محللون يتحدثون عن خيارات للجنوبيين أمام أي اتفاق يتجاوز قضيتهم

> عدن «الأيام» عبدالله الشاذلي:

>
في  20 سبتمبر الماضي، ومن نيويورك، قال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي لصحيفة "الجارديان" البريطانية: "لقد تم تهميشنا ودفعنا إلى جانب واحد في المحادثات التي تمت في الرياض". تصريحات كبيرة جاءت بعد يوم واحد فقط من عودة وفد جماعة الحوثيين المدعومة من إيران من العاصمة السعودية الرياض إلى مدينة صنعاء بعد محادثات سياسية علنية هي الأولى من نوعها بين الطرفين، دامت لخمسة أيام، وبوساطة عمانية.

الزبيدي، الذي هو أيضًا عضو في مجلس القيادة الرئاسي، حذَّر من "اتفاق سيء" قد يُبرم مع الحوثيين يسمح ببسط سيطرتهم. مضيفًا: "إيران من خلال الحوثيين ستسيطر على آبار النفط في الجنوب وطريق باب المندب التجاري الذي يتدفق عبره النفط بمليارات الدولارات". لاحقًا وفي مقابلة مع قناة "بي بي سي"، شدد الزبيدي على أن الجنوبيين وحدهم هم من يقرر مستقبلهم ومصيرهم ومصير ثرواتهم ومواردهم.

وعلى الرغم من أن تجاوز المجلس الانتقالي الجنوبي في المحادثات السياسية الأخيرة بين السعودية والحوثيين يندرج تحت تجاوز أطراف مجلس القيادة الرئاسي ككل، حيث تنفرد السعودية كما يبدو بالحديث نيابة عنهم، إلا أنَّ واقع كون المجلس أقوى طرف سياسي وعسكري في جنوب اليمن، وعمق قضية الجنوب التي يحملها، طرحت استفسارات قديمة جديدة حول الخيارات المتاحة لدى الانتقالي والجنوبيين تجاه أي "اتفاق سيء" قد يحاول تجاوزهم أو القفز على وجودهم وتطلعاتهم.

ومع محاولة الإجابة على هذا السؤال، تتكاثف أسئلة أخرى حول طبيعة المحادثات الحوثية السعودية الأخيرة، وما إذا كانت فعلًا تمثل تجاوزًا للمجلس الانتقالي الجنوبي وبقية أطراف مجلس القيادة الرئاسي، أم أنَّها لا تعدو كونها مجرد إجراءات لا ترتيبات للحل النهائي. الحل الذي لطالما شددت الأمم المتحدة وحتى السعودية على وجوب أن يكون يمنيًا وتحت سقف الحوار اليمني - اليمني.

يرى المحلل السياسي الجنوبي صلاح السقلدي أنَّ المجلس الانتقالي يجب أن يستكمل "الحوارات الجنوبية وتمتين الجبهة الداخلية كأحد الخيارات المتاحة في الوقت الراهن".  مضيفًا لمركز "سوث24": "هذا الأمر مهم لمواجهة خصوم قضية الجنوب وخصوم المجلس.  بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز القوات الجنوبية ومصادر الإيرادات المستقلة، لتحقيق الاستقلالية وعدم التأثر بابتزاز أي قوى محلية أو إقليمية".

وقال السلقلدي في تصريح لمركز سوث 24 "أيضًا من حق المجلس الانتقالي الجنوبي فتح قنوات تواصل مستقلة مع جميع القوى اليمنية، بما في ذلك الحوثيين والأحزاب الأخرى، بعيدًا عن التدخل الإقليمي، باعتبار أنَّ للجنوب مصالحه الخاصة التي يجب أن يسعى لتحقيقها بحريّة". "الحوثيون منذ بداية الحرب كانوا يشترطون أن يتم الحوار مباشرة بينهم وبين التحالف. لقد نجحوا في استبعاد الانتقالي والرئاسي من الحوار..".

وبالنسبة لنائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح فإنّ "تنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق الرياض ومخرجات مشاورات مجلس التعاون الخليجي يعتبر خيارًا جيدًا لتعزيز الجبهة المناهضة لمليشيات الحوثيين". وقال صالح لمركز "سوث24": "عند تنفيذ الجوانب الإنسانية والاقتصادية والسياسية، فإنَّها توفر مدخلات جيدة لمعالجة القضايا في الجنوب".

وأضاف: "الانتقالي كيان سياسي وطني جنوبي، وهو اليوم جزء من الشرعية التوافقية ضمن إطار مجلس القيادة الرئاسي أو حكومة المناصفة. قضية الجنوب أصبحت ذات مرجعيات سياسية ملموسة، حيث يتصدرها اتفاق الرياض ومشاورات مجلس التعاون الخليجي". "نحن نلتزم بتنفيذ ومتابعة نتائج هاتين المرجعيتين فيما يتعلق بقضية الجنوب، ونطالب بعدم تجاوزها أو تأجيلها".

ويعتقد السقلدي أنَّ المجلس الانتقالي في نهاية المطاف سيذهب إلى خيارات قصوى تحت الضغط الشعبي الجنوبي. مضيفًا: " التوتر سيتفاقم. الضغوط الشعبية والنخبوية في الجنوب ستزداد وتجبر المجلس على اتخاذ إجراءات في مواجهة هذا الوضع الظالم والتغييب عن قضية الجنوب وتضحياته الكبيرة بالدماء والأرواح". "إنّ الخيار المتاح في المستقبل القريب هو اللجوء إلى قوة الجماهير".

ومع ذلك، لا يستبعد السقلدي أن يواجه المجلس الانتقالي ضغوطًا حقيقية. مضيفًا: "قيادة الانتقالي ما زالت غير قادرة على الإجابة على ما إذا كانت ستوافق على اتفاق لم تكن حاضرة فيه. وقد يتم تهديدهم بالعقوبات أو بوعود غير مضمونة من أجل حملهم على التوقيع. اعتقد أنَّه يجب على المجلس الانتقالي تعزيز دعمه واعتماد موارد تمويل مستقلة وكافية، ولا يمكن استبعاد أي سيناريوهات في السنوات القادمة".

الخبير الأمني والاستراتيجي السعودي العميد د. مطير الرويحلي قال لمركز "سوث24" إن الرياض ترى أنَّ "بعض قرارات المجلس الانتقالي الجنوبي تتأثر إلى حد كبير بأجندة خارجية إقليمية ودولية لها أطماع في اليمن". مضيفًا: "مع ذلك فإنّ تواصل الرياض مع الانتقالي ودعمها له ولمجلس القيادة الرئاسي أمر أساسي".

وأضاف: "طوال الفترة الماضية كانت المملكة تتعامل مع المجلس الانتقالي وكانت توليه الاهتمام كمكوّن يمني أساسي، ودعمته في استعادة بعض المناطق اليمنية، إلا أنّ سلوك المجلس بشكل عام وسلوك بعض الأعضاء المؤثرين جدًا وبعض القيادات العليا في الصف الأول كان مُترددًا في تبني رؤية المملكة في حل القضية اليمنية، من منظور المملكة ربما".

وأشار الرويحلي إلى أنّه "من متطلبات هذه المرحلة أن تركز الحكومة السعودية على التفاوض المباشر مع الحوثيين كطرف وسيط؛ لأن هذه الحركة هي التي تحظى بالدعم الإيراني وهي الجهة التي يجب أن ترفع يدها كخطوة أولى عن الشأن اليمني، وبالتالي تأتي المكونات الأخرى والتنسيق معها". مضيفًا: "سياسة المملكة العربية السعودية تتميز بالديناميكية والتجديد، وتهتم بمتابعة الواقع السياسي".

على المدى المنظور، يبدو أن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تميز بسياسة النفس الطويل والمرونة العالية، سيذهب إلى أقصى ما يمكنه مع السعودية في مساعيها للعب دور الوسيط في الأزمة اليمنية. ولكن من ناحية عملية، يظل المجلس محكومًا بجملة من القواعد والمبادئ الراسخة التي قام عليها والتي تمثل عقدًا وطنيًا اجتمعت تحت مظلته معظم وأهم فصائل الحراك الجنوبي والأطراف الجنوبية الأخرى. بالنظر لهذا الأمر، تبدو خيارات المجلس مفتوحة وعلى كل الأصعدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى