واهتز كرسي العدالة

> ما ساءني وساء كل غيور على مصلحة الدولة والمجتمع، وما طارت به وسائل الإعلام ما وصفته بـ(الحشود والقوات العسكرية) وهو ما يمكننا وصفه بـ(إهانة القضاء) إن إرهاب القضاة والتجني على هيبة القضاء وزعزعة مكانته، وكل ذلك من عبارات وتصرفات واستعراض للقوة لا تحمل الحد الأدنى من الاحترام للدولة والوقار لمكانة القضاء، وذلك الاستعراض الذي أقيم أمام المحكمة في مديرية صيرة، وما رافق ذلك من حشد للجنود والعتاد وعدد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، لغرض تعطيل سير المحاكمة وكأنهم يريدون الانقضاض على القضاء وإنهاء دور القضاء.

إن كل هذه التصرفات والسلوك هي بوادر سوء وعلامات شر، توحي لكل قارئ لواقع البلد أنها لن تقوم قائمة لدولة تتمتع بسلطة النظام والقانون.. بالأمس في قضية ما صار التحكيم القبلي سيد الموقف وعامل الحل للقضية، مع تهميش النظام وتجنيب دور القضاء، وأصبح العرف والتحكيم القبلي هو السائد لحل أي قضية.

القضاء عندما يهان يراد به أن يحكم ببراءة القتلة والفاسدين، ويراد له أن يقف عاجزًا أمامهم، إما لمصالح أو ألاعيب سياسية.. لم يهتز كرسي القضاء ولا ميزان العدالة في ظل سنوات الاستبداد والأنظمة الفاسدة السابقة.. وإنما في ظلال عسكرة الأفراد وليس النظام، عندما تحتشد جموع كبيرة ومركبات وجنود بأسلحتهم وعتادهم في حرم ساحة القضاء (لمتابعة) سير محاكمة أحد المنتسبين إليها، وكأنهم في ساحة معركة وقتال، هنا يهتز كرسي العدالة..

وتلا ذلك المطالبة بعدم محاكمة المتهم بقضية قتل (المتهم فيها بريء حتى تثبت إدانته) يراد من هذا التصرف اختطاف العدالة و إدخال القضاء في حالة الإنعاش، وبالتالي موت القضاء وإحلال الأحكام العرفية والقبيلة، وإنهاء دور القضاء في التقاضي وحل العدل.

التطاول والتجني على هيبة القضاء، وقرع القوارع فوق رؤوس القضاة، وبث روح الشك وزعزعة الثقة في القضاء، يقوض القضاء ويخل بكيانه وينهي دور القضاء في التقاضي.

اتركوا العدالة تأخذ مجراها.. في البراءة أو الإدانة، الكلمة الفيصل للقضاء، إنفاذ القانون وتعزيز هيبة الدولة، وترسيخ الأمن والاستقرار هو من حضور وقوة النظام لأي حكومة. إن الإجراء المتخذ من قبل القاضي برفع الجلسة إلى وقت آخر، عندما علم بأن هناك حشودًا عسكرية خارج قاعة المحكمة واستشعاره للخطر يجسد حكمة القاضي في احتواء الموقف، إن «التحسّب لأي استهداف أو اقتحام يتطلب إجراءات مختلفة، ومعالجتها تحتاج إلى قرار سياسي وأمني على أعلى المستويات».

وفي هذا المقام ومن الواجب الإشادة بمعالي نائب رئيس المجلس الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، والذي تتبعت ما صدر عنه من توجيهات ترفض أي تدخل من أي جهة كانت عسكرية أو مدنية، في أمور القضاء والقضاة وحمل العامة والخاصة على هيبتهم واحترامهم لا لأشخاصهم، وإنما لجلالة مكانتهم العظيمة، وأن لا سلطان على القضاء. وأكد دعمه ومساندته للجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات القضائية، لإنفاذ القانون وتعزيز سلطة الدولة، مؤكدًا وقوف السلطات الأمنية إلى جانب القضاء، وستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بالقضاء واستقلاليته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى