​من نهاية حرب إلى بداية أخرى.. صنعاء تواصل اختلاق الأزمات والحروب

> «الأيام» أخبار الآن:

>
لا يكاد يمر يوما دون انتهاك جديد من ميليشيا الحوثي، التي لا تكف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، فالجماعة التي تسببت في كارثة بيئية بالبحر الأحمر نتيجة هجومها على سفينة الشحن "روبيمار" التي غرقت وهي تحمل أسمدة قابلة للاحتراق، لم تقف عند هذا الحد، بل خرجت لتهدد بمواصلة إغراق السفن البريطانية في خليج عدن..

هذا الهجوم ليس الأول بطبيعة الحال ولا يبدوا أنه سيكون الأخير، فقبل أيام أعلنت شركة الاتصالات الدولية "سيكوم SEACOM" عن خلل في بنيتها التحتية بالبحر الأحمر، ما أثر على نظام الكابلات في أفريقيا، وهو ما عطل تدفق المعلومات بين أفريقيا وأوروبا بشكل صحيح.

وسبق أن أفادت وسائل إعلام عن مصادر يمنية أن ميليشيا الحوثي وراء تفجير خطوط الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن.

وأوضحت المصادر بحسب وسائل الإعلام أن 4 كابلات للاتصالات البحرية تعرضت للضرر، مشيرة إلى أن إصلاح الخطوط المتضررة قد يستغرق ما يصل إلى 8 أسابيع.

وصرحّ مؤسس مبادرة "الكابلات المفتوحة" الخبير التقني الهندي سونيل تاجاري Sunil Tagare يوم الاثنين الماضي أن ميليشيا الحوثيين اليمنية قطعت كابلات ضوئية بحرية في البحر الأحمر.

يأتي ذلك ضمن سلسلة الكوارث والأزمات التي تخلقها ميليشيا الحوثي على الشعب اليمني أولًا، والدول العربية والمجاورة، إن قطع كابلات الاتصالات في البحر الأحمر والذي يمثل 17 % من كابلات اتصالات العالم، لهي أزمة كارثية ستتسبب في العديد من الكوارث والأزمات والأضرار الإنسانية والاقتصادية.

تجسد اليوم جماعة الحوثي منذ التأسيس، ميدانيًا عسكريًا سياسيًا إعلاميًا، وتزامنا مع حرب غزة أبشع صور الاستغلال والبراجماتية، إذ تحاول استثمار الأحداث والحرب بكل جهد، منذ إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل- كما زعمت الميليشيا - وصولًا بالقرصنة وتهديد الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر والعربي وباب المندب.

وبعيدًا عن الأزمات الإنسانية والكوارث البيئية وسلسلة الحروب التي تصطنعها جماعة الحوثي لتبقى وتستمر والتي لا تكاد تنقطع، ما الذي يدفع ميليشيا الحوثي لهكذا ويلات ونكبات وأزمات إنسانية وبيئية وحروب؟ إن استغلال حرب غزة الإنسانية تُعطي الميليشيا غطاءً وسقفًا لكل التحركات العسكرية والسياسية أو الدعائية الإعلامية، لتحقيق العديد من الأهداف التي تندرج تحت قسمين- إن صح التوصيف:

- القسم الأول: أهداف خارجية، تنفيذًا لأجندة طِهران، في إدخال المَنطقة بسلسلة من الحروب دون توقف، وتوسيع دائرة الصِراع والحرب في محاولة لخلط الأوراق، وبهذا تقوم إيران مساومة العالم الإقليمي والدولي لتصفية حساباتها أولًا، لتحقيق ما ترنو إليه من أهداف سياسية وعسكرية وأمنية، باستخدام ميليشياتها في اليمن والعراق وسوريا وفلسطين، ويتلخص ذلك اليوم بوصف الحوثي بـ"بيدق إيران في البحر الأحمر".

- الثاني: أهداف داخلية، وذلك بالتمدد عسكري أولًا، فقد عجزت ميليشيا الحوثي طيلة السنوات الماضية من إحراز أي تقدم عسكري في مناطق البحر الأحمر أو ما عرف بمناطق الساحل الغربي، وتحاول اليوم مجددًا تحت غطاء وذريعة "نصرة فلسطين" السيطرة على مناطق شاسعة من خلال هجمات مكثفة ميدانيًا، لجانب التحشيد في جبهات الجماعة، والتهرب من الأزمات والالتزامات الإنسانية تحت ذريعة مواجهة أمريكا وإسرائيل، وحالة الحرب الجديدة.

تجعل البراجماتية من المنفعة والمصلحة مقياسًا للحق والباطل، ومقياسًا للخير والشر، فالوسيلة تكون صحيحة أو باطلة فهذا ليس مُهمًا بمقدار ما تحققه من مصالح ومنافع حتى لو كانت (لا إنسانية) و (لا أخلاقية) فليس هذا معنيًا، فالمهم والغاية أن تحقق مصالح وأجندة الجماعة أو الشخصية البراجماتية، وهذا ما تجسده ميليشيا الحوثي اليوم.

منذ بدء حرب غزة استثمرت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران الأحداث تحت ذريعة "نصرة غزة"، في محاولة بائسة أولًا لغسيل سمعتها الملطخة بدماء اليمنيين، إلى جانب تنفيذ الأجندة الخارجية لطهران، ولتنفيذ مخططات الجماعة المحليّة، مستغلةً حالة النشوة العربية والإسلاميّة لتعزيز شعبيتها المتهالكة وتحسين سمعتها السيئة، وذلك من خلال حشد الموقف الشعبوي في الشارع العربي لدعم تحركات الجماعة تحت غطاء "نصرة غزة وفلسطين"!

وبالتزامن مع أحداث غزة، هاجمت جماعة الحوثي العديد من المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية في مأرب والساحل الغربي، وبيحان في محافظة شبوة، والحدود اليمنية السعودية، مع استمرارها في الحشد العسكري والتعبئة المسلحة مستثمرة الحرب في غزة، رغمًا عن الهُدنة المعلنة واتفاقيات السلام.

أما محاولات ميليشيا الحوثي السيطرة على مناطق شاسعة في الساحل الغربي، بعد أن فشلت خلال السنوات الماضية السيطرة أو التقدم على أي من هذه المناطق فقد كانت الهجمات العسكرية لمليشيا الحوثي في ظل التحشيد الإعلامي الذي يصف القوات الحكومية- بشتى مسمياتها- أنها العدو الحقيقي الداخلي التي تقف لجانب إسرائيل.

يقول رئيس عمليات اللواء الرابع عمالقة المقدم هاني الكلدي: استغل الحوثي أحداث غزة لأجل حشد المقاتلين إلى الجبهات، وخاصةً بيحان – حريب، والساحل الغربي تحديدًا حيس جبهة سقم، ويقوم بإيهام الناس أنه يقاتل أمريكا وإسرائيل وهو يقوم بالدفع بهؤلاء إلى مثل هذه الجبهات الداخلية.

وأضاف الكلدي، قائلًا: وقد قام الحوثي بالهجوم على بيحان عدة مرات إلا أنه اصطدم بجدار صلب من مقاتلي العمالقة الفرقة الأولى عمالقة بقيادة العميد رائد الحبهي، وهكذا قام بشن هجوم على موقع لنا بجبهة حيس سقم إلا أن ميليشيا الحوثي عادت تحمل خيبة كبير وانكسار، بفقد تصدت للهجمات الحوثية قوة من اللواء الرابع عمالقة، وقد أجبرته قوات العمالقة على التراجع تاركًا قتلاه في الشعاب.

وأوضح المقدم هاني، قائلًا: إن كل ما يحصل في البحر هذه الأيام؟ ما هو محاولة لتلميع صورة الحوثي المشوهة، لأجل أن يكتسب شعبية وحاضنة تحت مسمى "نصرة غزة" حتى يحشد للجبهات مخادعًا مغالطًا بسطاء الناس، أنه يقاتل أمريكا وإسرائيل.

وفي هذا الصدد صرح قائد المقاومة التهامية قائد الحراك التهامي السلمي الشيخ القبلي في الحديدة عبد الرحمن الحجري، قائلًا: لا بد أن ندرك أن من يمارس القتل والتهجير والتدمير والتفجير في حق الشعب اليمني، ومن يحاصر المدن ويقطع الطرقات ويزرع الألغام في البحر والبر وفي مسالك الناس ومزارعهم ومنازلهم، لن يكون في قاموسه "نصرة غزة"، بل يحاول تبييض سجل جرائمه بهكذا أحداث وحروب.

وأضاف قائلًا: إن هذه العصابة الإجرامية لا تفتأ أن تستغل الأحداث لتستفيد منها سياسيًا وعسكريًا فهي تستغل أحداث الحرب في غزة للحشد والتجنيد تحت ذريعة نصرة فلسطين وغزة في الوقت الذي ترسل فيه هذه الحشود للمحارق في الجبهات الداخلية.

وأضاف الحجري أن ما تقوم به جماعة الحوثي اليوم في البحر الأحمر من إرهاب وقرصنة هو بسبب تغاضي المجتمع الدولي في الفترات السابقة عن جرائمه، وبسبب تلك الاتفاقية المشؤومة اتفاقية السويد التي مكنته أكثر وحرمت أبناء الأرض أبناء تهامة خاصة من استكمال تحرير أرضهم، لذلك المجتمع الدولي معنيًا اليوم أكثر من غيره من إعادة النظر في ما يخص التعامل مع هكذا جماعة تمارس القرصنة والإرهاب وتهدد الأمن والملاحة البحرية بحزم.

وكما سبق الإشارة فقد حاولت الميليشيا كذلك تكثيف الهجمات على مديرية بيحان بمحافظة شبوة، وأفاد مصدرًا قبليًا وعسكريًا في مديرية بيحان: أن جماعة الحوثي تستميت في استعادة ما خسرته العام قبل الماضي، في بيحان، وكثفت من هجومها خلال الفترة الماضية بالتزامن مع أحداث غزة.

وقال الشيخ القبلي محمد الفاطمي، والذي يشغل أيضًا مدير عام مديرية بيحان، أن قوات العمالقة الجنوبية ودفاع شبوة، أفشلت العديد من محاولات اختراق الجبهات الحكومية في بيحان، ما جعل جماعة الحوثي تلجأ لأعمال خسيسة وجبانة باستهداف منازل ومزارع المواطنين، وتكثيف زراعة الألغام.

وأضاف الفاطمي أن أبناء بيحان عرفوا نهج الحوثي من خلال احتلالين متتالين لمديرية بيحان، وهناك صحوة شعبية وفكر رافض لمنهج الجماعة الحوثية، مشيرًا إلى أن الجماعة استغلال أحداث غزة كشعار، لا يجدي مع وعي المجتمع في شبوة.

وأوضح الشيخ الفاطمي أن قوات العمالقة الجنوبية ودفاع شبوة تخوض معارك في خمس جبهات مفتوحة مع جماعة الحوثي، حيث تكثف الجماعة هجومها باتجاه جبهة (القويم)، مؤكدًا عدم قدرة جماعة الحوثي على إحراز أي تقدم بفضل الصمود الثابت للقوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها في بيحان.

ترنو جماعة الحوثي من استغلال الأحداث في غزة إلى ترميم صورتها المتهالكة محليًا وخارجيًا أولًا، لحصد أكبر موقف داعم لأعمال الجماعة الإرهابية، وتستخدم ذلك تحت ذريعة "نصرة فلسطين" غطاء لجرائم الجماعة محليًا والتعرف من الأزمة الإنسانية الداخلية، إلا أن العالم اليوم محليًا ودوليًا أكثر وعيًا فلا ينظر لما تقوم به الميليشيا إلا "أعمال قرصنة" تهدد أمن الملاحة الدولية، ليس إلا.

لم تخفِ مخاوف عدد من الخبراء والباحثين في الشأن اليمني السياسي والعسكري تصاعد أعمال القرصنة والإرهاب في البحر الأحمر والعربي ما لم يتم الحسم مع ما تقوم به.

يقول الباحث اليمني مصطفى ناجي لـ"أخبار الآن": ‏"أخشى أن تكون أعمال الميليشيا المدعومة من إيران وتساهل العالم الإقليمي والدولي تجاهها، وعدم اعتماد الحلول الناجحة التي تشرك المجتمع اليمني والدولة اليمنية لمعالجتها، مشجعة لبقية الجماعات المتطرفة الأخرى، وتنظيم القاعدة وداعش، فيبنى تصورًا لدى جميع الجماعات والتنظيمات الإرهابية أن البحر الأحمر هو الخاصرة الرخوة للعالم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى