العودة لحكم الأعراف.. إلى أين نحن ذاهبون؟

> من المؤسف حقًا والباعث على الخوف والقلق، وتزاحم الأسئلة المشروعة بشأن مستقبل النظام السياسي الذي ينتظر الجنوب، فقد تعاظمت ظاهرة العودة للأحكام والأعراف القبلية، وانتشرت وعلى نطاق واسع، والتي تتم وفقًا (للصلح القبلي) في قضايا مجتمعية كثيرة ليست بالصغيرة أو الهامشية، ينبغي أن يكون حلها في ميدان القضاء ووفقًا للقانون، بل والأكثر استغرابًا وذهولًا مما يحصل، وفي حالة غير مسبوقة في تاريخنا على الإطلاق، أن يتم اللجوء لحل خلافات وإشكاليات إدارية في إطار مؤسسات وأجهزة رسمية، فإلى أين نحن ذاهبون أيها السادة ؟

إن العودة إلى الاحتكام للأعراف القبيلة التي كانت سائدة قبل قيام دولة المواطنة وحكم النظام والقانون في (30) نوفمبر عام 67م، حين شهد الجنوب قيام أول دولة في تاريخه الممتد، لهو أمر محير وفي غاية الخطورة.

فإذا كانت تلك الأعراف والأحكام القبلية قد كانت صحيحة ومناسبة، وهي المتاحة في تلك الظروف، وفي ظل وجود أكثر من (23) سلطنة وإمارة ومشيخة، وفي داخل كل منها عشرات القبائل والمشايخ، الذين يقفون على رأس كل قبيلة، ويتولون شؤون حكمها، وتسيير أمورها، وحل مشاكلها على قواعد العرف القبلي.

إذا ما استثنينا عدن من كل ذلك فقد كانت مدينة المدنية بامتياز، والتي أراد لها نظام (7 / 7) أن يحولها إلى قرية، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير. فهل يريد البعض أن يستكمل مهمة نظام حرب احتلال الجنوب في عام 94م.

لكل ذلك نقول بأنه لم يعد مقبولًا اليوم وتحت أي ظرف من الظروف، إذا ما نظرنا لطبيعة التغييرات الهائلة التي شهدها المجتمع، وفي صميم حياته المجتمعية وتركيبته السكانية، القائمة على التداخل والاندماج المجتمعي على صعيد كل محافظة وعلى صعيد الجنوب ككل، وثبات حالة المواطنة في وعي وسلوك الناس التي رسختها دولة الاستقلال، ووفقًا للدستور وأحكام القانون الذي كان مهابًا، وساد حياة مجتمعنا الجنوبي، وكان يطبق على الجميع وبصرامة ودون تمييز.

فأين نحن اليوم مما كنا نفاخر ونفتخر به حتى اليوم، على صعيد التجسيد العملي لدولة النظام والقانون وحكم المؤسسات، الذي شهده الجنوب حتى عام 1990م، ومما نطالب به اليوم ونرفعه على رأس أهدافنا الوطنية النبيلة، والمتمثل بالنضال من أجل استعادة دولتنا الوطنية الجنوبية المستقلة. ومن هذا المنطلق فإننا ندعو الجميع للوقوف أمام ظاهرة العودة لأحكام القبيلة وأعرافها التي لم تعد صالحة اليوم، مع بقاء الاحترام لتلك التقاليد الحميدة التي تجسد الشرف والنخوة والشجاعة والكرم وعدم الغدر، وأن نضع حدًا لهذا السلوك الذي لا يخلو من نزعة سياسية ماضوية يريد أصحابها استحضارها؛ استغلالًا لزحمة الأحداث وتداخل وتشابك وتعقيدات الأوضاع التي يمر بها الجنوب في ظروفه الحالية المؤقتة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى