مخاطر وتعقيدات في طريق هجرة الأفارقة إلى السعودية

> «الأيام» العرب:

> تمثّل المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج عموما بما توفّره اقتصاداتها النشطة من فرص عمل وما تتيحه أوضاعها العامّة من إمكانيات لحياة أفضل، وجهة مفضّلة للآلاف من سكان البلدان الأفريقية الواقعة على الضفة الأخرى من البحر الأحمر والتي أصبحت أوضاعها السياسية والاقتصادية والأمنية الهشّة دافعا لأعداد متزايدة من سكانها لخوض مغامرة الوصول إلى الخليج في رحلات محفوفة بالمخاطر، لا تنتهي في أغلب الأحيان بتحقيق أحلامهم بالاستقرار والعمل والارتقاء بالأوضاع المعيشية لهم ولأسرهم.

ويقول الإثيوبي أبوجيزو أسفاو البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما “احتُجزت وضُربت من أجل المال”، فيما تبدو ندبة جرح على ظهره في تذكير مؤلم برحلته غير المثمرة بحثا عن حياة أفضل في منطقة الخليج.

وأسفاو واحد من عشرات الآلاف من المهاجرين معظمهم من إثيوبيا ممن يغامرون كل عام للوصول إلى السعودية عبر منطقة القرن الأفريقي، ويقطعون طريقا خطرة تتخللها صحراء ومناطق نزاع فضلا عن البحر.

لكن الكثيرين يفشلون في بلوغ الهدف، حيث تعد “طريق الشرق” هذه إحدى أكثر طرق الهجرة خطورة وتعقيدا في أفريقيا والعالم، كما تصفها المنظمة الدولية للهجرة.

لكن المخاطر التي تكتنفها لم تمنع مهاجرين تحدثوا لوكالة فرانس برس من محاولة عبورها بعدما فقدوا أي أمل في حياة أفضل بإثيوبيا. بينما تمزق النزاعات المسلحة والكوارث المناخية بلادهم التي تعد ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا.

وبدأت رحلة أسفاو المضنية على متن حافلة ركاب انطلقت من العاصمة أديس أبابا إلى منطقة عفر شمال إثيوبيا، وكان برفقته عشرة أصدقاء، قبل عبور الصحراء مشيا للوصول إلى البحر الأحمر.

ويحكي جانبا من المأساة التي عاشها قائلا “كانت الشمس حارقة ولم نأكل لعدة أيام.. فقدت عدة أصدقاء ماتوا جوعا”.

وعندما وصل رفقة من بقوا أحياء إلى جيبوتي اضطروا لدفع نحو 540 دولارا لكل منهم إلى المهربين، حتى يتمكنوا من عبور البحر إلى اليمن.

وهناك كان عليه أن يدفع مجددا للمهربين وإلا فإنهم يأخذون أفراد المجموعة ويقتلونهم، ويقول “لقد اضطرت عائلاتنا إلى بيع كل ما تملك بما في ذلك أراضيها لترسل إلينا المال”.

وبعد كل المحن وصل أسفاو أخيرا إلى السعودية، لكن أمله في الحصول على عمل سرعان ما تبخر، بعد أن قُبض عليه وتُرك في الصحراء. وكان عليه أن يستقل مركبا نحو جيبوتي قبل العودة إلى نقطة الانطلاق في أديس أبابا.

وأسفاو واحد من عشرات المهاجرين الإثيوبيين المرحّلين الذي يخضعون للعلاج في مركز عبور تابع للمنظمة الدولية للهجرة بأديس أبابا.

وغالبية الذين يعبرون طريق الشرق هم رجال، لكن أعداد النساء بينهم تضاعفت في عام واحد لتصل إلى حوالي 107 آلاف في العام 2022، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

ومن بينهن الشابة نعمية أحمد (18 عاما) التي حلمت بمستقبل أفضل في السعودية، بعدما فشلت محاولتها لإنشاء متجر صغير لبيع المواد الغذائية.

وانطلقت برفقة أشخاص آخرين من قريتها سيلت جنوب إثيوبيا، لكنهم ظلوا يتقلبون بين مهرّب وآخر قبل أن تتحول الرحلة إلى مأساة.

وتتذكر جانبا منها قائلة “كنا جائعين وعطشى وتوفي الكثير من أصدقائنا على الطريق، وآخرون كثر قضوا في البحر بعد غرق قارب”.

وحتى بعد وصولهم إلى اليمن قضى آخرون من مجموعتها في حادث سير، دون أن يتمكن رفقاؤهم من دفنهم “إذ لم تكن هناك مقبرة فاضطررنا لوضعهم على الطريق وكانت الطيور تنهش جثثهم”.

ولحسن حظها انتهت رحلة نعمية أحمد هناك وتؤكد أنها سعيدة لأنها عادت حية إلى بلادها، وهي تريد نسيان ما وقع لها ومواصلة الحياة.

وبدوره يؤكد شمس الدين آوول (20 عاما) على سعادته لكونه عاد حيا إلى قريته شرق إثيوبيا بعدما عاش محنة مماثلة. ويشرح مغامرته بالقول “عندما استنشقنا هواء منطقة أوروميا حمدنا الله.. العودة حيا إلى الديار أمر رائع”.

ويقول إنه لم يكن ليغادر قريته أبدا لو علم ما كان ينتظره في السعودية التي وصل إليها بعدما أخذه مهربون إلى هارغيسا عاصمة المنطقة الصومالية الانفصالية صوماليلاند، ثم إلى اليمن.

وظل مجبرا على دفع المال طيلة الرحلة، إذ لا بد من الدفع باستمرار لمواصلة السفر. وقد صرف كل المبلغ الذي كان بحوزته والمقدر بنحو 5 آلاف دولار ثم عاد صفر اليدين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى