تكتم سعودي عماني يستبق ترتيبات النفوذ في المهرة وحضرموت

> مسقط «الأيام» العرب:

>
  • الامتداد نحو المحيط غنيمة السعودية التي ستخرج بها من حرب اليمن
> الخبر الذي يشير إلى مغادرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لسلطنة عمان أكثر تكتما من خبر وصوله مسقط واستقباله من قبل السلطان هيثم بن طارق. الإطار الذي وضعت فيه الزيارة هو "خاصة".

قبل الخوض في طبيعة العلاقة بين السعودية وسلطنة عمان، ينبغي الإشارة إلى طبيعة الوفد الذي رافق الأمير محمد في زيارته. يتقدم الوفد شقيق ولي العهد وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان ووزير الحرس الوطني عبدالله بن بندر. الوزيران هما المسؤولان السعوديان المعنيان أكثر من غيرهما بالملف اليمني، بشقيه:

- الأول، الحرب ضد الحوثي وتأمين الحرف الجنوبي من الحدود.

- الثاني، ترتيب وضع الجزء الجنوبي من اليمن سواء العلاقة بالمجلس الانتقالي أو صراع النفوذ في حضرموت والمهرة.

القراءة الأولية للزيارة والاجتماعات تقول إن الموضوع الذي بقي مؤجلا لفترة طويلة قد حان وقت البت فيه: كيف سيتم توزيع دوائر النفوذ في المهرة وحضرموت بين السعودية وعمان؟ الطرفان السعودي والعماني ينظران إلى هذه المنطقة كمساحة حيوية لاعتبارات الأمن القومي والفعل الاقتصادي.

الامتداد نحو المحيط هو غنيمة الحرب الوحيدة التي تخرج بها السعودية من حرب كلفتها الكثير، لكنه امتداد فيه الكثير من الشركاء ممن وصلوا إلى طاولة التقاسم أبكر من الرياض.

المعطيات تؤشّر على مسعى إيران لحسم حرب اليمن بعد أن استقر وضع السلطة لصالح الحوثيين في مناطق الشمال، وصار من الواضح أن التحالف يعيد ترتيب أوراقه بشكل يختلف اليوم عن بداية الحرب قبل سنوات، وأن قوى كثيرة برزت لتفرض نفسها في الجنوب ومأرب وشبوة. صار ملف حضرموت والمهرة أولوية لدى الأطراف المعنية، وخصوصا السعودية وعمان.

سبقت سلطنة عمان السعودية بالتحرك نحو المهرة (وحضرموت بدرجة أقل). ليس سرا عسكريا أن الكثير من زعماء القبائل النافذين في المهرة ورجالهم المقربين يحملون الجنسية العمانية بالإضافة إلى جنسيتهم اليمنية. منح الجنسية لهؤلاء كان مرتبطا بشرط البقاء في المهرة بهدف "مسك الأرض" لصالح السلطنة.

مع تزايد إدراك السعودية أن الانتصار على الحوثي صعب ومكلف، صار خيار التعايش مع وجوده في اليمن هو الأساس في التعامل معه. ما لم يتم التعايش معه هو الخيارات الجنوبية التي بدأت تفرز نفسها من أول أيام تحرير المناطق الجنوبية من الحوثيين على يد القوات الإماراتية. القوى الصاعدة في الجنوب، وخصوصا المجلس الانتقالي، ترى أن لا عودة لليمن السابق. وما بدأ مشروعا فيدراليا كفكرة، صار اليوم خطة من المجلس لاستعادة الاستقلال في الجنوب.

استقلال الجنوب مسألة مقلقة للسعودية. فالرياض أبدت اهتمامها منذ عقود بإطلالة عبر حضرموت أو المهرة على المحيط الهندي. السعودية ترى أن كل نفطها وتجارتها يمرّان من خلال مضائق خطرة، في باب المندب ومضيق هرمز. وعزز من إحساس السعودية بالخطر أن الحوثي يتحكم اليوم بممر البحر الأحمر من حافته الجنوبية. ومنذ تولي الأمير خالد بن سلمان منصب نائب وزير الدفاع ثم وزارة الدفاع في السعودية، صار واضحا أن الموقف في المهرة وحضرموت على سلم أولوياته، ربما في اعتراف ضمني بأن من الصعب تغيير الموقف في مناطق سيطرة المجلس الجنوبي لصالح النفوذ السعودي. يبقى بالطبع الخيار الآخر وهو أن تكون الإطلالة السعودية على المحيط من خلال أراضي السلطنة المستقرة نفسها، بدلا من خيارات الأرض القلقة في اليمن.

لا يمكن للسعودية أن تمد نفوذها بشكل سلس في المهرة وحضرموت من دون التنسيق مع سلطنة عمان. وعلى مدى سنوات بقي الاحتكاك بين السعوديين والعمانيين قائما، سياسيا واستخباريا. لكن مزاج التسويات الذي صار يطبع خطوات القيادة السعودية خلال الفترة الماضية كان لا بد أن ينعكس على العلاقة مع مسقط، وهكذا نرى اليوم في تلك الزيارة "الخاصة".

على العكس من سياسة فك الارتباط بالمشاكل الإقليمية التي تتبناها القيادة السعودية مؤخرا، من الصعب تخيّل أنها ستجد "تسوية بلا حصة" في المهرة وحضرموت. عينها على المحافظتين. ولعل الامتداد من خلالهما نحو المحيط هو غنيمة الحرب الوحيدة التي تخرج بها السعودية من حرب كلفتها الكثير. لكنه امتداد فيه الكثير من الشركاء ممن وصلوا إلى طاولة التقاسم أبكر من الرياض. وحتى يأتي الوقت لمعرفة كيف سيتم توزيع النفوذ، سنستمر بتفسير الإشارات المقتضبة من البيانات وتحليل التكتم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى