مجالس القرآن الأسرية

> كم من أبٍ، أو أمِّ تعبت وراء السراب؛ بحثًا عن منهج قويم لتربية الأبناء، والبنات، فتستغرق ما شاء الله من الأيام، في المطالعات للكتب التربوية، والمتابعات للبرامج التلفزيونية، والإعلامية، مسائلةً هذا العالم، أو ذاك، وقاصدةً الأخصائيين هنا، أو هناك؛ للحصول على وصفة تداوي بها انحراف أبنائها، وتمرد بناتها، أو تعنت زوجها، وقسوة حماتها… إلخ! حتى إذا قيل لها ما قيل، وكانت النظريات ذات اصطلاح أنيق، والكلمات ذات ألوان، وبريق؛ أخذتها فرحة مسرورة كأنما عثرت على كنز ثمين، لكنها عندما تشرع في التطبيق والتجريب لا تجد من مفهوم التربية فيها إلا السراب.

وإنما هي كلمات جوفاء، ونظريات خرقاء، لا تسمن ولا تغني من جوع! وعجبًا لمن يطلب العلاج النفسي، والحل الاجتماعي في أقصى الدنيا، وأبعد الحدود، وهذا الشفاء الرباني أقرب إليه من حبل الوريد: القرآن!

فهل عرفت حقيقة ما معنى القرآن؟! هل حاولت اكتشاف عالم القرآن؟! ذلك هو السؤال الْمُرُّ! الذي يظن أغلب الناس أنهم على قدرة للإجابة عنه بالإيجاب، ولكن أكثرهم -مع الأسف- أبعد ما يكونون عن الصواب! وليس كتدارس القرآن وتلاوته شيء أنفع وأجدى -في العالم كله- لتمتين العلاقات الزوجية، ورعاية الطفولة، وتربية الشباب. وإن بيتًا يُتَدارَسُ فيه القرآن، ويتلى لَهُوَ بيتٌ لا يسكنه الشيطان أبدًا.

فإذا قرأت القرآن؛ فاجتهد فيه؛ كأن تختمه مثلًا كل خمسة أيام، أو في كل ثلاثة أيام، والأفضل للإنسان أن يجعل له حزبًا يوميًّا يقرؤه بعد العشاء، أو بعد الفجر، أو بعد العصر، وهكذا. لا بد أن تبقى معك آثار هذا القرآن بقية السنة، ويحبب إليك كلام الله، فتجد له لذة، وحلاوة، وطلاوة، وهنا لن تمل من استماعه، كما لن تمل من تلاوته.

هذه سمات وصفات المؤمن الذي يجب أن يكون من أهل القرآن، الذين هم أهل الله تعالى، وخاصته.

أما قراءة القرآن في الصلاة: فقد ذكرنا أن السلف كانوا يقرؤون في الليل فرادى ومجتمعين قراءة كثيرة، فقد ذكروا أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان يختم في الليل ختمة، وفي النهار ختمة، في غير الصلاة؛ لأنه يقرأ في الصلاة زيادة على ذلك.

وقد يستكثر بعض الناس ذلك، ويستبعدونه، وأقول: إن هذا ليس ببعيد، فقد أدركت أناسًا يقرؤون من أول النهار إلى أذان صلاة الجمعة أربعين جزءًا في مجلس واحد. يقرأ، ثم يعود فيقرأ، يختم القرآن ثم يعود، فيختم ثلث القرآن، فليس من المستبعد أن يختم الشافعي في النهار ختمة، وفي الليل ختمة.

ولا يستغرب ذلك أيضًا على الذين سهل القرآن في قلوبهم، وعلى ألسنتهم، فلا يستبعده إلا من لم يعرف قدر القرآن، أو لم يذق حلاوته في قلبه.

فهذا هو القصد من هذه الآية، ولكن لا ينافي ذلك بأننا مأمورون أن نتدبر كل ما قرأنا كما أمرنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى