> لندن "الأيام" العرب:

قبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في 30 يناير الماضي أوراق اعتماد السفير الأفغاني الذي عينته طالبان، ليصبح بذلك أول رئيس دولة يتخذ هذا القرار، في خطوة من المرجح أن تفتح الباب أمام دول أخرى مثل روسيا وإيران.

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، أشار إلى أن هذه الخطوة لا تعني أن بكين اعترفت بحكومة طالبان رسميا. 

وقال إن “الاعتراف الدبلوماسي بالحكومة الأفغانية سيحدث بشكل طبيعي مع المعالجة الفعالة لمخاوف الطرفين”.

وفي الشهر الماضي انضمت الصين إلى روسيا في الامتناع عن تصويت في مجلس الأمن الدولي يدعو، من بين أمور أخرى، إلى تعيين مبعوث خاص إلى أفغانستان، وهو أمر عارضته بشدة سلطات طالبان.

وتشمل توقعات المجتمع الدولي السماح للفتيات والنساء بالدراسة والعمل وتشكيل حكومة أكثر شمولا وتوفير المزيد من حماية الأقليات.

ويسمح النهج الذي تتبعه الصين، والذي يتمثل في تبادل السفراء دون اعتراف رسمي، بالحفاظ على علاقاتها مع عدم الانشقاق عن بقية العالم.

وتعد الصين الدولة الوحيدة التي أرسلت تشاو شينغ في أغسطس الماضي ليكون سفيرها الـ16 في كابول. واحتفلت طالبان من جهتها بهذه الخطوة باعتبارها انتصارا دبلوماسيا كبيرا.

وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن “الصين تدرك ما تحتاج بقية العالم إلى فهمه”. وحث الدول الأخرى على توسيع العلاقات الثنائية مع حكومة بلاده.

وتشكّل الخطوة التي اتخذتها الصين دفعا معنويا لحكومة طالبان في أفغانستان، التي لم تعترف بها أي دولة منذ استيلاء الجماعة المتطرفة على السلطة خلال 2021.

وقد يشجّع توسيع العلاقات الدبلوماسية بين بكين وحكومة طالبان دولا أخرى في المنطقة، كإيران وروسيا، على اتخاذ إجراءات مماثلة.

وقال الخبير في شؤون أفغانستان في مجموعة الأزمات الدولية إبراهيم باهيس إن “قرار بكين يشير إلى أن طالبان تنجح في تحقيق تقدم مهم في إستراتيجيتها للحصول على اعتراف رسمي من دول المنطقة”.

وذكر أن تشكك دول المنطقة يزداد “أكثر فأكثر حيال الإجماع الغربي على إبقاء طالبان منبوذة على المسرح العالمي”.

وقال نجيب آزاد، وهو مسؤول حكومي أفغاني سابق في المنفى، إن “خطوة بكين لن تحمل أي معنى إذا لم يتبعها أي اعتراف دبلوماسي كامل من جميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”. وأضاف لإذاعة أوروبا الحرة “ستبقى إلى حين ذلك مجرد فرصة علاقات عامة لطالبان لادعاء النجاح”.

ومن المتوقع أن يناقش مؤتمر للأمم المتحدة حول أفغانستان خلال الشهر الحالي مسألة الاعتراف بطالبان وأطر التعامل معها. وتواجه الجماعة الإسلامية المتشددة عقبات كبيرة في سعيها للحصول على اعتراف وشرعية دوليين.

وربطت الكثير من الدول الاعتراف بطالبان بإنشاء حكومة شاملة، وضمان حقوق المرأة، وقطع العلاقات مع الجماعات المتطرفة. لكن الخبراء أكّدوا أن طالبان رفضت تقاسم السلطة، وقوضت حريات المرأة، وحافظت على صلات مع الجماعات المتطرفة.

وتراجعت أفغانستان 12 مرتبة في تصنيفات منظمة الشفافية الدولية العالمية للفساد.

واحتلت البلاد المرتبة 162 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2023. وصنفها المؤشر نفسه خلال 2022 في المرتبة 150. وسبق أن احتلت في ظل الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب خلال 2021 المرتبة 176.

وحاول المتحدث باسم طالبان التقليل من شأن التراجع الكبير الذي شهدته أفغانستان في الترتيب. وقال مجاهد إن “الانخفاض في الترتيب لا يعني ارتفاع الفساد في أفغانستان، فربما تكون دول أخرى قد أصبحت أكثر شفافية”.

ويمثل التصنيف ضربة لحكومة طالبان، التي اعتبرت حربها ضد الفساد أحد إنجازاتها الرئيسية. لكن تراجع ترتيب أفغانستان يشير إلى أن الفساد، الذي كان موجودا في ظل الحكومة السابقة، مازال متفشيا.