مآلات التصعيد في البحر الأحمر تلقي بظلالها على اليمن

> صنعاء «الأيام» أ ف ب:

>
​تتصاعد حدة الخطاب والتهديدات المتبادلة بين جماعة الحوثيين والإدارة الأميركية عقب قيام طوافات تابعة للقوات الأميركية، انطلقت من حاملة الطائرات "أيزنهاور" والمدمرة "غرافلي"، بقتل عشرة مسلحين حوثيين خلال محاولتهم السيطرة على سفينة الشحن الدنماركية "ميرسك هانغتشو" نهاية الشهر الماضي.

وفي السياق، قال رئيس "المجلس السياسي الأعلى" للجماعة مهدي المشاط إن الأميركيين سيدفعون الثمن باستهدافهم القوات البحرية اليمنية، وقد فتحوا على أنفسهم بابًا لن يستطيعوا إغلاقه. واعتبر المشاط خلال ترأسه اجتماعًا للقيادات العسكرية والأمنية، السبت الماضي، أن "دماء شهداء القوات البحرية دشنت معركة جديدة مع العدو الأميركي والرد عليه آتٍ لا محالة".

وأكد المشاط أن أي سفينة مرتبطة بالكيان الصهيوني لن تمر من البحر الأحمر مهما كان الثمن، مشيرًا إلى أنه "إذا كان الأميركي ملتزما بحماية الكيان الصهيوني، فنحن ملتزمون بحماية فلسطين وغزة، ونحن جاهزون لكل الاحتمالات، والخيارات مفتوحة".

وكان الحوثيون أعلنوا استهدافهم للسفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن، حتى يتم إدخال الغذاء والدواء إلى غزة. وشنوا، منذ 19 نوفمبر الماضي، عشرات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. وقاموا بإطلاق أكثر من 50 صاروخًا وطائرة مسيرة استهدفت مدينة إيلات جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتتنوع الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون في استهداف السفن، أبرزها الصواريخ من نوع كروز والبالستية، والطائرات المسيرة، والزوارق والألغام البحرية المتنوعة.

وتساهم هذه الأسلحة في نجاح الحوثيين باستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، خاصة أنهم يسيطرون على الشريط الساحلي الغربي، الممتد من ميناء ميدي التابع لمحافظة حجة شمال غرب البلاد حتى ساحل مدينة الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة جنوبًا، وهو شريط ساحلي يمتد لأكثر من 300 كيلومتر.

وقال العميد عبد الله بن عامر، نائب مدير التوجيه المعنوي للقوات المسلحة في حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليًا، لـ"العربي الجديد" إنه "إذا حدث عدوان أميركي بريطاني على بلادنا فبالتأكيد اليمن يمتلك خيارات عدة للرد، منها استهداف مصادر التهديد ذاتها، أي السفن الحربية، وصولًا إلى القواعد العسكرية التي يمكن أن تنطلق منها الصواريخ أو الطائرات".

وأضاف بن عامر أن "أي دولة تنخرط في أعمال عدائية ضد اليمن، فمصالحها سوف تتضرر، وهذا يتوقف على مدى توسع الأعمال العسكرية العدائية ضد بلادنا، فاليمن سيعمل على التعامل مع كل عمل عسكري بما يتناسب وذلك العمل من حيث طبيعة الرد".

وأشار إلى أن "العدوان على اليمن محتمل ومتوقع، وهناك رسائل عدة وصلت بهذا الشأن، منها رسائل الترغيب في البداية، ثم التهديد، وجرت اتصالات مكثفة مع سلطنة عمان خلال الأسبوعين الماضيين بهدف منع اليمن من استهداف السفن الإسرائيلية".

وأكد أن "الجانب الأميركي يمتلك قوة عسكرية كبيرة لكن لا يستطيع المناورة في البحر الأحمر، ومجال المناورة العسكرية محدود جدًا. وإذا اشتعل الصراع فإنه سوف يؤدي إلى إغلاق البحر الأحمر أمام حركة التجارة العالمية، واليمن يمتلك أسلحة قادرة على إرباك الأميركي والبريطاني، وبالتالي لن يستطيع الأميركي حسم المعركة، بل سيدخل في مأزق، وهذا سيعطل حركة التجارة ليس لأسابيع بل لأشهر".

وتلتزم الإدارة الأميركية حتى الآن بمبدأ الحرص على عدم توسيع دائرة الصراع في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي جعلها تسعى إلى تشكيل تحالف دولي، يضم أكثر من عشر دول لحماية طرق الملاحة الدولية، تجنبًا للدخول في صراع مباشر مع الحوثيين.

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قد أعلن في 18 ديسمبر الماضي تشكيل قوة عمل بحرية باسم "حارس الازدهار" بمشاركة دولية، بهدف مواجهة الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن. أضف لذلك أن الإدارة الأميركية تجنبت حتى الآن مهاجمة أهداف حوثية في الداخل اليمني، فيما لا يزال هذا الخيار واردًا وفقًا لتصريحات قادة أميركيين.

ونقلت شبكة "سي إن إن"، أخيرًا، عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قوله، تعليقًا على قتل القوات الأميركية للمسلحين الحوثيين، إن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة المميتة مرة أخرى ضد الحوثيين دفاعًا عن النفس. وأضاف: "إذا حدث ذلك مرة أخرى، فمن المحتمل أن نفعل الشيء نفسه بالضبط".

في سياق متصل كثفت الإدارة الأميركية من تواجدها في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث أكد مسؤول دفاعي أميركي أن حاملة الطائرات الأميركية "أيزنهاور" ومجموعتها الهجومية تتمركز قبالة سواحل اليمن، موضحًا أن حاملة الطائرات يصاحبها طراد الصواريخ الموجهة ومدمرات الصواريخ الموجهة.

ورأى الخبير والمحلل العسكري العقيد وضاح العوبلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الصراع بين جماعة الحوثي وأميركا سيظل في نطاق محدود إذا استمر التحرك الأميركي عند المستوى الذي هو عليه اليوم، معتبرًا أن "اتساع الصراع يعتمد على نوع ودرجة الرد الأميركي والدولي المحتمل".

وأشار إلى أنه "إذا واجه الحوثيون ردًّا حازمًا وجادًا ومؤثرًا، تترافق معه حزمة إجراءات إضافية على المستويين السياسي والدبلوماسي، عبر إعادة إدراج الجماعة على قائمة الجماعات الإرهابية، فإن هذا سيمثل إعلان انتهاء حالة التدليل الدولية للحوثيين، وبالتالي ردعهم كما يجب".

ولفت المحلل العسكري إلى أنه ليس بإمكان الحوثيين تحقيق ضربات مباشرة على مصالح أميركية، باستثناء استمرارهم في ما سماه "حالة التحرش العدائي في البحر الأحمر"، وإقلاق أمن الممر البحري، ما يؤدي لمضاعفات في أعباء النقل البحري، وإعاقة سلاسل الإمدادات.

واعتبر العوبلي أن "الخيارات أمام أميركا أوسع مما هي عليه أمام الحوثيين، وأبرزها تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، ودعم القوى المحلية لتحييد الخطر الحوثي عن الممر الملاحي عبر تحرير الساحل الغربي لليمن ومدينة الحديدة، وتقليص مسرح المناورة الحوثية إلى أدنى ما يمكن، وذلك عبر تنفيذ عمليات نوعية لاستهداف قيادات بارزة في الجماعة، لضرب هيكلها القيادي، والتأثير على بنيتها الحركية والتنظيمية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى