذاء، في ظل انتشار الجوع في جميع أنحاء العالم.

وتؤكد منظمات أممية أن زراعة التبغ تفاقم تحديات الأمن الغذائي التي تعاني منها الكثير من البلدان من خلال شغل الأراضي الصالحة للزراعة، كما تعاني البيئة والمجتمعات التي تعتمد عليها، حيث يؤدي توسع المحصول إلى إزالة الغابات وتلوث مصادر المياه وتدهور التربة.

وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء خلال الأيام الماضية عدة فعاليات وأنشطته استعرضت تجارب ناجحة في زراعة وتسويق القطن، وكذا تجارب عالمية لتحسين إنتاجيته، إضافة إلى مضاعفة الاهتمام بزراعة المحاصيل الغذائية لمواجهة الأزمات المتفاقمة الناتجة عن انهيار الأمن الغذائي في البلاد.

لكن الباحث الزراعي بسام قاسم، يرى في حديث أنه رغم الحاجة الماسة إلى المحاصيل الغذائية وحتى النقدية الأخرى مثل القطن إلا أن المردود المالي الذي يحققه بعض المزارعين من زراعة التبغ و"القات" يشجعهم على الاستمرار في زراعة هذه النباتات خاصة في ظل معاناتهم من توفير البذور والأسمدة والبنزين للمحاصيل الأخرى بأسعار وكميات تفضيلية.

ولا بيانات حديثة عن حجم وقيمة استهلاك اليمنيين للتبغ، بينما يؤكد مختصون في القطاع التجاري تزايده كثيرًا عن مستويات ما قبل الحرب.

وكانت بيانات مسح ميزانية الأسرة الصادرة عام 2014 عن الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي، قد أشارت إلى إنفاق اليمنين نحو 180 مليار ريال على التبغ، علمًا بأن سعر صرف الريال اليمني شهد انخفاضًا كبيرًا خلال السنوات الثمان الماضية من عمر الحرب والصراع الدائر في البلاد، ليصل إلى أكثر من 1300 ريال مقابل الدولار الواحد من 250 ريالا للدولار قبل عام 2015.

ويعاني اليمن من انعدام الأمن الغذائي الذي لا يزال عند مستويات عالية للغاية، مع توسع نسبة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية، والتي يقدرها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بما يقارب 50 %، ناهيك عن ارتفاع نسبة الأسر التي تعاني من عدم كفاية استهلاك الغذاء إلى أكثر من 55 %.

يأتي هذا بينما يتجه برنامج الأغذية العالمي لخفض وتقليص نطاق وحجم أنشطته في اليمن بسبب محدودية التمويل، والتي تشمل برنامج تعزيز القدرة على الصمود وسُبل المعيشة.

ويتلقى حاليًا نحو 13.1 مليون شخص في جميع أنحاء اليمن حصصًا غذائية عبر برنامج المساعدات الغذائية العامة، وتُعادل هذه الحصة حوالي 40 %من مكونات السلة الغذائية القياسية.

وفي حال عدم الحصول على تمويل جديد، يتوقع البرنامج أن يتأثر قرابة 3 ملايين شخص في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ونحو 1.4 مليون شخص في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا.

وحسب مراقبين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فقد توسعت سياسة التقشف في اليمن لتشمل نسبة كبيرة من الأسر تتجاوز 70 %، إضافة إلى انخفاض معدل انتشار الاستهلاك الغذائي وعدم كفايته بين الأسر في معظم المناطق اليمنية مع تغير أنماط الاستهلاك وتأثيره على تراجع استهلاك الغذاء، وتقلص عدد الوجبات اليومية. ويلاحظ توقف كثير من اليمنيين عن تناول الوجبات والأطعمة المرتفعة أسعارها، أو التي تتطلب عملية إعدادها تكاليف إضافية.

"العربي الجديد".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى