رائدة الصحافة النسائية في اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية

> أنجي عبدالله البيضاني:

>
أنجي البيضاني
أنجي البيضاني
هناك عدد من المقالات التي تناولت بالشرح والتفصيل محتوى هذا الكتاب في طبعته الأولى، وهي مقالات جيدة وقد أثْرَت كثيرا التعريف به كأحد الكتب المهمة والقيمة، التي تطرقت لقضية مهمة كقضية بدايات العمل الصحفي النسائي المرتبطة زمنيا وتاريخيا بمرحلة النضال التحرري ضد الاستعمار البريطاني، في الستينات من القرن الماضي في مدينة عدن وجنوب اليمن.

وها هي الطبعة الثانية لهذا الكتاب وهي تأتي بعد حوالى عشر سنوات منذ طباعته الأولى عام 2006م، حيث بقي الكتاب آنذاك سجين مخازن اتّحاد الكتاب والأدباء اليمنيين في صنعاء حينها، ولم يلقَ رواجًا أدبيًا كان ولا يزال يستحقه.

لقد تم تغييب بعض من تاريخ مدينة عدن وهي تكافح من أجل التحرر من نير المستعمر البريطاني، من قبل السلطة السياسية التي استلمت مقاليد الحكم بعد خروج الاستعمار البريطاني، كما تم تغييب دور كثير من الشخصيات العدنية المرتبطة بهذا التاريخ، والتي كان لها دور متميز ورائد في النضال التنويري والتحرري لمدينة عريقة كمدينة عدن.

ماهية نجيب تتوسط وفدا من الصحفيين الأجانب في مدرسة تدريب وتأهيل في العاصمة البريطانية لندن 1961م.
ماهية نجيب تتوسط وفدا من الصحفيين الأجانب في مدرسة تدريب وتأهيل في العاصمة البريطانية لندن 1961م.

هنا وفي المجال الصحفي انبرى الضمير المهني والإنساني للكاتبة الصحفية نادرة عبدالقدوس، التي آمنت إيمانًا رصينًا بأهمية الكتابة عن شخصية السيدة ماهية نجيب باعتبارها رائدة العمل الصحفي النسائي في عدن واليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية.

سنوات من الجهد والتعب بذلتها الكاتبة في عملية البحث والتقصي عن كل ما يتعلق بحياة هذه السيدة الفاضلة، التي كرست جّل حياتها ومالها في حب الوطن والدفاع عنه والارتقاء به، من خلال الدفاع عن حقوق المرأة والأسرة اليمنية.

وهكذا تشابك الترابط العاطفي، المهني والإنساني بين امرأتين خاضتا المجال الصحفي وكانت محصلته هذا الكتاب الممتع، الذي ضمّ بين دفتيه هذا السرد الشيق لسيرة حياة المرأة والمدينة على حد سواء. فهو غوص في بحر الحياة التي قدرت للسيدة ماهية نجيب أن تعيشها بكل ما فيها من أفراح وأتراح وإبحار في تاريخ وعي المدينة السياسي والاجتماعي، ورصد لتطور وضع النساء العدنيات في تلك الحقبة المتميزة من تاريخ البلاد.

إن الإيمان بحق هذه السيدة الجديرة بكل احترام في أن يحتل تاريخها الناصع بالوطنية والإنسانية مساحة ساطعة بنور الوجود، وأن يرتفع صوتها الهادر في سبيل الدفاع عن حقوق النساء من خلال هذا الكتاب، قد دفع بقوة الإرادة الصلبة للكاتبة نادرة عبدالقدوس في أن تمضي قدمًا رغم كل المشاق، في تأليفه وطبعه للمرة الثانية أيضًا.

مجلة (فتاة شمسان)
مجلة (فتاة شمسان)

لقد كان شغفًا أدبيا والتزامًا وطنيًا وإحساسًا بالمسؤولية الثقافية والمهنية، هو ما دفع وبقوة الإصرار الصامد للكاتبة، في أن تتبوأ مركز الريادة في الكتابة عن هذه السيدة المعطاءة، فهي شخصية نسائية ذات مزايا ليست بالعادية كما أنها تستحق الكتابة عنها وعن تجربتها الرائدة في مجال العمل الصحفي النسائي. والبحث في تاريخها المتميز والمرتبط بتاريخ مدينة عدن. وكما جاء في مقدمة الكتاب وعلى لسان الكاتبة: ( لم تكن فكرة الكتابة عن أول امرأة يمنية، تتصدر قائمة النساء الرائدات في مهنة البحث عن الحقائق-وليست المتاعب- لمجرد الكتابة والسلام بالنسبة لي، ولكن، لأن السيدة ماهية محمد عمر الشيبة "جرجرة" أو ماهية نجيب، لم تكن امرأة عادية، وإنما كانت واحدة من النساء اللاتي حفرن في الصخر، وكان القدر حليفهن).

ماهية نجيب مع الرئيس جمال عبدالناصر
ماهية نجيب مع الرئيس جمال عبدالناصر

(ماهية نجيب، وجه آخر من وجوه عدن التي تحدثت عنها أقلام عديدة، باحثة في تراث هذه المدينة التي أغنت المادة التاريخية للكتابة عنها، وما زالت حتى اليوم تنبض بالمادة المعلوماتية التي تستحق الكتابة عن هذه المدينة التي لن تشيخ. من هذه المدينة جاءت ماهية نجيب، وفي فترة نهوض هذه المدينة استقامت معها هذه المرأة). هذا ما كتبته الدكتورة أسمهان العلس، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة عدن، في تعليقها الجميل عن هذه الشخصية والموجود في الصفحات الأخيرة من الكتاب.

موجز ما أود قوله من خلال هذه السطور، إن الكتاب يُعد من ضمن الكتب المهمة التي عملت على توثيق تاريخ النضال الوطني التحرري في عدن وجنوب اليمن أثناء الاستعمار البريطاني، ليس ذلك فحسب بل أن للكاتبة الصحفية نادرة عبدالقدوس ميزة السبق والريادة في رصد وتوثيق تأريخ الحركة الصحفية النسائية في عدن وجنوب شبه الجزيرة العربية أيضًا، وحق لهذا الكتاب أن يغني المكتبة الوطنية في اليمن وأن يُرصدْ كمرجع مهم في الدراسات الإعلامية والصحفية.

ماهية نجيب باللباس الشعبي وإلى يسارها د. سهير القلماوي من مصر وعقيلة الرئيس السوري خالد العظم في القاهرة بداية الستينات
ماهية نجيب باللباس الشعبي وإلى يسارها د. سهير القلماوي من مصر وعقيلة الرئيس السوري خالد العظم في القاهرة بداية الستينات

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى