الإمام محمد بن إدريس الشافعي

> اليوم أعزاءنا القراء مع ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، الإمام الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي الشافعي، وُلد في غزة، ومات أبوه في طفولته فعاش يتيماً، وانتقل مع أمه بعد وفاة أبيه إلى مكة وهو ابن عامين،وهو من أقرب الأئمة الأربعة لبيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو قرشي.

*رحلة الإمام الشافعي في طلب العلم

ارتحل الإمام الشافعي إلى المدينة المنورة وهو في العشرين من عمره، وقد كان في ذلك الحين مُفتياً مُؤهلاً للإمامة، وكان قد حفظ موطأ الإمام مالك، وضبط قواعد السنة، وفهم مقاصدها وعلم الناسخ والمنسوخ منها، وقد ضبط قواعد القياس والموازين، وتلقّى العلم على يد شيوخ كثر متفرقين في بلاد مختلفة، وقد أخذ عنهم في أثناء ترحاله.

ومن شيوخه: سفيان بن عيينة، مسلم بن خالد الزنجى، سعيد بن سالم القداح، مالك بن أنس، داود بن عبد الرحمن العطار، إبراهيم بن سعد الأنصاري وغيرهم الكثير.

واستمر في الترحال وطلب العلم، فذهب إلى اليمن وبغداد مرتين وأسّس مذهبه فيها، وقد ارتحل إلى مصر وبقي فيها عدة سنوات.

وقد صنّف الكثير من التصانيف، ودوّن الكثير من العلم، وكتب مصنفات في أصول الفقه وفروعه، وقد ذاع صيته في ذلك الوقت وكثر عدد الطلبة عنده، فكلهم أرادوا أن يتعلموا من بحر العلم الذي كان عنده.

*منجزات الإمام الشافعي العلمية

أسس الإمام الشافعي مذهباً خاصاً به يدعى المذهب الشافعي، فبعد أن أقام في بغداد مدة طويلة أراد أن يخرج للناس مذهباً يجمع فقه أهل العراق مع أهل المدينة، وقد دوّن مذهبه في ثلاثة بلدان على ثلاث مراحل حسب مكان تواجده، وفي كل منها ثلاميذه الذين تلقّوا العلم على يديه، وهذه البلدان على الترتيب هي: مكة المكرمة بعد أن عاد إليها، ثم بغداد بعد أن سافر إليها للمرة الثانية ليجلس إليه العلماء فيها أمثال الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ثم ارتحل إلى مصر.

ومن الجدير بالذكر أن الإمام الشافعي عندما ذهب إلى مصر كان قد نضج فكره وزادت خبرته واختبر العمل بمذهبه، وهذا أدى إلى ظهور آراء جديدة لديه وحذف بعض الآراء القديمة، وقد ألّف الإمام الشافعي -رحمه الله- العديد من الكتب والمصنّفات، كما أنه أوّل من دوّن علم أصول الفقه ومن هذه الكتب:

كتاب الرسالة، وهو أول كتاب كُتب في علم أصول الفقه، وكتاب جماع العلم، وكتاب إبطال الاستحسان، وكتاب أحكام القرآن، بالإضافة إلى غيرها الكثير من الكتب القيمة التي أثْرت علم الفقه، وأرشدت الفقهاء إلى هذا السبيل.

*أخلاق وصفات الإمام الشافعي

كان الشافعي يتصف بمكارم الأخلاق وحسن المعاملة، وشهد له كثيرون في ذلك، فقد كان صاحب علم وخلق، ومن صفاته وأخلاقه: كان يتصف بالذكاء الشديد وقد قيل عنه: "لو وُزن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجحهم"، وقال المأمون عن الشافعي: "امتحنته في كل شيء فوجدته كاملاً".

وقد قال أحمد بن حنبل عنه: "كان الفقه قفلا على أهله، حتى فتحه الله بالشافعي"، وقد كان الشافعي فيلسوفاً في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني والفقه.

كان يتصف بالورع، والتواضع، والسخاء وحسن الخلق، والفراسة والفطنة.

توفيّ الإمام الشافعي سنة 150هـ-204هـ، وقد مات الإمام الشافعي -رحمه الله- في مصر وكان عمره أربعاً وخمسين سنة، بعد أن ارتحل إليها سنة 199هـ، فعاش فيها مدة خمس سنوات، ثم مرض واشتد عليه المرض وتوفي على إثره.

وقد سأله أحدهم عن حاله وهو في مرض موته فقال: يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ فرفع رأسه، وقال: "أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مُفارقاً، ولسوء فعالي ملاقياً، وعلى الله وارداً، ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها، ثم بكى وقال هذه الأبيات":

ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا من نحو عفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما فإن تنتقم مني فلست بآيس ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما فلولاك لم يغو بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما وإني لآتي الذنب أعلم قدره وأعلم أن الله يعفو ترحما ملخص المقال. غدا أن شاء نقف أمام الطَّود العظيم أمه فاطمة الأزدية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى