اذهب إلى الشحر

> قديمًا قال الشاعر:

اذهب إلى الشحر ودع عُمانا

إن لم تجد تمرًا تجد لبانا

نعم إنها صورة صادقة وجلية وساطعة لما تزخر به مدينة الشحر بساحل حضرموت من سلع ومنتجات قيمة بحكم موقعها، ومينائها الشهير، ونشاطها التجاري؛ ولذا تعرضت الشحر وفي حقب تاريخية مختلفة إلى غزوات، وحروب وأطماع، وأعمال قرصنة كان من ضمنها الغزو البرتغالي سنة 512 هجرية، الذي

تم مواجهته بمقاومة شعبية باسلة، مازالت جدران وأسوار وقباب ومآذن المدينة تحمل صداها .. ومآثرها.

فلم يجد الغزاة الطامعون «التمر واللبان» ولكنهم وجدوا صورًا من البطولة.. والتضحية .. والفداء.. والشهادة، فمضوا مسرعين إلى سفنهم في عرض البحر يجرون أذيال الخزي، والهزيمة .. والعار.

اذهب إلى الشحر لتجد جبل «ضبضب» وسور المدينة وبوابتي «الخور والعيدروس» و«دار البياني» و«حصن بن عياش»، تجدها تبوح لك بحكاية تاريخ تراث مدينة.. وكيف كانت الحصن الحصين والسد المنيع في وجوه الطامعين، والساهرة على حياضها وأمنها.

اذهب إلى الشحر لتجد المدينة المسكونة بعشق بحر العرب يزخر بحرها بأجود أنواع الأسماك والأحياء البحرية..

ولتجد ابن الشحر الصياد الماهر بالأسماك وبمعرفة أغوار البحر.

اذهب إلى الشحر لتجد مساجد وقباب المدينة تعطر صباحها ومساءها برشفات ونفحات من الإيمان.. والجهر بصوت الحق.. والتوحيد..

اذهب إلى الشحر لتجد في أسواقها الصناعات الشعبية غاية في الجودة والاتقان.. ولتجد (الحلاوة الشحرية) تأسرك بمذاقها العذب..

اذهب إلى الشحر لتجد الناس الطيبين البسطاء الذين يزرعون على شفاتك الابتسامة.. ويزيلون من قلبك كل همّ وألم..

اذهب إلى الشحر لتجد حلبات وأسمار الفنون الشعبية تهزك طربًا، ونشوى.. وتأخذك إلى دنيا من الأصالة..

ثم اذهب إلى الشحر لتجد روح الشاعر الكبير الراحل حسين أبوبكر المحضار تحلق عاليًا فوق سماء المدينة تهدي لها أعذب أغنياته .. مجددًا فيها الحب والوفاء.

فراق الشحر ما أصعبه! وفراق أهلها أصعب!

وإن صدت وإن جارت وقالت سر وتغرّب

فيا ما قد بطيت أشرب

لبنًا من ضرعها من عادنا إلا طفل في الخودة

والخلاصة:

الشحر كتاب مفتوح.. عنوانه الجمال.. وخاتمته الوفاء.. وهوامشه أكاليل من الورد والفل والعطر.. وأريج اللبان، بينما كل صفحاته من المودة.. والبساطة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى