يمنيون قابعون في سجون الحوثي منذ أشهر لا لشيء إلا لأنهم يختلفون في دينهم عن دين الحوثي

> يقضي ثلة من مواطنين يمنيين بهائيين من بينهم امرأتان شهرهم الخامس في غياهب معتقلات صنعاء، لا لذنب إلا لأنهم يؤمنون بمعتقد يأمرهم بأن يعبدوا الله الواحد الأحد ويدعوا للسلام والتعايش وينبذ القتال والصراع والطائفية، دينٌ يحثهم على أن يُترجِموا عبادتهم لله وحبهم لوطنهم (اليمن) وللإنسان إلى عمل وعطاء في خدمة المجتمع. باختصار معتقلون لا لذنب سوى كونهم بهائيين.

عشرة مواطنون يمنيون كان اعتقالهم في نهاية شهر مايو الماضي وهم في اجتماع سلمي خاص بهم كبهائيين ليختاروا من يدير شأنهم الخاص بهم لينظموا أنفسهم وفق ما تأمرهم به تعاليم دينهم، وفي ظل الدولة والقانون الذي كفل حق التجمع للمواطنين، في إطار العمل الاجتماعي الذي يهدف إلى بث روح العطاء والعمل التطوعي من أجل خدمة المجتمع وبناء الوطن والحفاظ على سلامته واستقراره. في جو من التسامح والتعايش والعمل المشترك مع الجميع من مختلف الطوائف والمشارب رغم ما تمر به البلاد من أوضاع أقل ما يقال عنها بأنها مأساوية.

لن أتحدث هنا عما حدث في ذلك اليوم، وعن حملة قوات الأمن المخابرات في صنعاء واعتقالها للرجال والنساء الذين كانوا موجودين وما تبع ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان وحق المواطنة المتساوية فتلك أحداث درامية لا شك لدي بأنها ستتحول إلى رواية أو فيلم سينمائي عالمي، يتناول بتجرد الواقع المؤلم الذي نعيشه اليوم. إن ما يهمني هنا في هذا المقال هو ذلك الصمت العجيب من القوى السياسية والتي لم نسمع لها كلمة ولا صوت تجاه ما يتعرض له أتباع الديانة البهائية من أبناء اليمن السعيد على أيدي هذه المليشيات الحوثية وكأنهم يقرون ما تقوم به هذه المليشيات ضد مواطنين يمنيين مختلفين في الدين والمعتقد سوى أصوات قليلة هنا وهناك.

سوف أحاول إحسان الظن ونسيان ما تعرض له البهائيون من قبل من أمثال المواطن اليمني حامد بن حيدرة من تعذيب وضرب وصعق بالكهرباء. وما تعرضت له أنا شخصيًا من تعذيب وضرب مبرح وسجن طال ثلاث سنوات ونصف، وأخي أكرم عياش والذي سجن سنتين ونصف، وصديقي وائل العريقي والذي سجن ثلاث سنوات، والمهندس بديع الله سنائي رحمة الله تغشاه، الذي حصل على الجنسية اليمنية وبقي يخدم اليمن أربعين سنة من عمره، في مجالات التخطيط العمراني وجوزي في الأخير جزاء سنمار بسجنه ثلاث سنوات ونصف، وكيوان محمد علي قادري الذي بقي في سجونهم ما يقارب الخمس سنوات، وغيرهم من البهائيين الذين سجنوا سابقًا وشردوا سأحاول أن أنسى كل ذلك وأنسى أنني وزملائي الخمسة نفينا من بلدنا على أيديكم وقلوبنا تقطر دمًا.

ودعوني هنا أخاطب فيكم الإنسان في داخلكم إن كان بقي فيكم منه بقية، وأطرح عليكم مجموعة أسئلة!

ما الذي يدفعكم إلى الإصرار على بقاء البهائيين في السجون وحرمانهم من الحرية و الحياة بين أهلهم وناسهم وإخوتهم؟

ما الذي يدفعكم إلى حرمانهم من حقهم في أن يؤمنوا بما يرونه حقًا وليس ما ترونه و تريدونه أنتم؟

سأحاول الوصول إلى الأصالة والشهامة اليمنية في قلب ووجدان ذلك المسؤول وأطرح عليه عددًا من الأسئلة كذلك علني أجد لديه الإجابة:

في وطن يعج بالصراعات والقتال والإرهاب والطائفية، ويسير فيه من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء جهارًا نهارًا في الطرقات والأسواق، ألم تجدوا غير البهائيين خطرًا على الأمن القومي لتزجوا بهم في المعتقلات وتصرون على عدم إطلاق سراحهم ليعيشوا أحرارًا في وطنهم الذي يحبونه؟

هل الاختلاف في الدين أوالمعتقد جريمة تبرر الحبس؟ هل القانون يقول بأن على الجميع أن يكونوا على دين ومذهب الأمن والمخابرات ؟

البهائيون متواجدون في اليمن منذ عقود طويلة وتاريخهم واضح ومعروف فهل البهائية أصبحت فجأة تهمة؟ البهائيون موجودون في اليمن منذ نشأة الديانة البهائية، فما الذي جد اليوم ليعاملوا بهذه الصورة؟ هل تريدون تأكيد أن وجودكم الطارئ كسلطة أمر واقع هو ما ألغى التعايش المجتمعي الذي تميز به المجتمع اليمني؟

الدين البهائي يدعو من أهم ما يدعو اليه إلى التسامح والتعايش فهل الدعوة للتسامح والتعايش أصبحت جريمة؟

هل المشاركة في بناء المجتمع وتشجيع الناس على العمل معًا باختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم لخدمة الفرد والمجتمع والوطن، أصبحت جناية؟

هل التطوع من أجل تنظيف حي أو إزالة آثار الحرب والدمار من الطرقات، أو الأخذ بيد المحتاجين، أو ملء فراغ الأطفال المحرومين من الدراسة، أو غير ذلك من أعمال التطوع أصبح خيانة عظمى؟ أسألكم بالله العظيم الذي قال في محكم كتابه {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه غَافِلًا عَمَّا يَعْمَل الظَّالِمُونَ}

والقائل {ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.

هل في معتقلاتكم من هو أنظف يدًا وأطهر قلبًا وأنقى سريرة وأكثر حبًا وعطاءً لليمن من المعتقلين البهائيين؟ هل وجدتم في تاريخهم قطرة دم؟ هل قرأتم في أفكارهم نقطة شر؟ هل وجدتم في أغراضهم على ما يشير للعنف أو الكراهية؟ هل اكتشفتم فيما يؤمنون به ما يشجع على القتال أو الطائفية أو الصراع؟ هل وجدتم في جيوبهم الفقيرة أموال الدولة المنهوبة؟ هل سمعتم في دعائهم وكلامهم غير حب الله وحب الإنسان؟

لماذا تصرون على إبقاء البهائيين في سجونكم؟ أم أن السبب ما تتداوله وسائل الإعلام من أن ملاحقتكم واعتقالكم للبهائيين ليس إلا تطبيقًا لأجندة إيرانية تستهدف البهائيين في اليمن؟

لا أريد أن أتخيل ذلك فأنا ما زلت أحاول أن أستنهض فيكم نخوة الإنسان اليمني المعروف بما يتحلى به اليمني الأصيل من كرامة ونخوة وشهامة وإنصاف.

هل فكرتم للحظة كيف سيذكر التاريخ أعمالكم؟ وكيف سيتذكر أبناؤكم وأحفادكم هذه اللحظة من تاريخكم؟

هل حسبتم أي إرث إنساني تتركون من بعدكم وأي سيرة تكتبون لمن سيحاكمون ويحللون التاريخ من الأجيال القادمة؟

هل تعلمتم من دروس التاريخ كيف تخلد للأبد ذكرى لحظات العدل والتسامح ولحظات الظلم والعدوان؟ هل قرأتم كيف يعظّم التاريخ المظلوم المستضعف وكيف يهين القوي الظالم؟ هل قرأتم عن آل ياسر وعن أبي لهب؟

أخيرًا هل فكرتم في مدى خروجكم عن مراد الله في الاعتداء على من يختلف عنكم في دينه أو المعتقد؟

مازال أمامكم متسع من الوقت وفسحة!!

الأمين العام للمجلس الوطني للأقليات في اليمن *

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى