زلزال المغرب يخلف دمارًا هائلاً ورائحة الموت في كل مكان
> كارين طربية:
>
في قرية دوار تاركة - على بعد نحو 90 كلم من مدينة مراكش- تلفح رائحة الموت الزائر كما تلفحه الريح المحملة بالغبار، بين أزقة كلها مهدمة يمر المرء فوق سطح منزل، عبر ما كان غرفة نوم، بين حيطان مطبخ، كل شيء تحوّل ردمًا وحطامًا.
زرنا القرية في أول يوم فُتحت الطرقات إليها.
نحو خمسمائة شخص كانوا يسكنون دوار تاركة، جميعهم تشردّوا، عدد كبير منهم يفترشون الطريق العام حاليًا، قُتل عشرون شخصًا من البلدة في الزلزال.
على مدى ثلاثة أيام توافدت فرق إغاثة تعمل على انتشال الجثث.
"ثم جاء فريق إسباني مع كلاب مدرّبة ولكنهم لم ينتشلوا أحدًا"، يقول مرزوق محمد الذي تطوّع في أعمال الإغاثة مع الجيش الملكي وعمال من شركة التنقيب عن الفوسفات.
ساعد مرزوق محمد خلال ثلاثة أيام في انتشال ثلاث جثث، ويضيف: "واحدة كانت لفتاة انتشلناها البارحة من ذاك المنزل، كانت جثتها منتفخة، انتشلناها من هذا المنزل هناك".
وأنا أسير بين الركام ينبّهني أحدهم إلى أني أسير فوق مزرعة ويعتذر لرائحة "الحيوانات الميتة".
يؤكد لي السكان أنهم ثلاثة رجال وأنهم - بلا أي شك - تحت الركام، قائلين: "هذه القرية عائلة كبيرة ونحن نعرف بعضنا جميعًا ونعرف من يسكن في كل منزل".
يقول: "جئت مع ابني، كنا كلما واجهنا حاجزًا صخريًا، حملنا الدراجة وقطعنا فوق الصخور ثم أكملنا على الدراجة حتى الحاجز الآخر".
يضيف: "وصلت إلى هنا -سطح منزله - وبدأت أنادي: يا فاطمة! يا ملاك! يا أيمن!"
استغرق الأمر اثنتي عشرة ساعة من الحفر المتواصل.
كان الهواء قد بدأ يشتد وخطر الانزلاقات يتضاعف، طلب منا رجال الإنقاذ المغادرة، عدنا من نفس الطريق الجبلية الوعرة والمهدمة التي جئنا منها، نتحايل على الحجارة التي تتدحرج الجبال والصخور المشققة.
أما المشهد الدائم على طول الطريق فهو لوجوه ناس يتظللون تحت أشجار أو شوادر، يتجمعون على طرف الطريق يتأملون قراهم التي تحوّلت مع منازلهم إلى أثر بعد عين.
أسأل بعضهم وقد بدأت المساعدات تصل إليهم، عمّا يحتاجونه اليوم، يجيبون: "نريد منزلًا قبل الشتاء".
"بي بي سي عربية"
بأياديهم العارية يزيل منقذون الركام، يساعدهم متطوعون ورجال من القرية، وعلى الرغم من أنهم يعلمون يقينًا أن جثث ثلاثة أشخاص من نفس العائلة لا تزال عالقة هناك لكنهم يصرون على عدم توقف أعمال إزالة الردم.
زرنا القرية في أول يوم فُتحت الطرقات إليها.
- "أنقذنا خمسة عشر شخصًا"
يقول حسن الذي يتكأ على عكازات وهو يتنقل بين كومة ردم وأخرى: "أنا وأربعة شباب آخرون نجونا بأعجوبة أنقذنا بأيدينا نحو خمسة عشر شخصًا بعد وقوع الزلزال. بعد وقوع الزلزال، انتقلنا من منزل إلى آخر ننادي على أهل المنزل بالاسم، تجاهلنا المنازل التي لم تخرج منها أصوات، انتقلنا من دار إلى آخر وتمكنّا من إنقاذ عدد من الناس".
يشير حسن إلى خزانة ثياب من خشب ويقول: "عثرنا تحتها على ثلاثة أشخاص، جدّ ووالد وصبي بالثانية من عمره، كانت طبعًا مدفونة تحت الأنقاض، انتشلنا الطفل حيًا، والجد نجا على الرغم من أن التراب كان يطمره حتى أنفه، أما الوالد فوجدناه ميتًا، سقط عليه عمود خشبي أصابه في الرأس".
أنقذ حسن هو وأربعة شباب آخرون نحو خمسة عشر شخصا بعد وقوع الزلزال
الوحيدون الذين خرجوا أحياء من تحت الركام هم هؤلاء الذين أنقذهم شباب البلدة.
"ثم جاء فريق إسباني مع كلاب مدرّبة ولكنهم لم ينتشلوا أحدًا"، يقول مرزوق محمد الذي تطوّع في أعمال الإغاثة مع الجيش الملكي وعمال من شركة التنقيب عن الفوسفات.
يقول شاب من المنطقة: "الكلاب الذين أحضرهم الإسبان مدربّة على إيجاد أحياء عالقين تحت الركام، لا على الجثث".
الدمار في البلدة
هو فعليًا كان يدلني على مكان محدد على يساره، ويقصد منزلًا محددًا ولكن كل ما أراه ركامًا كله يشبه بعضه.
- "عائلة واحدة"
يؤكد لي السكان أنهم ثلاثة رجال وأنهم - بلا أي شك - تحت الركام، قائلين: "هذه القرية عائلة كبيرة ونحن نعرف بعضنا جميعًا ونعرف من يسكن في كل منزل".
- "ناديتهم ولم يجيبوا"
ليل الجمعة كان في مراكش حيث يعمل، عندما وقع الزلزال، انطلق مباشرة على دراجته النارية. استغرق الطريق ست ساعات بسبب الانزلاقات الصخرية التي قطعت الطرقات.
118953
اد عبدالله حسين
يضيف: "وصلت إلى هنا -سطح منزله - وبدأت أنادي: يا فاطمة! يا ملاك! يا أيمن!"
لم يجب أحد فبدأ بنبش الركام، حفر حفرة بيديه العاريتين، وساعده الشبان، وانتشل كلا من فاطمة وملاك وأيمن، كانوا جثثًا.
قال وهو يجهش بالبكاء: "لا أجد ما أقول سوى الله يرحمهم، آمين، آمين، آمين".
ازدحام سيارات الإسعاف وشاحنات المساعدات والجرافات والسيارات إضافة إلى ضيق الطرقات، جعل رحلة الساعتين تستغرق خمس ساعات.
أسأل بعضهم وقد بدأت المساعدات تصل إليهم، عمّا يحتاجونه اليوم، يجيبون: "نريد منزلًا قبل الشتاء".
"بي بي سي عربية"