قنابل "فيروسية" و"بكتيرية" تنهش أجساد سكان غزة

> «الأيام» العربية.نت:

> 80 يوما من الحرب أعادت تشكيل خريطة الألم والمعاناة في قطاع غزة، ولم يعد سقوط القنابل يوميا على سكانه هو وحده المشكلة، إذ باتت هناك سلسلة لا تنقطع من الألم والمعاناة.

في شمال غزة، يكتشف الناس يوميا جثثا في الطرقات، بعضها نهشته الكلاب وبعضها تحلل بعدما لم يجد من يدفنه. وفي مراكز الإيواء تتكدس الناس، ومن السهل على من يصاب بمرض معد أن ينقله إلى عدد كبير ممن حوله.

ويتحدث محمد مشتهى الذي نزح من شمال قطاع غزة إلى جنوبها عن نقص قاس في المواد الغذائية، ويرى كذلك أن انتشار الأمراض وسط كل هذه الظروف "قنبلة موقوتة" من نوع آخر قد تنفجر في أي لحظة.

يشير مشتهى في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي إلى انعدام التنوع الغذائي، ويقول "منذ نحو شهر لم نأكل إلا الأرز، وما يختلف علينا هو نوعية البهارات التي تضاف للأرز، فنحن لم نر الخضار منذ أكثر من شهر ولا نعرف الفاكهة ولم نشاهدها منذ بداية الحرب".

ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، "فنحن نشرب مياه الآبار، وهي مياه مالحة غير صالحة للشرب، ونجبر أطفالنا على شربها حتى لا يصابوا بالجفاف ونحن نعلم أننا نضرهم بسبب كمية الأملاح في هذه المياه"، حسب ما قال مشتهى.

ويضيف أن كثيرا من النازحين لا يستطيعون الحصول على خبز، وإن حدث فالفرد بالكاد يحصل على رغيف واحد صغير عليه توزيعه على ثلاث وجبات، وإذا كان طفلا فإن نصيبه لن يزيد عن نصف رغيف في اليوم بأكمله.

وضع مرعب

يؤكد الدكتور وليد الباشا، أخصائي أمراض المناعة والمحاضر في كلية الطب بجامعة النجاح الوطنية، أن كارثة بيئية وإنسانية تهدد قطاع غزة في الوضع القائم حاليا.

وقال متحدثا إلى وكالة أنباء العالم العربي، إن نقص المناعة وانتشار الأوبئة والأمراض ربما يعيد إلى غزة أمراضا اختفت منذ قرون، مضيفا أنها تشهد "حربا فيروسية وبكتيرية لم تشهدها حتى هيروشيما ونغاساكي"، باليابان عندما تعرضتا لهجوم نووي في الحرب العالمية الثانية.

وأضاف: "أتواصل مع أطباء وأشخاص في اليابان يؤكدون أنهم لم يشهدوا ما يعايشه قطاع غزة الآن".

وبحسب الباشا، تنتشر في غزة وبسرعة أمراض مثل السل والإنفلونزا الموسمية والكورونا وغيرها بفعل الكثافة السكانية، مشيرا إلى أن سكان القطاع مكدسون في مراكز الإيواء وهو ما يجعل انتشار الأمراض حتميا. وحذر من أن عدم توافر الطعوم والأمصال الخاصة بالأطفال يهدد مستقبل الصغار صحيا.

وأشار إلى كارثة صحية أخرى تتمثل في علاج الجرحى وتقديم خدمات الإسعاف دون تعقيم، وهو ما ينشر أمراضا تنتقل عن طريق الدم.

وقال الطبيب إن حجم الكوارث الصحية يزيد بفعل اختلاط مياه الشرب في قطاع غزة بمياه الصرف، وهو ما يهدد بأمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد. كما أن انتشار الجثث في شوارع قطاع غزة وعدم دفنها يخلق أمراضا جديدة.

ونبّه إلى أن كل هذه الأمراض لن تبقى محصورة في قطاع غزة وإنما ستنتشر إلى مواقع أخرى خارجه خاصة مع قدوم فصل الشتاء حيث تقل المناعة بوضوح.

وشدد الباشا على أن العلاج الدوائي ليس هو الحل، بل الحل في علاج الأسباب التي تؤدي لانتشار الأمراض.

وتابع: "الوضع مرعب بدرجة لا توصف، وغزة ستكون بؤرة وبائية ومكانا لانتشار أمراض شهدها التاريخ سابقا واختفت منذ قرون".

الشتاء والأوبئة

المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور عبد الجليل حنجل يصف الوضع الصحي في غزة بالكارثة، ويقول: "الأمور صعبة للغاية، ولدينا شهادات حية عن عمليات إعدام في الشوارع وجثث في الطرقات، وهذا يسبب انتشارا للأمراض والأوبئة".

وعلق: "تصلنا يوميا مئات المناشدات من عائلات تعيش بلا غذاء ولا ماء خاصة في مناطق شمال قطاع غزة، وهذا كله حتما سيسبب الكثير من الأمراض ويؤدي لانتشارها سريعا بفعل نقص المناعة نتيجة سوء التغذية".

وأشار إلى أمورا كثيرة تزيد من فرص انتشار الأمراض وتشكيل "بؤر صحية مرعبة" في قطاع غزة، مثل نقص الوقود والمياه وانعدام الخدمات الإسعافية خاصة في مناطق الشمال في وقت تفقد فيه مستشفيات الجنوب قدرتها الاستيعابية.

وتابع: "نحن أمام خطر شديد جدا لانتشار الأوبئة تزامنا مع البرد وفصل الشتاء".

وحذرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من انتشار الأمراض والجوع في غزة، وقال مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس على منصة "إكس" إن الجوع يضعف دفاعاتِ الجسم ويفتح الباب أمام الأمراض.

وأشار إلى أن حالات الإسهال بين الأطفال دون سن الخامسة تضاعفت 25 مرة عما كانت عليه قبل الحرب، مؤكدا أن مثل هذه الأمراض قد تكون قاتلة للأطفال في ظل سوء التغذية.

وأعلن برنامج الأمم المتحدة للغذاء الأسبوع الماضي أن نصف سكان غزة يتضورون جوعا وغالبا ما يقضون أياما كاملة دون طعام. كما أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تحذيرا من أن عدم توفر المياه النظيفة يؤدي لوفاة مزيد من الأطفال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى