أبناء لحج يوقدون على قمم الجبال شعلة العيد التعاوني السادس

> صلاح بن غالب:

>
أوقد أبناء مديرية القبيطة بمحافظة لحج، جنوب اليمن، مساء الجمعة على قمم الجبال شعلة العيد التعاوني السادس، الذي يصادف الـ9 من ديسمبر من كل عام، تم تخصيص هذا اليوم احتفاءً بالمشاريع التنموية وجهود المبادرات الذاتية المحلية في مناطق المديرية ذات التضاريس الجبلية الشاهقة والوعرة.

تعود المبادرات المحلية التعاونية في اليمن إلى سبعينات القرن الماضي لكنها تتزامن في الوقت الراهن مع تداعيات وخيمة على البنية التحتية، الخدمات الأساسية وحرية التنقل نتيجة الصراع المسلح منذ نهاية 2014.

في ورقة بحثية للباحث بشير المهلل بعنوان "عودة المبادرات المحلية إلى الجبال اليمنية: قرى ديناميكية"، يقول الكاتب إن "المبادرات المحلية في القرى المتناثرة على قمم الجبال تعدت مرحلة قدرات الصمود والاستجابة الطارئة إلى مشروعات كبيرة متصلة بالبنية التحتية مثل شق ورصف الطرق وحفر الآبار".

مديرية القَبيطة كانت تتبع إداريًا محافظة تعز حتى عام 1998 حين تم ضمها إداريًا ضمن محافظة لحج، وهي المديرية الأكثر سكانًا على مستوى محافظة لحج حيث يبلغ عدد سكانها نحو 95 ألف نسمة طبقًا للتعداد السكاني 2004 وتبلغ مساحتها أكثر من ألف كيلومتر مربع.
في مديرية القبيطة بلحج يتجلى شكل من أشكال الإدارة المحلية الريفية للمبادرات الذاتية، فهناك إدارة متكاملة للمبادرات بما في ذلك تقارير سنوية للمبادرات المحلية على مستوى المديرية.

عضو فريق تقرير الحصاد التعاوني للعام 2023 بالقبيطة، عبده أحمد ناصر يقول في حديث "للمشاهد" إن سكان مديرية القبيطة بمحافظة لحج اعتمدوا يوم التاسع من ديسمبر عيدًا تعاونيًا احتفاءً بالإنجازات التنموية.

شملت مجالات المبادرات المحلية في القبيطة شق ورصف الطرقات، بناء المنشآت التعليمية والصحية، حفر آبار المياه، دعم وتشجيع المزارعين، بناء دور العبادة وتسوير المقابر، كما تم تأسيس نادي الطموح الرياضي ودوري رياضي على مستوى المديرية.

ويعود تسمية يوم التاسع من ديسمبر بالعيد التعاوني لأبناء القبيطة إلى عام 2018م حين تم إنجاز صيانة ورصف طريق منطقة الكعبين -الجعيدة -الكريفة بجهود أهلية توجت بالنجاح وهذا بحد ذاته خلق بيئة تنافسية بين أبناء المديرية لتنفيذ العديد من المشاريع التنموية بجهودهم الذاتية، بحسب ناصر.

طرق ومشاريع تعليمية

 خلال 2023 ومبادرات مجتمعية باشر أبناء المديرية افتتاح وتدشين شق ورصف 37 طريقًا منها ما تمّ إنجازه ومنها لا يزال قيد العمل. وهناك 19مشروعًا في القطاع التعليمي منها بناء وتأسيس مدارس جديدة، وإعادة ترميم وتأهيل مدارس متهالكة، وطباعة الكتب المدرسية، ودفع حوافز للمتطوعين من المعلمين والمعلمات لتغطية العجز الحاصل بالكادر التربوي، إضافةً لإقامة المخيمات الصيفية، كما تمّ التدخل في الجانب الصحي في ثلاثة مشاريع صحية.

في الجانب الزراعي والمياه والبيئة هناك 15مشروعًا تضمن حفر وتأهيل آبار مياه الشرب ورفدها بمنظومات الطاقة الشمسية، فضلًا عن بناء خزانات تجميعية لمياه الأمطار أو خزانات بجانب الآبار وتوفير محطة تحلية للمياه بوادي السحر جنوب المديرية، بالإضافة لدعم المزارعين بشتلات البن والهيل من قبل صندوق حبيب التنموي الخيري، حسب ناصر.

بفضل المبادرات المحلية في القبيطة، فإن 16 طريقًا أصبحت سالكة معظمها وسط سلاسل جبلية، لكنها تحتاج إلى التوسعة وبناء حواجز جانبية تجنبًا للحوادث المرورية، فضلا عن عدد 21 طريقًا بحاجة للتدخل من قبل الجهات الحكومية والمنظمات المانحة في ظل شحة الامكانيات واستخدام المتطوعون أدوات بدائية في الشق ونحت الجبال الشاهقة.

حرمان يولد التعاون

يقول رئيس جمعية التضامن الخيرية بمديرية القبيطة، جمال سعيد لـ «المشاهد» إن مديريتنا حُرمت من الكثير من المشاريع التنموية، فما كان من أبناء المديرية من حيلة سوى المبادرات المجتمعية لشق الطرقات ورصفها بعد معاناة طويلة من التنقل على ظهور الحمير لنقل المواد التموينية، فضلا عن إسعاف المرضى حملا على الأكتاف.

يقول سعيد "أشعر بسرورٍ وغبطة بالغة ونحن نحتفل بالذكرى السادسة للعيد التعاوني الـ 9 من ديسمبر، هذا اليوم الذي شمرت فيه سواعد المتطوعين نحو العمل الجماعي والتعاوني وخلق بيئة تنافسية في إعادة حب التعاون لكسر العزلة بين أبناء المديرية الواحدة وربط المناطق بعضها ببعض" .

في ذات السياق، قال شيخ مشايخ مديرية القبيطة حسن سالم لـ "المشاهد" الزائر لمناطق المديرية يشاهد فرقًا كبيرًا خلال السنوات الثلاث الماضية، فتفعيل العمل التطوعي أوجد فرص عمل للحد من البطالة ولو بأجور ضئيلة، لكن الاستفادة الكبرى تتمثل في وصول وسائل النقل إلى أعالي الجبال الشاهقة وسهولة التنقل، وتوفير المياه، وإلحاق الأطفال بالتعليم بعد بناء فصول قريبة من مساكنهم.

وأشار سالم "مع هذا الزخم التعاوني فلا أخفي أن هناك العديد من المشاريع الخدمية بحاجة ماسة لتدخل الجهات الحكومية والمنظمات المانحة لمؤازرة الأهلي حتى يتم إنجازها بالشكل المطلوب".

أما المشرف العام لشق وتعبيد طريق شرار الأعلى، فتحي محمد نعمان فقال إن أبناء منطقته شرعوا في شق طريق المنطقة وسط سلسلة جبلية وعرة منذ 2020 بطول يبلغ 3.5 كم ومستمرون للعام الثالث على التوالي بجهود ذاتية وتعاون أبناء المديرية.

وذكر نعمان أن الطريق في حال إنجازه سيخدم أبناء المديرية وستربط بين القرى الشرقية بالقرى الغربية وصولا إلى مركز مديرية طور الباحة المجاورة.

وأطلق نداءً عبر «المشاهد» إلى الجهات الحكومية والمنظمات المانحة للتدخل في استكمال الطريق نتيجة نفاد تمويل الأهالي في ظل تدهور الوضع الاقتصادي الراهن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى