أكثر من 8 ملايين طفل يمني بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ

> تعز "الأيام" محمد الأصبحي:

> مع ساعات الصباح الأولى يغادر الأخوان محمد مهيوب، 15 عامًا، وشكيب مهيوب، 14 عامًا، منزلهما في جبل صبر، محافظة تعز، الواقعة ضمن مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا. يشتركان الطريق حتى منتصفه، ثم يقصد كل منهما وجهته، شكيب يتجه إلى المدرسة، ومحمد يقصد دكان الحلاقة الذي يوفر متطلبات الأسرة التي من ضمنها حقيبة شكيب ودفاتره.

إن تحملي لمسؤولية إعالة أسرتي يعد السبب الرئيس لتركي المدرسة، فأبي كبير في السن ولا يقوى على العمل في الدكان، يقول محمد.

ليس محمد فقط من يصحو في وقت الذهاب إلى المدرسة، قاصدًا سوق العمل، بل يشاركه الكفاح ملايين الأطفال الذين يجدون أنفسهم مضطرين للتخلي عن الدراسة لإعالة ذويهم، وفق تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

تعد الهجرة من أهم عوامل الحياة الاقتصادية في اليمن، وتنعكس إيجابًا على الحياة الاجتماعية في حال قامت الأسر بدورها في تعليم وتربية الأبناء، لتعويض غياب رب الأسرة. وهذا ما يشجعه على الإنتاج لتوفير النفقات، حسب قول الدكتور محمود البكاري، رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة تعز.

لكن هذا الوضع ليس دائمًا إيجابيًا. فغياب رب الأسرة يتسبب في تسرب الأولاد من التعليم. يعمل أبو محمد في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي سهل على ولده محمد، 10 أعوام، التغيب عن المدرسة في غالب الأيام. يقول محمد لـ"المشاهد": "عندما يتصل أبي أخبره أني أذهب إلى المدرسة كل يوم"، ويضيف: "أنا في الصف الخامس، ولكني لا أستطيع القراءة".

في هذا الصدد، يشير البكاري إلى بعض الاستثناءات التي تكسر القاعدة، أهمها تقصير الأسرة في متابعة الأبناء في ظل غياب الأب، والذي ينتج عنه تسرب الأبناء من التعليم، أو الاستمرار مع الفشل الدراسي، ما يعرضهم مستقبلًا للبطالة أو الهجرة، بحثًا عن فرص عمل كأيدٍ عاملة، لا كوادر مؤهلة.

تقل الخيارات أمام الطفل خالد (اسم مستعار) الذي يجعلها شبه منعدمة، إذا ما سألته، ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟ فخالد يرتاد أحد مراكز العلوم الشرعية.

يتأثر الطالب سلوكيًا وعقائديًا برفيقه، ومعرفة طريق الجنة واجب عليه، وأصل وجوده، وما دونه ليس واجبًا، والهدف الذي يبحث عنه الآباء في المدارس، هو الشهادة لأبنائهم، ولو على حساب دينهم وأخلاقهم، بحسب الأستاذ علي الريمي، مدرس تلاوة، في تعز.

من جانبه، يقول معاذ العبيدي، صحفي يمني، إن إلحاق الأطفال بما تسمى مراكز العلوم الشرعية، ينتج عنه جيل غير واعٍ بالحياة المعاصرة، ولا بماهية العلوم التي تعتبر روح العصر.

ويضيف العبيدي إن مرتادي هذه المراكز -التي تتبنى نظام حياة متشددًا- يحرمون من التنوع المعرفي والثقافي، كونهم لا يخالطون إلا من هم على شاكلتهم.

إلى جانب تجنب رفقاء السوء، يصلي طلاب المراكز الشرعية الفروض في جماعة، بعكس المدارس النظامية التي فيها هم الطالب الأساسي الحصول على الشهادة، ولو عن طريق الغش، يختم الريمي حديثه لـ"المشاهد"، عازمًا إلحاق طفله مستقبلًا بأحد هذه المراكز.

في مثل هذا التوقيت من كل عام، تستعد الطفلة مرام، في صنعاء، للالتحاق بصفها الجديد، لكن هذا العام ليس كسابقيه، إذ توقفت عن الذهاب إلى الصف، بعد انفصال والديها وانتقالها مع أمها إلى منزل جدها.

"الجميع هنا يقيد حريتي، وأتعرض للضرب والشتم على غالب تصرفاتي"، تقول مرام لـ"المشاهد"، وتضيف: "تركت المدرسة خوفًا من تنمر الأطفال على هيئتي، أو الذهاب بدون مصروف يومي".

يتأثر الأطفال كثيرًا بأسلوب التربية والتنشئة الأسرية في جميع جوانب الحياة، ومن الأساليب الخاطئة التي يتبعها الآباء في تربية الأبناء، أسلوب العنف الجسدي واللفظي، وكذلك الإهمال، وعدم تلبية الاحتياجات الأساسية والعاطفية للطفل، يقول وديع محمد، أخصائي نفسي، بمركز خدمات الشباب في تعز.

ويضيف محمد: ينعكس أسلوب التربية بشكل مباشر أو غير مباشر، على بقاء الطفل في المدرسة، وحبه لها، وقدرته على التفاعل الإيجابي في بيئتها، أوكرهه للمدرسة، وعدم القدرة على تحقيق التكيف الإيجابي فيها.

بحسب منظمة اليونيسف، فإن نحو 8.1 مليون طفل في اليمن بحاجة إلى "دعم تعليمي طارئ"، وهناك مليونا طفل خارج المدارس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى