اليمن.. ضربات المناخ تستهدف الثروة الحيوانية أيضًا!!

> بسام القاضي*

> مسؤول في وزارة الزراعة:
> نقص التغذية وانحسار المراعي وزيادة التصحر وانتشار الامراض أبرز معوقات قطاع الثروة الحيوانية
> ثلاثة من كل أربعة يمنيين يعتمدون على الزراعة والثروة الحيوانية من أجل البقاء على قيد الحياة
> مالك مزرعة أبقار وأغنام في جعولة: تراجع الإنتاج الحيواني بشكل مخيف خلال السنوات الأخيرة

>"كل شيء راح منا، أشعر أن حياتنا بالفعل انتهت"، تحكي علياء حامد معاناة أسرتها مع آثار الفيضانات التي اجتاحت قريتها قرب وادي ظمي، مديرية حيس بمحافظة الحديدة، غربي اليمن، أواخر سبتمبر 2022.

"لم يعد لدينا، بيت يأوينا، وحتى مزرعة الأغنام التي نعتاش منها، فالسيول دمرت منزلنا، وجرفت الأرض والاغنام، مصدر قوتنا الوحيد"، تضيف.

تنهيدة بِنَفَس عميق، على خديها الدموع، تسرح بعيدًا، تردد: "حسبنا الله ونعم الوكيل، سلبتنا السيول حياتنا، وجعلتنا بين لحظة وضحاها نازحين ومشردين دون مأوى".

كانت أمطارًا غزيرة ضربت مناطق الساحل الغربي لليمن، أواخر سبتمبر العام الماضي، جرفت بحسب منظمات أممية عشرات المنازل والمزارع والممتلكات، في مديريات حيس واللحية والزهرة بمحافظة الحديدة على البحر الأحمر، مخلفة خسائر بشرية ومادية كبيرة.

ومع اعتماد ثلاثة من كل أربعة يمنيين على الزراعة والثروة الحيوانية من أجل بقائهم على قيد الحياة، تدفع أزمة المناخ المجتمعات التي تعاني بالفعل من طول أمد الصراع إلى نقطة الانهيار، وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن.

في عموم محافظات اليمن شمالًا وجنوبًا، شهد المزارعون اليمنيون خلال 2022، تدمير سبل عيشهم جراء الجفاف الشديد والفيضانات المدمرة والنزاع الطاحن، ما جعل من الصعب عليهم تغطية نفقات معيشتهم.

رافد للاقتصاد


يعد قطاع الثروة الحيوانية في اليمن من القطاعات الزراعية الرئيسية، ويمثل نسبة عالية من الدخل الكلي، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن حوالي 75 % من سكان اليمن يعيشون في الأرياف، والغالبية منهم تقريبًا 80 % يملكون أو يشتغلون بالحيوانات وخاصة الماشية (أبقار، أغنام، ماعز، إبل ودواجن)، بحسب مدير الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا الدكتور عبدالرحمن الخطيب.

تقدر الأعداد الكلية للثروة الحيوانية، وفق الخطيب، بأكثر من 9,717,779 رأس من الضأن و9,485,903 رأس من الماعز و1,818,052 رأس من الأبقار، و447,652 رأس من الإبل، كما تبلغ قيمة المنتجات الحيوانية سنويًا (اللحوم والحليب والبيض والجلود والعسل والسماد) في الوضع الحالي 622 مليار ريال (قرابة النصف مليار دولار أمريكي) وسترتفع هذه القيمة إلى الضعف في حال أتيح للمزارعين برامج التغذية والرعاية والتدريب والإرشاد الحيواني والخدمات البيطرية الجيدة إلى حد معقول وتقديم المشورة في مجالات التربية والإنتاج الحيواني.

ورغم أن الثروة الحيوانية تعتبر جزءًا مهمًا من القطاع الزراعي في اليمن، يؤكد الخطيب أنها لا تغطي الاحتياجات المحلية من المنتجات الحيوانية، ما يقود إلى استيراد البلد كميات كبيرة من الحيوانات الحيّة، واللحوم، ومنتجات الألبان. فإنتاج اليمن من الحليب لا يلبّي أكثر من 42.6 % من الطلب المحلي؛ كما أن الإنتاج المحلّي من لحوم الدواجن لا يلبّي سوى 56.4 % من الطلب، في حين أن الكمّيات المنتجة من لحوم الأبقار، والضأن والماعز، تلبّي 63.7 % فقط من الطلب المحلّي بينما تحقّق اليمن الاكتفاء الذاتي الكامل في انتاج البيض والعسل، كما يساهم قطاع الثروة الحيوانية بنسبة 8.9 % من الصادرات الزراعية الكلية.

حدة الظاهرة المناخية


إلى ذلك أكدت دراسة حديثة أن تفاقم ظاهرة التغير المناخي في اليمن، تؤثر بشكل مباشر على كفاءة إنتاجية الحيوانات ومواردها العلفية، وعلى صحتها، مما يزيد من معاناة الناس وقلة توفر الغذاء وفرص العمل لعدد كبير من السكان اليمنيين، وهو ما يؤثر سلبيًا على الأمن الغذائي والاقتصاد الكلي للبلد.

الدراسة التي أعدها الدكتور عبدالكريم عماد - أستاذ إنتاج وتغذية الحيوان في جامعة ذمار اليمن، والدكتورة يورجن تسنتك من كلية الطب البيطري في جامعة برلين الحرة ألمانيا، هدفت إلى تقييم الآثار المتوقعة للتغير المناخي على الإنتاج الحيواني في اليمن.

هذه الدراسة التي نشرت في المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث المجلد السادس - مجلة العلوم الزراعية، البيئية والبيطرية أواخر يونيو 2022، أوضحت أن تأثيرات التغيرات المناخية تتمثل بانخفاض في المنتجات الحيوانية وجودتها، الأمر الذي سيوثر سلبًا على التناسل ويضعف من تكاثر الحيوانات ويقلل من أعدادها، إلى جانب زيادة وتنوع الأمراض والحشرات التي تصيب الحيوانات.


"يؤثر تغيُّر المناخ بشكلٍ مباشر وغير مباشر على الإنتاج الزراعي والحيواني، بسبب تغيُّر أنماط تساقط الأمطار، والجفاف، والسيول، وإعادة التوزع الجغرافي للآفات والأمراض، وبالتالي يتعذر القضاء على الجوع، بصفته جزءًا من التنمية المستدامة، من دون التصدِّي لتغيُّر المناخ"، تؤكد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" في اليمن.

دراسة مرجعية
 
يصف الباحث الرئيسي الدراسة بالمرجعية، كونها اعتمدت على الاطلاع لنتائج وبيانات لأبحاث ودراسات علمية سابقة مرتبطة مباشرة بعوامل التغير المناخي الحادة مثل درجات الحرارة العالية، شحة الأمطار والجفاف في مناطق مختلفة من العالم وعلاقتها بالإنتاج الحيواني كارتفاع الحرارة ونمو الحيوانات وتكاثرها، كذلك الحرارة والجفاف ونمو المراعي وتوفر العلف أيضًا، تغير المناخ وعلاقته بنقل مسببات الأمراض وانتشارها، وبناء على ذلك تم استنتاج التأثيرات المحتملة أو المتوقعة للتغير المناخي على إنتاجية الحيوانات في اليمن.


وأوضح بأن هناك العديد من الاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة، في مجملها سلبية للأسف، فعند زيادة عوامل التغير المناخي مثل انتشار الحرارة العالية ودورات الجفاف الطويلة، تقل الموارد الغذائية للحيوانات من المراعي والأعلاف، والنتيجة معاناة الحيوانات من شدة الحرارة والجوع ما يؤدي إلى نفوقها وانخفاض عددها الكلي ومع انخفاض في الإنتاج وكذلك إلى عزوف المزارعين عن تربية الحيوانات لعدم القدرة على تحمل تكاليف التربية والإنتاج.

المناخ والحرب

يقول محمد موسى العمري، مالك مزرعة أبقار وأغنام في منطقة جعولة، غربي مدينة عدن، جنوبي اليمن: "تراجع الإنتاج الحيواني في البلاد بشكل مخيف خلال السنوات الأخيرة، وقد ازداد الوضع "قتامة" مع انقلاب جماعة الحوثيين على الدولة أواخر 2014، وتفاقم حدة التغير المناخي وطول أمد الصراع".

وأوضح العمري "أن التداعيات الرئيسية للتغير المناخي، مثل ارتفاع الحرارة، الرطوبة، الجفاف، هطول الأمطار، الفيضانات، السيول، انتشار الأمراض، ستؤثر سلبًا وتؤدي إلى قلة الإنتاج الحيواني، حيث تؤدي إلى ضعف وانخفاض الأعلاف والحشائش المغذية للحيوانات"، متوقعًا تباطؤ الإنتاج الحيواني "بشكل كبير" خلال السنوات القادمة حد تعبيره.

وأضاف: "تؤدي درجة الحرارة المرتفعة إلى ضعف الإنتاج وقلة الحصول على التغذية الحيوانية المناسبة، إلى جانب شحة المياه المغذية للأشجار والنباتات والحشائش، وقد يضعف الإنتاج جراء تأخر هطول الأمطار في مواسمها، كما أن حدوث الفيضانات والسيول سيؤدي إلى جرفها والقضاء عليها، ما يؤدي في النهاية إلى موتها وانهيارها وهلاكها".

وعن الدور المفترض الذي يجب أن تقوم فيه الجهات الحكومية المختصة والمعنية للتخفيف من آثار التغير المناخي على الإنتاج الحيواني، يشير العمري إلى الحفاظ على النباتات والأشجار من الانحسار والاندثار، إيجاد وإقامة طاقة بديلة لتوفير الإنتاج على المياه لتنتج أعلافًا في الحيوانات، إلى جانب توفير وعمل شبكات الري للمزارعين، وبناء خزانات وحواجز للمياه.

تحديات ماثلة


وأكد العمري أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع الإنتاج الحيواني هي عدم توفر الأعلاف المغذية للحيوانات، ضعف توفرها وقلة إنتاجيتها، تزايد أسعار وإيجار المعدات الزراعية وشبكات الري، ارتفاع أسعار الوقود، وزيادة تكاليف إقامة آبار لتغذية المزارع.

وزاد: "يمكن التكييف مع آثار المخاطر المناخية من خلال توفير الحكومة الدعم للمزارعين، وإيلاها قضية التغير المناخي الاهتمام وجعلها قضية رئيسية، ووضع خطة وطنية لمواجهة مخاطر المناخ المدمرة والتخفيف من آثارها وتداعياتها على الإنتاج الحيواني والزراعي.

ويلفت العمري إلى أن تراجع الإنتاج الحيواني والزراعي، في ظل تدهور المناخ له تأثير كبير على الأمن الغذائي والإنساني، سيؤدي إلى انهيار الثروة الحيوانية بالكامل، لقلة الموارد المشجعة للاستمرار وعدم دعم الدولة للمزارعين وغياب الاستثمار في المجالين الزراعي والحيواني.

وهو ما يذهب إليه المسؤول في وزراعة الزراعة والري الدكتور عبدالرحمن الخطيب بأن قطاع الثروة الحيوانية في اليمن يواجه مشاكل ومعوقات أبرزها، نقص شديد في التغذية نتيجة نقص الأعلاف التقليدية وانحسار المراعي نتيجة لوقوع مساحات شاسعة من المراعي في مناطق الصراعات العسكرية وزيادة رقعة التصحر نتيجة لقلة الأمطار، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفاقد من الأعلاف التقليدية وغياب استخدام الأعلاف المركزة، وانتشار الأمراض الحيوانية الوبائية شديدة العدوى وسريعة الانتقال والتي يترتب على ظهورها تأثيرات اقتصادية كبيرة على البلد كالطاعون المجترات الصغيرة، وجدري الأغنام، الحمى القلاعية، حمى الوادي المتصدع، ذبابة الدودة الحلزونية ومرض النيوكاسل في الدواجن وغيرها.

وزاد: ضعف الإنتاج للسلالات المحلية (اللحوم الحمراء، والألبان ومشتقاتها وبيض المائدة) نتيجة غياب التحسين الوراثي الحيواني والحفاظ على المادة الوراثية الحيوانية، وذبح الإناث وصغار العجول والماعز، وغياب دور التأهيل والتدريب والإرشاد الحيواني البيطري، وتراجـع مستوى تقديم الخدمات الصحية البيطرية للمزارعين والمربيين.
 
تأثير سلبي


وفقًا لدراسة الدكتور عماد، الأستاذ في جامعة ذمار، فإن أبرز التأثيرات المستقبلية للمناخ على الإنتاج الحيواني والأمن الزراعي والغذائي في اليمن، تتمثل بانخفاض في المنتجات الحيوانية وجودتها من اللحوم، الحليب والبيض، وهو ما يؤثر سلبًا على التناسل ويضعف من تكاثر الحيوانات.
ومن أبرز التأثيرات المناخية التي تتحدث عنها الدراسة:

  • صعوبة زراعة محاصيل الحبوب والأعلاف نتيجة لارتفاع شدة الحرارة وقلة سقوط الأمطار وتذبذبها وتدهور للتربة.
  • نمو نباتات مختلفة غير صالحة للرعي والتغير في المكونات النباتية للمراعي الطبيعية مثل تغير معدل النجيليات إلى البقوليات.
  • التغير في نوعية وجودة الأعشاب والحشائش.
  • النقص في الموارد المائية مع احتمال تغير في موسم سقوط الأمطار والزراعة.
كما توضح الدراسة أن لتغير المناخ تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على توافر مصادر مياه الشرب للحيوانات الزراعية، وعلى أنظمة إنتاج علف الماشية ومحصول المراعي، فيما يؤدي عدم سقوط الأمطار لفترات لطويلة إلى انتشار الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، كما يؤثر انخفاض وشحة المصادر الغذائية من المراعي والأعلاف وشحة المياه بشكل سلبي ومباشر على إنتاجية الحيوانات.

المناخ يفاقم الوضع الاقتصادي

وطالب بضرورة تطوير ودعم المراكز البحثية والعلمية المرتبطة بالتغير المناخي والثروة الحيوانية ومحاصيل العلف والمراعي الطبيعية والبيئة في الجامعات وفي المؤسسات البحثية الأخرى، وكذلك دعم الأبحاث والدراسات المرتبطة بتغير المناخ وآثاره على الإنتاج النباتي والحيواني وعلى الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.

يشير عبد الكريم أن للتغيرات المناخية تأثير على موارد المياه والزراعة والبيئة وعلى الأمن الغذائي حيث ستنخفض المساحة الزراعية وستقل إنتاجية المحاصيل النباتية والمراعي وشحة في موارد العلف ومع ارتفاع شده الحرارة في نفس الوقت قد يؤدي إلى موت الحيوانات وتناقص عددها وكذلك قلة إنتاجيتها مما يؤدي في نهاية الأمر إلى شحة في المنتجات الزراعية.

تدابير لمواجهة آثار المناخ


وقال عماد إن مواجهة آثار المخاطر المناخية على الأمن المائي والغذائي في اليمن، تتطلب تحولًا نموذجيًا في ممارسة الزراعة وفي إدارة الثروة الحيوانية داخل أنظمة الزراعة.

من التدابير التي يمكن أن تخفف أو تواجهه التغير المناخي، أولها تطوير نظام الإنذار المبكر الذي يعمل على جمع معلومات وبيانات هامة حول كوارث تغير المناخ من الحرارة العالية والفيضانات والأعاصير ونوبات الجفاف، ليتم الاستعداد لتجنبها أو التخفيف من آثارها. وثاني تلك التدابير هي استخدام أنواع المحاصيل المحلية التي تتحمل الحرارة مثل الذرة الرفيعة والدخن استراتيجية مهمة تساهم في التخفيف من آثار التغير المناخي، كذلك يمكن استخدام أصناف النباتات أو المحاصيل المبكرة النضج كاستراتيجية للتخفيف، نظرًا لأن موسم الأمطار قصير وينتهي مبكرًا.

بالإضافة إلى استخدام أصناف أو أنواع من المحاصيل أكثر ملاءمة ومناسبة، وكذا استغلال الإمكانات الوراثية للسلالات المحلية والمحافظة عليها وتطوير برامج التربية المناسبة من خلال برامج علمية دقيقة تتعلق بالتحسين الوراثي، إلى جانب التنويع والتكثيف (زيادة العدد والانتاج) مع تكامل في إدارة المراعي والثروة الحيوانية وإنتاج المحاصيل.

ويتطرق في عرض التدابير لمواجهة آثار المخاطر المناخية إلى نشر مفاهيم جديدة في بيئة المراعي وأهميتها في تغذية الحيوانات وآلية الحفاظ على المراعي وتحسينها، لافتًا أن الحد من الإجهاد الحراري عند الحيوانات يتطلب التركيز على التحسين في التغذية (تقديم علف جيد) والسكن (يقي الحيوانات شدة الحرارة وأشعة الشمس) والعناية الصحية بالحيوانات.

وشدد أستاذ إنتاج وتغذية الحيوان في جامعة ذمار على ضرورة تطوير استراتيجيات لتحسين كفاءة استخدام المياه والحفاظ على نظام الإنتاج المتنوع، والمحافظة على الطبيعة والنظم الايكولوجية.

دور محوري للحكومة


"يتمثل دور الحكومة في رسم السياسة العامة وسن القوانين المتعلقة بالتخفيف من آثار ومخاطر التغير المناخي مثل قانون حماية الثروة الحيوانية، قوانين لحماية الطبيعة والمراعي الطبيعية وحماية البيئة والتنوع البيولوجي؛ لأن غالبية السكان يعتمد بشكل أساسي على استغلال واستخدام هذه الموارد الطبيعية"، يضيف.

وأكد: "على الحكومة مسؤولية كبيرة في نشر المعلومات والأخبار في الريف والحضر المرتبطة بالتغير المناخي ومخاطره وآثاره على الزراعة والثروة الحيوانية بشكل خاص وعلى الأمن الغذائي والاقتصاد بشكل عام.

وقال: "يجب على الحكومة تطوير ونشر أجهزة الإنذار المبكر ومراكز الرصد الوبائي في جميع المحافظات، بناء السدود والحواجز المائية وتشجيع الاستثمارات في تقنيات توفير المياه وتقديم الحوافز التي تشجع على استخدام محاصيل أكثر كفاءة في استخدام المياه، واستثمارات لتعزيز البدائل الزراعية مثل زراعة البن".

وأوضح الدكتور عبدالرحمن الخطيب مدير الصحة الحيوانية أن هناك مشاريع قيد المتابعة والتنفيذ، كتأهيل مراكز الترصد الوبائي والمراكز البيطرية والعيادات في المحافظات، وتحسين تقنيات تشخيص الأمراض الحيوانية في المخبر البيطري المركزي، تأهيل وتدريب الكوادر البيطرية، وإنشاء وتأهيل المختبرات والمحاجر البيطرية في عدن، المكلا والمهرة، تأهيل المعهد البيطري في حضرموت وتأسيس قسم الطب البيطري في كلية ناصر للعلوم الزراعية.

قضية عالمية وأضاف: "هذا بدوره يقلل من دخلل المزارعين ومربي الحيوانات والنتيجة زيادة رقعة الفقر وزيادة في أسعار المنتجات الزراعية"، مؤكدًا أن "التغير المناخي سوف يزيد من معاناة الناس في اليمن، خاصة وأن العاملين في القطاع الزراعي أكثر من نصف القوى العاملة النشطة، وهذا سوف يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الكلي وعلى الأمن الغذائي في البلاد".

يعد تغير المناخ أحد أكبر التحديات التي تواجه كوكب الأرض اليوم، مع توقع حدوث آثار سلبية في جميع أنحاء العالم وفي جميع مناحي الحياة وبدرجات متفاوتة.

وفقًا للتوقعات العلمية، يمكن أن ترتفع درجة حرارة سطح الأرض بين 1.8 و4 درجات مئوية بحلول عام 2100، وعندما ترتفع درجة الحرارة بين 1.5 و2.5 درجة مئوية، من المتوقع أن تنقرض حوالي 20 إلى 30 % من الأنواع النباتية والحيوانية وهذا سوف يكون له تأثير سلبي على الأمن الغذائي بما في ذلك تأثير مباشر على إنتاجية الحيوانات الزراعية ونموها وتكاثرها وصحتها.

توصيات للحكومة اليمنية


وتوصي دراسة علمية أخرى بضرورة إن تسعى الجهات الحكومية المعنية في اليمن لإنجاز إجراءات التكيف مع آثار التغير المناخي، مشيرة إلى أن اليمن تواجه تحديات بيئية مختلفة، من أهمها التغير المناخي الذي سيكون له تأثير قاسٍ جدًا على المنطقة؛ كونها تعاني من المناخ الجاف، وندرة مصادر المياه.

الدراسة التي نشرت في مجلة روئ للآداب والعلوم الإنسانية سبتمبر2020، الصادرة عن جامعة بسكرة في الجزائر، توقعت أن تزداد حالة الجفاف ومعدل التبخر - المرتفع أصلًا- في المنطقة؛ لتصبح إحدى أكثر المناطق عرضةً لتأثيرات التغير المناخي، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة تواتر موجات الجفاف، ومن ثم نقص الإنتاج الزراعي والحيواني، وانعدام الأمن الغذائي والمائي.

إلى ذلك يقدم الدكتور أحمد رحيم أستاذ فسيولوجيا الحيوان بجامعة الفيوم في مصر مجموعة من المقترحات للتغلب على آثار التغيرات المناخية على الإنتاج الحيواني.

تراجع الثروة الحيوانية

ويشير تقرير إدارة الإحصاء والأرصاد الزراعي للعام 2018 إلى تراجع حجم الثروة الحيوانية في اليمن بين عامي 2014 و2018، حيث قدر عدد الثروة الحيوانية في البلد عام 2014 بحوالي 21 مليونًا و296 ألف رأس، ليصل العدد لحوالي 19 مليونا و392 ألف رأس، 8 ملايين و813 ألفًا منها من الأغنام، في حين بلغ عدد الماعز 8 ملايين و644 ألفًا، والأبقار مليونا و503 آلاف، والإبل 431 ألف رأس.

وتراجع الإنتاج الحيواني في اليمن بين عامي 2014 و2018 من 215 ألفًا و126 طنًا من اللحوم إلى 180 ألفًا و918 طنًا، بجانب تراجع إنتاج الحليب من 379 ألفًا و564 طنًا إلى 316 ألفًا و782 طنًا، وفق إحصاء عام 2018.

وأكد  أوسان الشاعري مدير الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة والري والثروة السمكية التابعة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، أن التغيرات المناخية أثرت على الثروة الحيوانية بصورة غير مباشرة من خلال تصحر الأراضي الزراعية التي أدت إلى انخفاض في كمية المحاصيل الزراعية التي تتغذى عليها وهطول الأمطار الغزيرة التي  أدت إلى جرف الأراضي الزراعية التي لها تأثير على الإنتاج الحيواني.

وأضاف: "ارتفاع درجة الحرارة لها تأثير مباشر على الثروة الحيوانية وخاصة الموجودة في المناطق المعتدلة، ومن المعروف أن ارتفاع درجات الحرارة تسبب إجهادًا للحيوانات الزراعية وبالتالي انخفاض في الكفاءة التناسلية عند الذكور والإناث وزيادة انتشار الأمراض والحشرات التي تصيب الحيوانات الزراعية".

غياب الصحة الحيوانية

"انخفاض إعداد الثروة الحيوانية خلال العشرة الأعوام الأخيرة كان بسبب الحروب التي أدت إلى ضعف الرعاية الصحية بالحيوانات، فيما أدت عملية النزوح الجماعي للأسر إلى تدهور الثروة الحيوانية وانخفاضها وبالتالي انخفاض الإنتاج، إضافة إلى قيام الأسر في بيع ما يملكون من الثروة الحيوانية لتغطية احتياجاتهم خلال الحرب"، يقول الشاعري.


وتتوزع أشكال الإنتاج الحيواني في اليمن بحسب الشاعري بين الأبقار، الأغنام، الماعز، نحل العسل، الدواجن. ومن منتجاتها اللحوم، الحليب ومشتقاته، العسل والبيض، موضحًا "معظم نشاط الإنتاج الحيواني هو قطاع خاص".

وعن غياب توفر البيانات وعملية الإحصاء للثروة الحيوانية، يشير الشاعري إلى أن "الدولة لم تقم بعملية الإحصاء الزراعي منذ العام 2004 حتى اللحظة"، مضيفًا "توجد أرقام تقديرية عن أعداد الثروة الحيوانية بأنواعها المختلفة، أبقار، أغنام، ماعز وإبل إلى عام 2021، ويجري حاليًا تجهيز بيانات العام 2022 من قبل إدارة الثروة الحيوانية والإدارة العامة للإحصاء الزراعي في ديوان وزارة الزراعة والري والثروة السمكية".

"دور إدارة الإنتاج الحيواني، يتمثل في القيام بإعداد البرامج والخطط للمحافظة على الثروة الحيوانية وزيادة إنتاجها، حيث نقوم بتدريب مرشدين زراعيين متخصصين للقيام بعملية التوعية الإرشادية لمربيين الثروة الحيوانية من أجل الحفاظ على الحيوانات الزراعية ومكافحة الأمراض التي تصيبها. إلى جانب التنسيق مع المنظمات الدولية الداعمة وتسهيل مهامها في الميدان لدعم مربيين الثروة الحيوانية وزيادة إنتاجها"، يشير الشاعري.

وزاد: "خطط الوزارة لمواجهة آثار تغيرات المناخ على الإنتاج الحيواني في اليمن، تشمل التوعية الإرشادية لمربين الثروة الحيوانية من خلال التوعية للمحافظة على البيئة وعدم الاحتطاب الجائر والتوسع في زراعة المحاصيل كغذاء للحيوانات الزراعية".

اليمن خطر المناخ


وبحسب الدكتور واعد باذيب، وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، تحتل اليمن المرتبة الـ30 بين الدول الأكثر ضعفًا، والمرتبة الـ17 بين الدول الأقل قدرة على مواجهة آثار تغير المناخ.

وتعد البلد الواقعة في الجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية، من بين أكثر دول العالم عرضة لتغيّر المناخ، ومن بين أقل البلدان استعدادًا للتخفيف من آثاره أو التكيف معها.

أما بالنسبة لقابلية التأثر بالمناخ، فتحتل اليمن المرتبة 171 من بين 181 دولة وتعيش اليمن، التي تقع ضمن الدول التي تتلقى صدمات مناخية عالية، أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميًا وفقًا للأمم المتحدة.

* بسام القاضي، صحفي علمي مهتم بتغطية قضايا المناخ والبيئة.

** أنتج هذا التحقيق بدعم وإشراف مؤسسة الصحافة الإنسانية (hjf)، ضمن حملة #اليمن_خطر_المناخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى