ذوو الاحتياجات الخاصة يصنعون كراسي وعكاكيز لأقرانهم

> تقرير / فردوس العلمي

> خدمة الكراسي.. مشروع لدمج ذوي الإعاقة في كافة مجالات الحياة

> حثنا ديننا الإسلامي على العديد من الأعمال الأخلاقية والإنسانية لعل أهمها الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، الذين خصّهم الله في الآية (61) من سورة النور، قال تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) صدق الله العظيم، وبالنقيض من ذلك تخلّص أعداء الإسلام من هذه الفئة على مر الزمان وأهانهم، حيث يصف القانون الروماني الأصم (بالعته والبلاهة) وعمل الرومان على التخلص من المعوقين، وكذلك الفراعنة كانوا يتخلصون من الأطفال المعاقين، والفيلسوف أرسطو كان يرى أن أصحاب الإعاقة السمعية لا يمكن تعليمهم، بينما أفلاطون أقدم على إخراج المعاقين من مدينته الفاضلة كونهم لا يستطيعون القيام بواجبهم المطلوب لنجاح هذه المدينة، والقانون الإنجليزي القديم أيضًا حرَم بعض فئات المعاقين من الحقوق والواجبات التي لهم، لكن الإسلام جاء وأعاد الاعتبار لهذه الفئة التي عجز الجميع عن استيعابها، وحثّ على نصرتهم وإعانتهم قدر المستطاع.


وتؤكد المادة رَقْم (3) وبالقانون رَقْم (61) لسنة 1999م بشأن رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، أن يتمتع كل شخص من ذوي الإعاقة بممارسة كافة الحقوق التي يكفلها الدستور والقوانين النافذة الأخرى وتشير مادة (4) لكل ذي إعاقة حق التأهيل دون مقابل والاستفادة من برنامج التأهيل المهني والرعاية الاجتماعية التي تقدمها مؤسسات ومراكز دور الرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة لهذا تم إنشاء المراكز الخاصة بهذه الفئة من المجتمع، والتي تستحق أن تُتاح لها الفرصة للمشاركة في جميع الأوقات، وتستحق أيضا أن تُشارك وتستمتع بكل ما هو جيد في الحياة! ويحق للطلاب ذوي الإعاقة المشاركة في جميع مجالات التعليم، فلديهم نفس الحق الذي يتمتع به الطلاب المتعافين في التقدم بطلب الانتساب أو القبول في مكان ما والمشاركة في دورة أو برنامَج، ويشمل ذلك استخدام الخدْمَات والمرافق.


"الأيام" تتجول في مركز التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة م/عدن الواقع في مديرية المنصورة الذي ينفذ مشروع خدمة الكراسي المتحركة والإدماج الاجتماعي والتقت بمديرة المركز السيدة ليلى باشميلة وبعض العاملين في الورشة وخرجت بهذه الحصيلة.


تقول مديرة مركز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بعدن: "يتمحور مشروع خدمة الكراسي المتحركة والإدماج الاجتماعي حول الدعم الاجتماعي وهذا أول مشروع تم التوقيع عليه مع مكتب الشؤون الاجتماعية مكتب عدن ومنظمة الصليب الأحمر الدُّوَليّ ومحافظ محافظة عدن ".

وقالت "يهدف المشروع إلى دمج ذوي الإعاقة في كافة مجالات الحياة والمجتمع المهني هي الجهة التنفيذية حيث تم توفير الكراسي المتحركة بكافة أنواعها وفقا للحالات المستفيدة".

وتوضح "المستفيدون من المشروع هم من ضحايا الألغام وضحايا الحرب في مناطق النزاعات السياسية والحوادث وغيرها والإعاقات الخلقية".

ومن جهة أخرى ركز المشروع على كيفية الحفاظ على البيئة بأخذ مخلفات مركز الأطراف الصناعية وهي مادة (البر وبلين) التي يتم صناعة الأطراف الصناعية مما تبقى منها وهي عبارة عن قطع صغيره نُعيد تكريرها في فرن خاص، ولدينا ثلاث مقاسات موجودة نستفيد منها في صناعة مسند العكاكيز بمختلف الأحجام (صغير وَسَط وكبير) حيث يتم صناعته في الورشة ويتم منح هذا العكاز لمن يحتاج بصورة مجانية فكثير من ذوي الإعاقة ليس لديهم القدرة على شراء العكاكيز حيث يصل سعرها إلى 15 ألف ريال للواحد وتم توزيعها على أكثر من محافظة ".

وقال مدير المركز "نعمل بنظام الشراكة مع صندوق المعاقين بقيادة الدكتورة نجوى فضل المدير التنفيذي للصندوق التي تعد شريك أساسي معنا في هذا النشاط وللاطّلاع على كل التقارير و الحالات التي تأتي عبر الصندوق التنفيذي لذوى الإعاقة والمحتاجين إلى كراسي بكافة أنواعها سواء كانوا من أصحاب الشلل الدماغي أو الجوانب الخلقية أو حوادث السيارات والبيئة كل الحالات المحتاجة يتم استقبالها ثم يتم إرسالها إلى مركز التأهيل عبر استمارة خاصة تشمل البحث الاجتماعي وفيها كثير من التعامل الذي يسمح لنا بالشراكة مع الصندوق وتزويدهم بالكراسي التي يحتاجونها ".

وتوضح "استهدفنا طلاب المدارس بدرجه أولى والرياضيين ذو الإعاقة وتم إنشاء فريق رياضي في محافظة عدن لكرة السلة ولكرة الطائرة وتزويدهم بالكراسي الخاصة التي يتم تركيبها على ضوء الاحتياج الفعلي لكل إعاقة من الإعاقات ".

وتؤكد "حرصنا أن تكون التركيبات بعد أخذ القياس من الفيزيائيين الذين يعملون معنا في القسم، إضافة إلى كتالوجات موجودة معنا وكل العاملين في ورشة التركيبات هم من ذوي الإعاقة ويعملون في تركيب الكراسي إضافة إلى صناعه العكاكيز ".


وأضافت قائلة "هذا المشروع يعد أول مشروع بالنسبة لتوفير الكراسي للدمج الاجتماعي مع مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، إضافة إلى إننا نعمل على إدخال بعض التحسينات في حالة وجود صعوبات في عملية توفير الكرسي من قبل العاملين بالورشة ولكي أيضا تحافظ على المصاب بالإعاقة بحيث لا تحدث أي أعراض أخرى عند استخدامه الكرسي، كما يتم منحهم كافة المُعِدَّات التابعة للكرسي والتعليمات والإرشادات بكيفية الاستخدام حتى لا يعاني المستفيد من أعراض أخرى عند استخدامه لهذا الكرسي ".

وأفصحت ليلي باشميلة عن أمنياتها بالاستدامة لهذا المشروع كونه حقق الهدف المنشود منه وهو الدمج الاجتماعي في المجتمع بكافة نواحيه وبسهولة وتوفير كافة الأنشطة لهذه الفئة".

وفي ختام حديثها قالت "نشكر منظمة الصليب الأحمر الدولية التي تزودنا بمثل هذه المُعِدَّات ونشكر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ومدير مكتب الشؤون الاجتماعية في محافظة عدن، إضافة إلى المدير التنفيذي لصندوق دكتور نجوى فضل وهي شريك أساسي معنا ".

الأخت حنان محمود محمد أدم تتحدث عن جانب التأهيل وقالت "يتم التنسيق مع إدارة التأهيل المهني، حيث تم استضافة اثنين من المبتدئين في مجال العلاج الطبيعي من (جمعية تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة - أبين) للتعرف على طبيعة جلسات العلاج الطبيعي وطرق التدريب وعلى ضوءها عملنا ما يقارب 700 عكاز تم تزويد مركز الأطراف الصناعية 250 وصندوق التنفيذي والصندوق المعاقين زودناه 100 عكاز، إضافة إلى تلبية الطلبات التي تأتي عن طريقهم ".

الأخ صابر سعيد من ذوي الهمم يعمل في ورشة المركز يقول "أعمل على تركيب الكراسي حين يتم منح المستفيد الكرسي ويتم تدريبهم عليه لمراقبة الحركة وهل المستفيد مرتاح فيه أو لا، إلى جانب ترميم الكراسي القديمة واستبدال القطع الغير تالفة ونعمل على تجديدها ومنحها لكبار السن المقعدين في حالة رغبوا بالخروج أو الجلوس عند أبواب منازلهم لتغيير الجو أو التمشية مع ذويهم".


أحمد سالم من ذوي الهمم يعمل موظف بالورشة ولأن أحمد لا يستطيع الحديث (أبكم) تفضلت زميلته بالترجمة لنا حيث يقول "نعمل على تذويب مخلفات مادة "البر وبلين" التي نأخذها من بقايا مخلفات مركز الأطراف الصناعية لتذوبيها في فرن خاص ومن ثم يتم وضعها في القوالب المخصصة لصنع مسند العكاز ".

يعمل أحمد في الساعة الواحدة من العمل أكثر من خمس مساند عكاز بعده يتم تركيب اليد في القصبة وتعمل لها القياسات لتناسب كل مستفيد حسب طوله".

في ختام حديثه قال "نشعر بالفخر أن هذا العكاكيز صنعت في عدن ونستطيع أن ننجز أكثر من ذلك في حالة توفرت الكهرباء دون انقطاع".

قصة نجاح


تعد حالة الطفل عاصم قصة نجاح حققه المركز حيث يفصلها لنا الأخ أصيل وليد وهو موظف بالمركز في قسم العلاج الطبيعي والفيزيائي مع زميلته جميلة أحمد قائلاً: "جاء طفل إلى المركز وتم معاينته وبدأ العلاج مع زميلنا صفوان عبد الغفور التميمي الذي كان معنى بعلاج الطفل وعندما كشف عن حالة الطفل كان لا يستطيع الحبو ولا يستطيع الوقوف على الركبتين بمفرده ويعاني من شدة في الأطراف السفلية ولا سيما الجهة اليسرى وغير قادر على الوقوف بمفرده ولا حتى الاتكاء على الجدار ويعاني من ضعف بعضلات الظهر والوركين والأطراف السفلية " .

ويضيف "تم وضع خطَّة علاجية له من قبل زميلنا صفوان عبد الغفور شملت عددا من التمارين منها تمرين تقوية للظهر والوركين والأطراف السفلية واستطالة لفتح الشد وتعليمه الوقوف على الركبتين وعمل على تحسين عملية الحبو وتمارين للوقوف، وبهذه التمارين استطاع الطفل أن يحبو بشكل أسرع والوقوف على الركبتين بمفرده مدة قصيرة، حيث تحسن في الشد والوقوف بمساعد جدار العضلات قوة واستطاع المشي بعدة خطوات".


يقول وليد بعد سفر زميلنا استلمنا الحالة وفي المرحلة الثانية كان الطفل غير قادر على الانتقال من وضعية الجلوس إلى الوقوف بمفرده ولا يستطيع التوازن ويعاني من شد في الأطراف السفلية وضعف عضلات الأطراف السفلية والظهر ولا يستطيع صعود السلم الخشبي بمفرده، فوضعنا له خطَّة علاج للمرحل الثانية ومنحناه تمارين مختلفة لتقوية الأطراف السفلية والظهر والتوازن والاستطالة، إضافة إلى تعليمه الانتقال من الجلوس إلى الوقوف وصعود السلم الخشبي وتمارين خاصة بالمشي ".


والحمد لله أثمرت هذه الخطَّة ولاحظنا تحسن ممتاز لعضلات الأطراف السفلية والظهر وبمساعدة بسيطة وثقة استطاع التوازن خلال الوقوف وصعود السلم الخشبي بمفرده وأصبح لديه تحسن ممتاز في الشد ويستطيع المشي لفترات طويلة والمشي على شكل نزول متعدد وطلوع ومستمرين معه في الخِطَّة العلاجية ".

خاص "الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى