صنعاء والرياض

> غادر وفد الحوثي إلى العاصمة السعودية، كما غادر العليمي إلى عاصمة هيئة الأُمم، الاثنان غادرا، كلا الفريقين لن يُنقصا لنا سعر الدقيق، ولن يردّا للريال عافيته.

أما الشعب فإنما يبغي الخير لنفسه، فقد أفسدت الحرب معايشه، وهو يطمع أن تخرج المفاوضات إلى طريق سلام شامل يعم الربوع.

هل طَمِعَ الساسة الآن في اللقاء، والاقتراب من بعض، حين دعا الإصلاح - مثلًا- إلى شراكة مع الانتقالي والمقاومة الوطنية؟

كيف سيقرأ السفير السعودي رسالة الوفد الحوثي بخطِّها الدقيق، ومفرداتها المركّبة التي تبغي طلبات وتُملي شروطًا؟

يلمس الناس أن موازين اللعبة تغيرت، لكن مالم يرَهُ عمر بن فريد قابلًا للتغيير هو "قضية الجنوب".

في السياسة بإمكان عيدروس واليدومي وطارق أن يجتمعا على شاي عدني، أو قَطْف عِنَب صعداوي، لكن مهما تكن الأريحية، والجلسة الحُبيّة سيعجز الاثنان أن يقنعا الزُبيدي بالتراجع عن قرار فك الارتباط!

وقد قيل في فَنْ الديبلوماسية لابأس أن يتعانق الخصوم ويشربا القهوة، لتليين الأرواح والمواقف، ثم يمضي كل شخصٍ في شأنه، فلربما يرجع العليمي من نيويورك فيصافح محمد المشّاط بحرارة، ويربت على كَتِف محمد عبد السلام، ثم يهبط بطائرته في عدن، ويصرِّح بتعنُّت جماعة الحوثي في المفاوضات، ويصمها بالإرهابية!

ليعلم رؤساء الأحزاب وكل الساسة في صنعاء وعدن، أن الأصل في الحياة هو المتاعب والضّنى، أما السرور فيها أمرٌ طارئ، فكيف لا يتعب المشتغلون في السياسة ويذوقوا من نَصَب الدنيا ووصبها، وقد بعث لنا ساسة البلد هذه الحرب، طمعًا في السلطة والثروة، هل هي خطيئة الشمال مثلًا الذي أوقد هذه النار المستعرة منذ ثمان سنوات؟!

شاهدتُ مرة في الواتس صورة قديمة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو يحرث أرض له في الوضيع، قلتُ في نفسي كم مرة اشتاق هادي لأيام السلام تلك في ريف أبين، حينما خرج مطاردًا من صنعاء بالطائرات، وغُصّ بالانقلاب إلى الحلقوم وفرّ إلى عدن، وذهب إلى عُمان، ورجع إلى الرياض، وسكن الدور والقصور، وأطار له هَم السياسة نوم العافية وأرّقَهُ السّهَر، فلربما رأى حين استراح الآن من نَصَب المنصب، كم شوّهت السياسة في هذا البلد مباهج الحياة، بينما كان "البلد سعيدًا".

لطفًا.. نبتغي في "رؤساء العرب" بساطة "رؤساء الغرب"، يترك الواحد منصبه فيذهب مشتاقًا لقيادة دراجة هوائية، أو يشهد مباراة كرة قدم.

لقد تحدثت وسائل إعلام بريطانية أن توني بلير حين ترك منصب رئيس الوزراء، خرج من القصر وعَمَدَ الى درجة هوائية يقودها في فضاء من الحرية، وهو يمرح ويبتسم ملئ شدقيه، كأنما فُكَّ من عِقال!

لماذا لا نرى في رؤسائنا أرواحًا جميلة كهذه، تعانق مباهج الحياة، وقد عَلِموا أن إيليا أبو ماضي غنّى للحُبِّ والعصافير والخمائل والجداول، وأنشد ذات صباح:

والذي نفسه بغير جمالٍ

لا يرى في الوجود شيئًا جميلا..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى