اليمنيون يدفعون ثمن تصعيد البحر الأحمر

> «الأيام» الخليج 365:

>
​لم يكد اليمنيون المنكوبون بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم يتعافون نسبيًّا من تبعات الصراع المستعر في بلادهم جراء الممارسات العدوانية لجماعة الحوثي، حتى وضعهم التصعيد العسكري الحالي للحوثيين، على شفا العودة للمربع الأول للاضطرابات التي تعصف بهم، منذ عقد كامل من الزمان.

فالهجمات التي يشنها المسلحون الحوثيون منذ عدة أشهر وتهدد حركة الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر، تلقي بظلال كثيفة من الشكوك على المكاسب التي تحققت على مدار العامين الماضييْن على الساحة اليمنية، تحديدًا منذ أن تم التوصل في إبريل 2022، إلى هدنة بين الأطراف المتحاربة، برعاية الأمم المتحدة، وهي التهدئة التي ظلت صامدة عمليًّا إلى حد كبير، حتى رغم انتهاء سريانها رسميًّا، في مطلع أكتوبر من العام نفسه.

وزاد من خطورة هذه الاعتداءات، تزامنها مع مواصلة مسلحي الحوثي، فرض الحصار على عدد من المدن والبلدات اليمنية، ما يحول دون وصول المواد الغذائية والمياه والمساعدات الإنسانية الحيوية الأخرى إلى السكان، ممن يخشون من أن تصبح الأشهر القليلة المقبلة، أكثر صعوبة بالنسبة لهم، على ضوء تصاعد النزعات العدوانية للحوثيين.

وعزا محللون، إمعان جماعة الحوثي في تصعيدها الراهن، إلى ما شهدته شعبيتها من تراجع كبير، في الفترة السابقة مباشرة لشروعهم في شن هجماتهم على بعض السفن المارة في جنوب البحر الأحمر.

كما ربطوا ذلك أيضًا، بتصاعد مشاعر خيبة الأمل والاستياء بين اليمنيين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الجماعة، سواء بسبب ممارساتها القمعية ضد خصومها، أو جراء الظروف الاقتصادية المتردية، التي يعيش أولئك السكان في ظلها.

كما أشار هؤلاء إلى أن التصعيد المتمثل في تواصل الهجمات الحوثية على السواحل، يُنذر كذلك بتجدد المعارك على نطاق واسع في الداخل اليمني، خاصة وأن الحوثيين عكفوا - وفقًا لمراقبين - على تجنيد مزيد من العناصر في الفترة الأخيرة، لتعويض الخسائر الفادحة، التي كانت قد لحقت بهم، في الشهور القليلة السابقة، لبدء سريان التهدئة للمرة الأولى في ربيع 2022.

وحذر المحللون، في تصريحات نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، من أن جماعة الحوثي تعتبر ما يحدث حاليًّا «فرصة ذهبية» لإلهاء اليمنيين عما يكابدونه من معاناة على مختلف الأصعدة، جراء ممارساتها العدائية طيلة أعوام، مؤكدين أن الجماعة ستعمل على إلقاء تبعة كل ما نجم عن سياساتها واعتداءاتها من ويلات، على شماعة القوى الخارجية.

وخلال الأيام القليلة الماضية، تصاعدت تحذيرات مسؤولي وكالات الإغاثة المحلية والدولية، من أن الأوضاع الحالية وما تقود إليه من زيادة كبيرة في تكاليف الشحن البحري، قد تقلص كميات الأغذية والأدوية والوقود الواصلة إلى اليمن، الذي يعتمد على الاستيراد لسد نحو 90 % من احتياجاته الغذائية، ويحتاج ثلثا سكانه، أي ما يزيد على 21 مليون شخص، إلى إمدادات إغاثية.

وفي ديسمبر الماضي، انخفضت الواردات القادمة إلى اليمن عبر البحر الأحمر، بنسبة 17 % على أساس شهري، وذلك وفقًا لبيانات كشف عنها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وهو ما يعود بشكل رئيس، لتكاليف الشحن الآخذة في التزايد. ويهدد كل ذلك، حسبما أكد الموقع الإلكتروني لإذاعة «صوت أميركا»، هدنة الأمر الواقع، التي جلبت فترة لا بأس بها من الهدوء النسبي إلى اليمن، وقد يقوض في الوقت نفسه، آمال الكثيرين في إمكانية استئناف المفاوضات الرامية لإيجاد تسوية للصراع، بعدما حصد أرواح مئات الآلاف من الأشخاص، وأجبر ملايين آخرين، على التحول إلى لاجئين ونازحين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى