صحيفة عبرية: “لم يدن أحداث 7 أكتوبر”.. إسرائيل: لنؤجل حسابنا مع أبو مازن لما بعد الحرب

> «الأيام» القدس العربي:

> في ظل الحرب في غزة والقتال على الحدود اللبنانية، ثمة جبهة أخرى تتلظى أيضاً، هب “يهودا والسامرة”. منذ 7 أكتوبر سجل هناك أكثر من 200 قتيل فلسطيني و2000 معتقل، منهم أكثر من 1200 ناشط في حماس. كل الظروف مهيأة لتصعيد واسع: التحريض، والانتظامات لتنفيذ عمليات إرهاب، بما يتناسب مع ذلك مدى أعمال الإحباط، إلى جانب نشاطات الجريمة القومية التي يقوم بها المتطرفون اليهود، بما في ذلك سياسة التوسع في توزيع السلاح الخاص؛ وضعف السلطة الفلسطينية وأجهزة أمنها لأسباب داخلية وجراء سياسة إسرائيلية موجهة.

إن استمرار سياسة الحكومة بقيادة جهات متطرفة في الحكومة قد يؤدي إلى تدهور أمني خطير، ويشكل إنجازاً لحماس وإيران، ويفتح على إسرائيل جبهة قتال قوية أخرى. ليس لإسرائيل مصلحة في فتح جبهة في “يهودا والسامرة”؛ لأن الأمر سيصعّب رفع مستوى أهداف الحرب إلى الحد الأقصى، وسيحول المواجهة العسكرية مع حماس إلى مواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين، وسيمس بقدرة الإدارة الأمريكية على مواصلة دعمها الحرج لإسرائيل، في شكل سلاح وحماية في مجلس الأمن، إن نقل مساعدات بمبلغ 14 مليار دولار وإسناد في وجه أعداء إسرائيل وعلى رأسهم إيران، سيدهور العلاقات بين إسرائيل والدول العربية التي في معسكر السلام، وسيقلص احتمال التطبيع مع السعودية دراماتيكياً، وسيشل المزيد من قوات الجيش الإسرائيلي، وسيمنع تسريح الاحتياط وإعادة تحريك النشاط الاقتصادي. وأخيراً، ووفقاً لسيناريو تفكك السلطة، ربما تكون إسرائيل مسؤولة عن حياة ملايين الفلسطينيين في “يهودا والسامرة”، فبالتوازي مع إسقاط حكم حماس في غزة، دون بديل محلي، ربما يؤدي إلى خطر مشابه هناك.

إذن، كيف نقيم الاستقرار في “يهودا والسامرة”؟ حتى قبل الحرب في غزة، تأثرت استراتيجية حكومة إسرائيل بمنظومتين فكريتين مختلفتين: إحداهما “خطة الحسم” بقيادة وزراء اليمين المتطرف المسيحاني، المتمثلة بمنظومة السيطرة العسكرية الإسرائيلية المباشرة على جميع أراضي “يهودا والسامرة”، بما في ذلك المدن، مع توسيع منفلت العقال للمستوطنات وتفكيك السلطة الفلسطينية. أما المنظومة الفكرية السامية، “الأمن”، التي يشارك فيها وزير الدفاع والجيش و”الشاباك”، فتميز بين مناطق حيوية تسيطر علها إسرائيل أمنياً سيطرة مباشرة (مناطق “ب” و”ج”) وبين المدن الفلسطينية ومحيطها (مناطق “أ”) التي تعود مسؤولية الأمن فيها للسلطة وأجهزتها، لكن مع تعاظم مسؤولية إسرائيلية فيها (كلما فعلت السلطة أقل، فعلت إسرائيل أكثر). هذا النهج يرى في تعزيز السلطة الفلسطينية في هذا الوقت مساهمة مهمة في الأمن والاستقرار في المنطقة، ومنع عبء المسؤولية عن الجوانب المدنية على إسرائيل والجيش الإسرائيلي.

إن استقرار “يهودا والسامرة” واستمرار دعم الغرب لإسرائيل سيتاحان إذا ما عملت إسرائيل على أساس المنظومة الفكرية “الأمنية”؛ فلجمت سياقات هدامة يتصدرها مؤيدو المنظومة الفكرية المتمثلة بالسيطرة الكاملة.

لإسرائيل حساب مفتوح مع أبو مازن، الذي لم يجد من الصواب شجب أفعال حماس في 7 أكتوبر، ويهاجم إسرائيل من على كل منصة، كما أن لها حساباً آخر مع السلطة الفلسطينية، التي تصر على دفع المخصصات لعائلات المخربين المسجونين في إسرائيل (هو موضوع يحظى بإجماع مقدس في الحياة الفلسطينية العامة) والعمل على خطوات قانونية ضد إسرائيل في “لاهاي”. إضافة إلى ذلك، تحاول السلطة في ظل الحرب في غزة استرجاع وجودها ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وتجنيد التأييد الإقليمي والدولي لحل سياسي شامل للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، ليس من مصلحة إسرائيل العمل على تقويض أبو مازن والسلطة في هذا الوقت. فتفكك السلطة سيجتذب قوات الجيش الإسرائيلي إلى الفراغ في “يهودا والسامرة”، فيما ستقع مسؤولية المجال الأمني والمدني على كاهل إسرائيل ودافعي الضرائب ورجال الاحتياط. شركاء إسرائيل وعلى رأسهم الولايات المتحدة، سيجدون صعوبة في دعمها إذا ما شطبت التسوية السياسية مع الفلسطينيين عن جدول الأعمال رسمياً.

في السطر الأخير، على إسرائيل أن تكون أكثر حكمة من أن تكون محقة، وأن تغلق حسابها مع أبو مازن على سلوكه أثناء الحرب في المستقبل، وعليها ألا تفعل هذا الآن كي لا تمس بتحقيق أهدافها. على إسرائيل أن تطالب السلطة باستكمال الإصلاحات لتقليص الفساد، وتعزيز الحوكمة وأجهزة الأمن، والدفع قدماً بحل يوقف دفعاتها لمخصصات المخربين والقتلة وتنظيف منهاجها التعليمي من مضامين التحريض ضد إسرائيل. وبعد أن تثبت قدرتها على استكمال هذه الخطوات، سيكون ممكناً الحديث عن إشراك السلطة في تصميم وتطبيق حل آخر لغزة.

عاموس يدلين
يديعوت أحرونوت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى