جيش الاحتلال يزيد مساحة “الحزام الناري” واستهداف محيط المشافي

> «الأيام» القدس العربي:

> وسعت قوات جيش الاحتلال من “الحزام الناري”، الذي امتد من مناطق مدينة غزة وشمالها، إلى المناطق الشرقية الشمالية لوسط قطاع غزة، كما شنت العديد من الغارات الجوية التي استهدفت منازل مسكونة، وأوقعت عشرات الشهداء، في وقت شهدت فيه العديد من المناطق الحدودية اشتباكات تصدّى خلالها نشطاء المقاومة للهجمات الإسرائيلية، وذلك على وقع ارتفاع مؤشرات الخطر التي تواجه أكثر من مليوني مواطن في غزة، بسبب نقص إمدادات الطعام والكهرباء، علاوة عن نقص الأدوية في المشافي.

هجمات دامية وأحزمة نارية

وارتفعت حدة الغارات الجوية والقصف المدفعي للمناطق الواقعة شمال شرق المنطقة الوسطى، وظلت المدفعية، في الكثير من الأوقات، تطلق بمعدل قذيفة في الدقيقة، وفي مرات كثيرة كان يشترك الطيران الحربي الإسرائيلي، ويشن، في آن واحد، أكثر من 10 غارات متتالية، لتشكل “حزاماً نارياً” يجري خلاله تدمير منشآت أو أراض في تلك المنطقة، كما شنت الطائرات الحربية أيضاً غارات على شكل “حزام ناري”، في منطقة تل الهوا، وآخر في مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، علاوة عن شن غارات مماثلة شمال القطاع.

وأكد سكان أن إحدى الغارات استهدفت برجاً سكنياً في “شارع 10” جنوب مدينة غزة، ما أوقع عشرات الشهداء والمصابين، كما طالت الغارات الجوية أماكن قريبة من مشفى “الصداقة التركي” جنوب مدينة غزة، ما أدى إلى تضرر مرافق المشفى الذي يقدم خدمات ورعاية صحية لمرضى الأورام.

وطالب مدير المستشفى صبحي سكيك الرئاسة والحكومة التركية بالتدخل ووقف “العربدة الإسرائيلية وحماية هذا الصرح الإنساني الطبي، الذي يشكل تحولاً مهماً في رعاية مرضى السرطان في قطاع غزة”.

وأحدثت الغارات، التي زادت حدّتها ليلاً، أصوات انفجارات ضخمة وصل صداها إلى مناطق بعيدة، وأحدثت حالة قلق شديدة في صفوف المواطنين لا سيّما الأطفال، وحرمتهم من النوم.

وشوهدت ألسنة اللهب ليلاً في عدة أماكن بشكل متزامن في تلك المنطقة، وفي مناطق تقع جنوب مدينة غزة، بعد أن كانت الطائرات الحربية تلقي بحممها في آن واحد.

وطالت عمليات القصف منازل جديدة، بدون سابق إنذار، ودمرتها بشكل كامل فوق رؤوس ساكنيها، بمن فيهم الأطفال، مرتكبة بذلك جرائم جديدة ضد المدنيين، وهو ما زاد الضغط على طواقم الإنقاذ في إخراج الضحايا من تحت الركام.

واستهدفت الغارات أيضاً منشآت حيوية، منها بئر مياه في منطقة “الدعوة” شمال مخيم النصيرات وسط القطاع، رغم أن البئر يقع في منطقة جنوب وادي غزة، كما طالت الغارات الجوية أيضاً العديد من مناطق مدن جنوب القطاع خان يونس ورفح.

وفي دلالة على ذلك، أعلن جيش الاحتلال أنه قام بتنفيذ هجمات على 600 هدف، ليل الأحد الإثنين، في قطاع غزة، وكذلك القيام بتوسيع عملياته البرية، وقال ناطق عسكري إن قواته تمكنت من القضاء على عشرات المسلحين.

وغطت في ساعات النهار سحب من الدخان تلك المناطق، وامتدت لتشكل ما يشبه سوراً دخانياً أحاط بالمنطقة الشرقية لوسط قطاع غزة باتجاه منطقة جنوب مدينة غزة.

وتلا ذلك أن قامت قوات الاحتلال بالدخول لمسافة كبيرة نسبياً في تلك المنطقة، حيث دخلت لتلك المنطقة دبابات تحت غطاء جوي من الطيران الحربي، ووصلت حتى شارع صلاح الدين، الذي يمر بين مدن القطاع من الشمال والجنوب، وخلال التوغل استهدفت الآليات المتوغلة سيارة مدنية كانت تمر بالصدفة بالمكان، بإحدى القذائف، فدمرتها بالكامل واستشهد من فيها. فيما أعلن الجناح العسكري لحركة “حماس” عن استهداف الآليات بقذائف مضادة للدروع، وتلا ذلك أن انسحبت تلك القوات من تلك المنطقة، إلى منطقة الحدود.

وفي حال عادت دبابات الاحتلال إلى شارع صلاح الدين، فإنها ستقطع شمال قطاع غزة عن جنوبه، وستكون قريبة جداً من الطريق الساحلي “الرشيد”، ما قد يمنع مرور أي مساعدات إنسانية أو طبية إلى مشافي غزة.

ولم يعرف السبب وراء هذا النوع من القصف والتوغل، إن كان هدفه إحداث دمار في المناطق المستهدفة، أم من أجل تمهيد الطريق لمرحلة قادمة من الحرب على غزة، تشمل الدخول البري إلى تلك المنطقة والبقاء فيها، على غرار ما تقوم به قوات الاحتلال في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، والتي دخلتها براً لمسافة محددة، قبل عدة أيام، وتواجه هناك قتالاً شديداً من نشطاء المقاومة.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة إن حجم المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، في الساعات الـ 24 الماضية، “غير مسبوق”، لافتاً إلى أن الغارات الجديدة أوقعت مئات الشهداء والجرحى.

المقاومة تتصدى

كما شهدت المناطق الحدودية الشرقية لمخيم البريج وسط قطاع غزة، اشتباكات مسلحة عنيفة بين المقاومة وجيش الاحتلال، المتمركز على طول الشريط الحدودي.

وفي هذا السياق نقلت تقارير عبرية عن مصدر إسرائيلي قوله إن العملية البرية في قطاع غزة، تسير وفق ما يراه الجيش مناسباً.

ورأى المصدر أن العملية البرية في حد ذاتها “يمكن أن تخدم المختطفين والمفقودين، ويمكن أن تضغط على حركة حماس”، وأضاف: “نحن نجري مفاوضات حول المختطفين والمفقودين تحت النار”.

أما الناطق باسم جيش الاحتلال، فقد توعد بالوصول إلى رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار، وقال: “سوف نلاحق السنوار حتى نصل إليه”.

وفي السياق، جددت المقاومة الفلسطينية استعدادها لأي عملية توغل برية تشنها قوات الاحتلال، وتوعدت بأن تكبد قوات الاحتلال المتوغلة خسائر كبيرة.

كما أعلنت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، إطلاق العديد من الرشقات الصاروخية على مستوطنات غلاف غزة، واستهدفت مدناً ومناطق متعددة.

ومن جديد، قد هدد جيش الاحتلال سكان مدينة غزة وشمالها، وطالبهم بالإخلاء إلى مناطق جنوب وادي غزة، وزعم أنه سيوسع عمليات إدخال المساعدات لسكان مناطق جنوب غزة، غير أن حجم الغارات التي استهدفت مناطق جنوب غزة، وأوقعت عشرات الشهداء والجرحى، كذّبت من جديد رواية الاحتلال.

تهديد المشافي

كما واصلت قوات الاحتلال تهديد المشافي، وبعد تهديدها الأخير لمشفى القدس في منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، عن طريق الاتصالات بإدارة المشفى، لجأت إلى استخدام قوة الصواريخ، حيث قصفت عدة مناطق قريبة من المشفى، في إطار الضغط لإخلائه من المصابين والنازحين، ما أحدث خراباً ودماراً في الطابق الأرضي.

وأعلنت جمعية الهلال الأحمر، التي تدير المشفى، أن عدداً من المصابين والنازحين أصيبوا جراء ذلك الاستهداف، وجددت إدارة المشفى قرارها بأنها لن تنفذ أوامر إخلائه، حيث يريد الاحتلال تدميره، وهو أمر من شأنه أن يضاعف من المأساة، ويزيد الضغط على المنظومة الصحية المنهارة في القطاع.

وحذر القدرة من النوايا المبيّتة للاحتلال الإسرائيلي لاستهداف مشفى القدس، بعد تركيزه المستمر على استهداف محيطه، وإحداث أضرار متعددة به.

وفي السياق، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل “ستنتقل إلى مرحلة أكثر دموية من هجومها على غزة”.

وقد حذر عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، من ارتكاب مجزرة جديدة في مشفى القدس، وطالب دول العالم بتحمل مسؤولياتها في وقف العدوان ضد الأطفال والمدنيين العزل.

وأكد أن مطالبة الاحتلال إدارة المشفى مجدداً بإخلائه من المرضى والجرحى، مع استمرار قصف المناطق المحيطة به، وكذلك تهديد الاحتلال بقصف المركز الثقافي الأرثوذوكسي ومدرسة الروم، “يعد مقدمة مبيتة لارتكاب مجزرة مروعة، ضد المرضى والجرحى و14 ألفاً من النازحين”.

ومع تصاعد الهجمات، وقطع الاحتلال إمدادات الطاقة والوقود، وكذلك تقنين إدخال الشاحنات المحملة بالمساعدات، تزداد المأساة الإنسانية التي يعانيها السكان المحاصرون في غزة، والذين يعانون من ويلات الحرب والدمار.

ولا تزال المشافي تعاني من نقص حاد في إمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية، وهو أمر يحدّ من قدرة الطواقم الطبية على القيام بدور إنقاذ المصابين الذي يردون إليها بأعداد كبيرة، جراء الهجمات المتلاحقة التي تنفذها قوات الاحتلال.

وتواجه المشافي أيضاً مشكلة كبيرة في توفير إمدادات الطاقة، خاصة للأقسام الرئيسية، ومنها العمليات والعناية المركزة، حيث تعمل المشافي بخطة تقنين للوقود المتوفر لديها بكميات قليلة، من أجل المحافظة على العمل بالحد الأدنى.

شح المساعدات

وسبق أن أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” معاناتها من شح إمدادات الوقود، وقالت إنها تواجه خطراً بوقف خدماتها، رغم أنها الجهة الوحيدة الموكل لها مهمة استلام وتوزيع المساعدات.

وأعلن العديد من المؤسسات الدولية، ومن بينها منظمة “أنقذوا الأطفال”، ضرورة أن يكون هناك “ممر آمن” للمساعدات الإنسانية التي تمر إلى غزة.

وهذه المساعدات لا تزال تمر من معبر رفح، الفاصل بين جنوب القطاع ومصر، بعد أن تخضع لتفتيش إسرائيلي دقيق، وكان مدير “الأونروا” في غزة توماس وايت، أكد أن النظام المتبع في إدخال المساعدات لا يكفي احتياجات السكان في غزة، وقال: “احتياجات المجتمعات هائلة، حتى لو كانت فقط من أجل البقاء على قيد الحياة، في حين أن المساعدات التي نتلقاها هزيلة وغير متسقة”.

وأكد في ذات الوقت أن نظام القوافل الحالي “مهيأ للفشل”، وأضاف: “إن قلة عدد الشاحنات، وبطء العمليات، وعمليات التفتيش الصارمة، والإمدادات التي لا تتوافق مع متطلبات الأونروا ومنظمات الإغاثة الأخرى، وفي الغالب الحظر المستمر على الوقود، كلها وصفة لنظام فاشل”.

وبسبب الأزمة الصحية، تزداد المخاوف في هذه الأوقات من تفشي الأمراض الموسمية بشكل أكبر، في ظل حالة الازدحام في “مراكز الإيواء”، وقلة سبل النظافة، خاصة أن تلك المراكز تواجه نقصاً حاداً في إمدادات المياه.

وفي محاولة للتغلب على هذا الأمر بالإمكانيات المتوفرة، نزل عدد من المواطنين، بينهم أطفال، إلى بحر مدينة دير البلح وسط القطاع، للاستحمام بالمياه المالحة، رغم وجود خطر شديد على حياتهم، خشية من قصف إسرائيلي. فيما سيدات يقمن بغسل الملابس في تلك المياه المالحة، علاوة عن تنظيف أواني الطهي أيضاً.

وإن توفر هذا الأمر لعدد محدود من سكان المناطق الساحلية في تلك المدينة، فإنه لن يكون متوفراً لغالبية سكان قطاع غزة، بمن فيهم من يقطنون على مقربة من الساحل في مدينة غزة، التي تتعرض لقصف جوي عنيف.

ومن جديد حمل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وكالة “الأونروا”، والمؤسسات الدولية المسؤولية، بالتنصل من مسؤولياتها وخضوعها للتهديدات الإسرائيلية، خاصة أن هذه المنظمات أوقفت عملها في مناطق غزة وشمالها.

وأكد أن غزة تعد “منطقة منكوبة”، وطالب المؤسسات الدولية القيام بمسؤولياتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وأعلن، مع استمرار القصف الإسرائيلي الدامي على غزة، عن استشهاد 116 من الطواقم الطبية، و18 من فرق الإنقاذ، و35 إعلامياً، منذ بداية الحرب، وقال: “نحن على أعتاب انهيار تام لكافة المنظومة الخدماتية في ظل نفاد الوقود”.

وفي السياق أيضاً، طالبت وزارة الصحة في غزة أحرار العالم بـ “التحرك العاجل لوقف محرقة غزة، والضغط على كل الأطراف لإدخال الإمدادات الطبية والوقود للمستشفيات فوراً”.

وأكد الناطق باسم الوزارة أن تأخير وصول المساعدات الطبية، واستبعاد الوقود “يعمق انهيار المنظومة الصحية، ويعجل بكارثة صحية وإنسانية وخيمة”.

وأوضح القدرة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 56 مجزرة، خلال الساعات الماضية، راح ضحيتها 302 من الشهداء، غالبيتهم من النازحين إلى جنوب قطاع غزة، التي يزعم الاحتلال أنها آمنة.

مجازر جديدة ودمار

وأكد أن الاحتلال تعمد ارتكاب 881 مجزرة بحق العائلات في قطاع غزة، لافتاً إلى أن عدد الشهداء فاق الـ 8300 شهيد، فيما لا يزال هناك عدد كبير من الشهداء تحت الأنقاض، من بينهم أكثر 3450 طفلاً، وأكثر من 2060 سيدة، و460 مسناً، علاوة عن وقوع أكثر من 20 ألف إصابة.

وتؤكد وزارة الصحة أنها تلقت 1870 بلاغاً عن مفقودين، من بينهم 1020 طفلاً ما زالوا تحت الأنقاض.

وحسب آخر إحصائية رسمية، فإن القصف العنيف من قبل جيش الاحتلال لقطاع غزة، منذ السابع من الشهر الجاري، أدى إلى تضرر أكثر من 200 ألف وحدة سكنية، من بينها 32 ألف وحدة سكنية هدمت بشكل كامل، والباقي أصابه تضرر بليغ وجزئي.

إلى ذلك فقد أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في مناطق متفرقة شمال قطاع غزة، إثر تعطل المولد الرئيسي في منطقة الشيخ رضوان.

ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد من حجم المأساة الإنسانية، وتحول دون قدرة المواطنين عن إبلاغ الجهات المختصة عن أماكن القصف والدمار ووجود المصابين، وهو أمر حدث خلال يومي الجمعة والسبت وحتى فجر الأحد، حين قطعت سلطات الاحتلال الاتصالات وخدمات الإنترنت عن قطاع غزة لمدة 40 ساعة متواصلة.

وبهدف إيصال المساعدات بشكل أكبر، وتجاوز الأزمة الإنسانية، أع لن عن وصول منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، إلى دولة الاحتلال، لبحث إدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى