رئيس قسم العلوم السياسية لـ "الأيام": نسعى لتكوين جيل سياسي سليم

> تقرير/ سيف وهيب:

>
كيف حارب نظام صنعاء فتح أقسام للعلوم السياسية في جامعات الجنوب؟!
تهميش التعليم حجم طموح ساسة الجنوب وقلل تأثيرهم على الصعيد العام
هل عودة التعليم السياسي سيساهم في تحديد مسار الحياة أمام الجنوبيين؟

>"العلوم السياسية" واحد من أهم التخصصات العلمية التي غُيّبت من جامعات الجنوب على مدى خمسة عقود ماضية هي عمر جامعة عدن التي تأسست في العام 1970م، وعلى مدى 35 عامًا هي المدة الزمنية الفارقة بين تأسيس قسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد بجامعة صنعاء، التي شهدت التحاق أول دفعة بهذا التخصص في العام الجامعي 1983 - 1984م وبين افتتاح التخصص نفسه في كلية الاقتصاد بجامعة عدن العام الجامعي 2018 - 2019م، بالتزامن مع إلحاق "العلوم السياسية" كتخصص جديد في كلية الآداب بجامعة حضرموت، وبالقياس مع هذه المعطيات الزمنية، فإن 28 عامًا منذ الوحدة بين الشمال والجنوب (1990م) حتى "إنهاء الحظر" والبدء رسميًا بإدخال هذا التخصص الهام إلى جامعتي عدن وحضرموت في (2018م)، هي المدة الحقيقية التي يمكن اعتبار أنها كانت فترة "حظر" ممنهج وعرقلة متعمدة وتصدٍ صريح في واحدة من ألاعيب السياسة التي اختطها نظام صنعاء لتحجيم الجنوب بخلق واقع جامعي وتعليمي مسيس وضامن بأن لا يكون للكادر الجنوبي المتخرج أي دور في مثل هذه التخصصات الجامعية الحساسة وفي مقدمتها العلوم السياسية وغيرها من التخصصات لا سيما في العلوم العسكرية، بدليل "حظر" إدخال هذه التخصصات إلى جامعات الجنوب، وبدليل تهميش وتخريب ما كان قائمًا في الجنوب قبل حرب الاجتياح في العام 1994 من صروح علمية وكليات ومعاهد تخرج وتؤهل الكادر الجنوبي في مجالات العلوم العسكرية والسياسية، كتدمير الكلية العسكرية ومعهد تأهيل القادة بعدن بعد تحييدهما ونقل ما تمّ نقله منهما إلى صنعاء وتهميش الطواقم التدريسية وتسريحهم، وبدليل حرمان أبناء الجنوب من فرص الابتعاث والمنح الدراسية الخارجية في هذا المجال وحصرها حكرا لأبناء الشمال.

تشير معظم -إن لم تكن كل- كليات وأقسام العلوم السياسية في الجامعات العربية والأجنبية إلى أن الهدف من تدريس هذا التخصص هو "تلبية حاجة المجتمع إلى كوادر علمية مؤهلة في المجال السياسي والعلاقات الدولية، وبالتالي إعداد قيادات توجه الرأي العام لأهداف تخدم الوطن والأمة"، كما أن هذا العلم "هو أحد تخصصات العلوم الاجتماعية التي تدرس نظرية السياسة، وطرق تطبيقها، وطرق تحليل ووصف الأنظمة السياسية، وسلوكها، وأثرها على المجتمع بشكل أكاديمي نظري وبحثي. وتتضمن الحقول الفرعية التي يتناولها التخصص عددا من الاتجاهات: كالمدنيات، والفلسفة السياسية، والنظرية السياسية، والأنظمة القومية، والقانون الدولي، والحريات العامة، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية والدبلوماسية"، وفقًا لتوصيف باحثين، وبحسب تعاريف موجزة نشرتها مواقع جامعات على مواقعها الإلكترونية للتعريف بأقسام العلوم السياسية وأهدافها ورسالتها.

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة عدن
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة عدن

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة عدن تقول إن هذا القسم الذي التحقت أول دفعة للدراسة به في العام الجامعي 2018 - 2019م، أنه يهدف إلى "تأهيل الطلبة وبناءهم فكريًا وعلميًا في حقل العلوم السياسية. وكذا إعداد الطلبة وتأهيلهم في سوق العمل وتعزيز انتماءهم للوطن من خلال تنشئة سياسية سليمة. والأهم من هذا هو تنمية القدرات العلمية للطلبة وتشجيع روح البحث لديهم".

ما يميز قسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد، جامعة عدن، هو التوجه الملحوظ نحو الجانب التطبيقي والعملي من خلال التركيز على تكليف الطلاب بإعداد البحوث وكتابتها في مسعى لتنمية الروح البحثية لدى الطلاب وزرع أسس المنهجية العلمية في جمع المعلومات وإعادة صياغتها ثم تقديمها بشكل منهجي. ضف إلى ذلك إقامة الندوات الحوارية المباشرة باختيار فريقين من الطلاب واختيار قضية سياسية معينة يتم حولها الحوار، لتنمية قدرات المتلقين على الإلقاء والتعبير والكلام وطرح الحجج، في مشاهد تبعث آمالا جسام بأن هذا القسم سيدفع بكوادر مؤهلة قادرة على إحداث تغيير في مستويات القيادة السياسية والدبلوماسية في الجنوب واليمن بعد أن ظلت تلك المستويات حكرا لكثير من غير المؤهلين وغير المتعلمين الذين يحظون بتقية إما قبلية أو مناطقية أو نفوذ أو ولاء سياسي وتبعية تفتقر لأدنى مقومات التخصص والكفاءة.

د. سامي محمد
د. سامي محمد
يقول رئيس القسم، د. سامي محمد قاسم، إن "المشاريع البحثية مهمة جدا لطلاب البكالوريوس عموما وطلاب العلوم السياسية خصوصا؛ لأنها تنمي لدى الطالب القدرة على الصياغة السليمة والتعبير الواضح لموضوعات محددة كما أنها تعمل على توسعة اطلاعه حيث إن إعداد هذه المشاريع تتطلب منه القراءة والاطلاع على الأبحاث والدراسات العلمية المتصلة".

ويضيف رئيس قسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد، جامعة عدن، إن مثل تلك البحوث والندوات "تعمل على تعزيز قدرة الطالب على الإلقاء وشرح وتلخيص الموضوعات أمام الحضور، وتعمل على كسر حاجز الرهبة لديه من مواجهة الجمهور، وتعمل على إكسابه خبرات متراكمة في تحليل المشكلات البحثية والتحليل السياسي، ويجب أن تكون مترافقة مع تدريبه على آليات إعداد البحوث العلمية وإعداد أوراق السياسات حتى تحقق النتائج المرجوة منها".

من جانيه اعتبر، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن، د. محمد جمال الشعيبي، أن مشاريع التخرج تعد "أولى خطوات التطبيق العملي التي تنمي من قدرات الطالب وتساعده على الخوض في سوق العمل متسلح بكم من العلوم والمعارف التي تحصل عليها أثناء مرحلة الدراسة الجامعية".

وقال د. الشعيبي، في تصريح لـ"الأيام" إن مشاريع التخرج "عادة ما تشتمل على جزئية مخصصة للتطبيق العملي، وهي تمثل انعكاس أو اختبار عملي لقياس قدرات الطالب المتخرج على الالتحاق بسوق العمل".
د. جمال الشعيبي
د. جمال الشعيبي


لذلك تعد مشاريع التخرج وسيلة هامة للطلاب كونها في آخر مراحل الدراسة الصفية بعكس ما يقدم الطلاب من مشاريع وأوراق بحثية أثناء سنوات الدراسة الاولى فهي تنمي معارف الطلاب وتزيد من مهاراتهم العلمية لمواصلة مسيرات التعليم بمعنى تساعد الطلاب على فهم واستيعاب المساقات والبرامج الدراسية.

بينما مشاريع التخرج يعقبها البحث او التوجه إلى سوق العمل ومعروف ان أسواق العمل تبحث عن المؤهلات والخبرات والمهارات العملية والتخصصية".

وتابع قائلا "لا يكفي ان يكون الطالب متخرج بمعدل جامعي مرتفع نتيجة دراسة نظرية بحته تخلو من اي تجارب او مشاريع عملية تطبيقية تحاكي واقع العمل الحقيقي. فاذا كان لا يفقه في الجانب العملي شيء فمن المؤكد ان ذلك سوف يؤثر سلبا على حياته العملية، بينما الطالب المتخرج والمتسلح بالتجارب العملية ومشاريع التخرج، من المؤكد ان ذلك يعتبر ميزة إيجابية سوف تعزز من قدراته العملية وتساعده على الاندماج في مجال العمل والتخصص الذي يعمل فيه بسهولة وسرع كونه قد تلقى الكم الكافي من الدراسة الجامعية إلى جانب التجارب التطبيقية وختامها في مشاريع التخرج التي تزيد من تعزيز واثراء قدراته العلمية والعملية، وتنمي مستوى المهارات والقدرات لديه".

د. عارف السنيدي، المتخصص في القانون الدولي، يشاركنا الرأي في مسألة الأهمية التعليمية والعلمية للطلاب بشكل عام وطلاب العلوم السياسية على وجه التحديد، بالقول "تعد المشاريع البحثية من أهم الأدوات التعليمية لتنمية وتطوير مهارات الطلاب، حيث تُعتبر تجربة تعليمية تعتمد على الاستقصاء والاكتشاف وتطبيق المعرفة النظرية. إذ يعمل الطلاب في هذه المشاريع البحثية على استكشاف مواضيع محددة وتطبيق الأساليب البحثية وتحليل البيانات واستنتاج النتائج، مما يسهم في تعزيز قدرتهم الفكرية والعلمي، ويتعلم الطلاب كيفية تحديد المواضيع المناسبة للبحث، جمع المصادر الأكاديمية، وتقييم المعلومات، وكيفية تصميم استراتيجيات البحث ووضع الأسئلة البحثية".

د. عارف السنيدي
د. عارف السنيدي
وأضاف د. السنيدي، في مداخلة قصيرة مع مراسل "الأيام" قائلا "تعمل المشاريع البحثية على تعزيز مهارات التحليل والتفكير النقدي لدى الطلاب، حيث يُطلب منهم تحليل البيانات وتقييمها بشكل منهجي واستنتاج النتائج، وهذا يساعدهم في تطوير قدرتهم على فهم الظواهر المعقدة وتقديم الرؤى العميقة حولها، بالإضافة إلى ذلك، تُعلم المشاريع البحثية الطلاب العمل الجماعي بينهم، والاعتماد على الذات، والثقة بالنفس، والاستغلالية الأكاديمية، وربط الموضوعات، وصياغة الأفكار، وغيرها من المهارات الضرورية للطلاب".

بشار السليماني
بشار السليماني
لطلاب العلوم السياسية بجامعة عدن رأي في مسألة البحوث والمشاريع العملية التي ترافق محاضراتهم النظرية، ولديهم فكرة عن أهمية تلك البحوث، إذ يقول الطالب، بشار مطيع السليماني، إن "للبحث العلمي أهمية كبيرة في الحصول على مكانة مرموقة في المجتمع الذي يعيش به، كما أنه يمكّن الباحث من الوصول إلى المنصب الوظيفي الذي سيحققه في مكان عمله - الترقية، كما يساهم في تنمية قدرات الباحث على التحليل والتفكير الناقد، وزيادة ثقة الباحث في افتراضاته العلمية خاصة بعد إثبات تلك الفرضيات ونفي الشكوك".

ويضيف "تُعد مهارات البحث العلمي للطالب جزءً حيويًا من عملية الكتابة، لأنها تمكّن الطالب الباحث من العثور على المعلومات وإنشاء مخطوط تفصيلي لمشاريعهم الكتابية، لذلك الطالب في هذا المجال (كتابة البحوث العلمية) لابد من تطوير مهاراته في البحث والصياغة".

"خاص الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى